نية المأمـوم الائتـمام
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أمَّا بعدُ:
فإن من مسائل الإمامة في الصلاة ما يتعلق بنية المأموم الإمامة، فلقد اتفق أهلُ المذاهب الأربعة على أنَّ المأمومَ لا بُدَّ أن ينوي أنه مؤتم فإن لم يفعل كان منفرداً، ولم تنعقد جماعته، ومن أقوالهم في ذلك:
قال النووي وهو شافعي المذهب: “الشرط الرابع: نية الاقتداء، فمن شروط الاقتداء أن ينوي المأموم الجماعة أو الاقتداء، وإلا فلا تكون صلاته صلاة جماعة، وينبغي أن يقرن هذه النية بالتكبير كسائر ما ينويه، فإن ترك نية الاقتداء انعقدت صلاته على الأصح”(1) أي انعقدت صلاة فرد وليس صلاة جماعة.
وقال خليل في مختصره وهو مالكي: “وشروط الاقتداء نيته”.(2)
وقال عبد الرحمن بن عمر بن قدامة وهو حنبلي: “يشترط أن ينوي أنه إمام، والمأموم أنه مأموم؛ لأن الجماعة يتعلق بها أحكام وجوب الاتباع، وسقوط السهو عن المأموم، وفساد صلاته بفساد صلاة إمامه، وإنما يتميز الإمام عن المأموم بالنية، فكانت شرطاً لصحة انعقاد الجماعة”.(3)
ويقول منصور البهوتي: “(ومن شروط الجماعة أن ينوي الإمام والمأموم حالهما) بأن ينوي الإمام الإمامة، وينوي المأموم الائتمام فرضاً ونفلاً لقوله ﷺ : وإنما لكل امرئ ما نوى(4) (فينوي الإمام أنه مقتدى به، وينوي المأموم أنه مقتدٍ) كالجمعة؛ لأن الجماعة تتعلق بها أحكام وجوب الاتباع، وسقوط السهو عن المأموم، وفساد صلاته بفساد صلاة إمامه، وإنما يتميز الإمامُ عن المأموم بالنية، فكانت شرطاً لصحة انعقاد الجماعة”.(5)
فتبين من خلال كلام العلماء أصحاب المذاهب أن نية المأموم بالائتمام هي من شروط انعقاد الجماعة، وتكون النية بالقلب، والتلفظ بها من البدع المحدثة، ومن الخطأ قول بعضهم بصوت مرتفع: نويت أن أصلي فرض الظهر أربع ركعات مؤتماً لله تعالى أو نحو ذلك.
فينبغي للمأموم أن ينوي الائتمام بالإمام عند قيامه لصلاة الجماعة؛ كما سبق نقل ذلك عن علماء المذاهب.
وصلى الله على نبينا، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين.