صلاة المأموم قاعداً

صلاة المأموم قاعداً

الحمد لله، الصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإنه قد يضطر المسلم للصلاة جالساً لأسباب كثيرة قد تعرض له، وهذا الأمر من رخص الشرع التي رخص للمسلم في فعلها، ورفع الحرج والعنت والمشقة عنه فيها، فأجاز الشارع الحكيم لمن اضطر أو ترخص في القعود، وترك القيام أن يصلي قاعداً سواء كان إماماً، أو كان مأموماً، ولكن سنتحدث في هذا المقام عما لو صلى الإمام قاعداً فماذا يفعل المأموم؟!

قد ثبت في البخاري ومسلم أن النبي  صلى في بيته وهو شاكٍ1فصلّى جالساً، وصلى وراءه قوم قياماً، فأشار إليهم: أن اجلسوا، فلما انصرف قال: إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً أجمعون رواه الشيخان من حديث عائشة – رضي الله عنها -.

ففي هذا الحديث رخصة للمريض – ولو كان إماماً – أن يصلي قاعداً، وخاصة إذا لم يوجد إمام آخر يخلفه في الصلاة كأن يكون الحاضرون من عوام الناس، أو أن الإمام إمام راتب، أو أنه إمام المسلمين العام!!.

وأما الأسباب الداعية إلى ترك القيام فإنها كما سبق الإشارة إليه تعود في مجملها إلى سببين هما: العجز في المرض أو غيره كاضطرار عدو له، أو للأخذ بالرخصة وذلك في صلاة النافلة، كما ثبت عنه  حين سأله عمران بن حصين  عن الصلاة وكانت به بواسير، فقال  : صلِّ قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب رواه البخاري. 

والعلماء متفقون على أن القيام فرض في صلاة الفريضة، لا يسقطه إلا المرض، أو الاضطرار، فمن لم يقدر على القيام في صلاة الفرض لمرض أصابه، أو عدو ألجأه إلى القعود كالذين يسجنهم الظلمة في سجون لا تمكنهم من القيام؛ فإنه يصلي قاعداً، فإن لم يستطع فعلى جنب.

أما في النفل: فلو صلى الإمام قاعداً في الصلاة المسنونة فإن ذلك يجوز له، لكن أجره أقل من أجر من صلى قائماً لقوله  : صلاة الرجل قاعداً نصف الصلاة رواه البخاري ومسلم.

ويكون الأجر كاملاً لمن صلى في الفرض قاعداً لعذر شرعي يمنع من القيام، وكذا في النفل؛ لأن الإنسان يكتب له ما كان يعمله إذا منعه من ذلك عذر، فمن كان يصلي صلاة معلومة من النوافل، أو يصوم أياماً معلومة ثم مرض، أو منعه مانع من ذلك كسفر أو غيره؛ يكتب له الأجر كما لو كان صحيحاً مقيماً لما ثبت عن أبي موسى  أن النبي  قال: إذا مرض العبد أو سافر كتب لله له ما كان يعمله وهو صحيح مقيم رواه البخاري.

ومن الأدلة على جواز الصلاة قاعداً لعذر: أن النبي  خرج في مرضه الذي توفي فيه، فأتى المسجد فوجد أبا بكر  قائماً يصلي بالناس، فاستأخر أبوبكر  فأشار إليه رسول الله  أن كما أنت، فجلس رسول الله  إلى جنب أبي بكر  ، فكان أبو بكر  يصلي بصلاة رسول الله  ، وكان الناس يصلون بصلاة أبي بكر  . وهو دليل مسألتنا وهي: ما لو صلى الإمام قاعداً فهل يصلي المأمومون خلفه قعوداً أم قياماً؟!

وقد سبق الحديث عن هذه المسألة تحت عنوان (متابعة الإمام) لكن نعيدها هنا بشيء من التفصيل وذلك مما ذكره الحافظ في الفتح: فقال: (2وَاسْتُدِلَّ بِهِ (أي بهذا الحديث) عَلَى صِحَّة إِمَامَة الْقَاعِد الْمَعْذُور بِمِثْلِهِ وَبِالْقَائِمِ أَيْضًا، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ مَالِك فِي الْمَشْهُور عَنْهُ، وَمُحَمَّد بْن الْحَسَن فِيمَا حَكَاهُ الطَّحَاوِيُّ، وَنُقِلَ عَنْهُ أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ  وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ جَابِر عَنْ الشَّعْبِيّ مَرْفُوعًا “لا يَؤُمَّنَّ أَحَد بَعْدِي جَالِسًا”) وهو حديث ضعيف لأنه من رواية جابر الجعفي عن الشعبي، ثم هو مرسل غير موصول، ولذلك اعترض الشافعي استدلال مالك به فقال: “قَدْ عَلِمَ مَنْ اِحْتَجَّ بِهَذَا أَنْ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ مُرْسَل، وَمِنْ رِوَايَة رَجُل يَرْغَب أَهْل الْعِلْم عَنْ الرِّوَايَة عَنْهُ يَعْنِي جَابِرًا الْجُعْفِيَّ”، ثم قال الحافظ: “وَحَكَى عِيَاض عَنْ بَعْض مَشَايِخهمْ أَنَّ الْحَدِيث الْمَذْكُور (حديث ” لَا يَؤُمَّنَّ أَحَد بَعْدِي جَالِسًا”) يَدُلّ عَلَى نَسْخ أَمْره الْمُتَقَدِّم لَهُمْ بِالْجُلُوسِ لَمَّا صَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا. (في مرض سقوطه  من على فرسه، وانفكاك قدمه) وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ ذَلِكَ (الحديث المرسل) يَحْتَاج لَوْ صَحَّ إِلَى تَارِيخ، وَهُوَ لَا يَصِحّ، لَكِنَّهُ (عِيَاض) زَعَمَ أَنَّه تَقَوَّى بِأَنَّ الْخُلَفَاء الرَّاشِدِينَ لَمْ يَفْعَلهُ أَحَد مِنْهُمْ، قَالَ (عِيَاض): وَالنَّسْخ لا يَثْبُت بَعْدَ النَّبِيّ ، لَكِنْ مُوَاظَبَتهمْ عَلَى تَرْكِ ذَلِكَ تَشْهَدُ لِصِحَّةِ الْحَدِيث الْمَذْكُور.

وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ عَدَم النَّقْل لا يَدُلّ عَلَى عَدَم الْوُقُوع، ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ لَا يَلْزَم مِنْهُ عَدَم الْجَوَاز لاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونُوا اِكْتَفَوْا بِاسْتِخْلافِ الْقَادِر عَلَى الْقِيَام للاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ صَلاة الْقَاعِد بِالْقَائِمِ مَرْجُوحَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى صَلاة الْقَائِم بِمِثْلِهِ، وَهَذَا كَافٍ فِي بَيَان سَبَب تَرْكِهِمْ الْإِمَامَةَ مِنْ قُعُود، وَاحْتُجَّ أَيْضًا بِأَنَّهُ  إِنَّمَا صَلَّى بِهِمْ قَاعِدًا لأَنَّهُ لا يَصِحّ التَّقَدُّم بَيْنَ يَدَيْهِ، لِنَهْيِ اللَّه عَنْ ذَلِكَ، وَلأَنَّ الأَئِمَّة شُفَعَاء، وَلا يَكُون أَحَد شَافِعًا لَهُ، وَتُعُقِّبَ بِصَلاتِهِ  خَلْفَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف  وَهُوَ ثَابِت بِلا خِلاف).

(وَقَدْ تَبَيَّنَ بِصَلاتِهِ خَلْفَ عَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف  أَنَّ الْمُرَاد بِمَنْعِ التَّقَدُّم بَيْنَ يَدَيْهِ فِي غَيْر الإِمَامَة، وَأَنَّ الْمُرَاد بِكَوْنِ الأَئِمَّة شُفَعَاء أَيْ فِي حَقّ مَنْ يَحْتَاج إِلَى الشَّفَاعَة، ثُمَّ لَوْ سُلِّمَ أَنَّهُ لا يَجُوز أَنْ يَؤُمَّهُ أَحَد لَمْ يَدُلّ ذَلِكَ عَلَى مَنْع إِمَامَة الْقَاعِد).

(وَقَدْ أَمَّ قَاعِدًا جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة بَعْدَهُ  مِنْهُمْ أُسَيْدُ بْن حُضَيْرٍ، وَجَابِر، وَقَيْس بْن قَهْد، وَأَنَس بْن مَالِك، وَالأَسَانِيد عَنْهُمْ بِذَلِكَ صَحِيحَة أَخْرَجَهَا عَبْد الرَّزَّاق، وَسَعِيد بْن مَنْصُور، وَابْن أَبِي شَيْبَة وَغَيْرهمْ، بَلْ اِدَّعَى اِبْن حِبَّانَ وَغَيْره إِجْمَاع الصَّحَابَة عَلَى صِحَّة إِمَامَة الْقَاعِد). وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن الْعَرَبِيّ: (لا جَوَاب لأَصْحَابِنَا عَنْ حَدِيث مَرَض النَّبِيّ  يَخْلُص عِنْدَ السَّبْك، وَاتِّبَاع السُّنَّة أَوْلَى، وَالتَّخْصِيص لا يَثْبُت بِالاحْتِمَالِ).

(وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى نَسْخ الأَمْر بِصَلاةِ الْمَأْمُوم قَاعِدًا إِذَا صَلَّى الإِمَام قَاعِدًا لِكَوْنِهِ  أَقَرَّ الصَّحَابَة عَلَى الْقِيَام خَلْفَهُ وَهُوَ قَاعِد، هَكَذَا قَرَّرَهُ الشَّافِعِيّ )…(كأنهم يقولون أن حديث مسألتنا نسخ قوله عليه الصلاة والسلام وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً) “وَبِذَلِكَ يَقُول أَبُو حَنِيفَة، وَأَبُو يُوسُف، وَالأَوْزَاعِيُّ، وَحَكَاهُ الْوَلِيد بْن مُسْلِم عَنْ مَالِك …) (وقد) (أَنْكَرَ أَحْمَد نَسْخَ الأَمْر الْمَذْكُور بِذَلِكَ، وَجَمَعَ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِتَنْزِيلِهِمَا عَلَى حَالَتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: إِذَا اِبْتَدَأَ الإِمَام الرَّاتِب الصَّلاة قَاعِدًا لِمَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ فَحِينَئِذٍ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ قُعُودًا.

ثَانِيَتُهُمَا: إِذَا اِبْتَدَأَ الإِمَام الرَّاتِب قَائِمًا لَزِمَ الْمَأْمُومِينَ أَنْ يُصَلُّوا خَلْفَهُ قِيَامًا سَوَاء طَرَأَ مَا يَقْتَضِي صَلاة إِمَامهمْ قَاعِدًا أَمْ لا كَمَا فِي الأَحَادِيث الَّتِي فِي مَرَضِ مَوْت النَّبِيّ   فَإِنَّ تَقْرِيره لَهُمْ عَلَى الْقِيَام دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لا يَلْزَمهُمْ الْجُلُوس فِي تِلْكَ الْحَالَة لأَنَّ أَبَا بَكْر اِبْتَدَأَ الصَّلاة بِهِمْ قَائِمًا، وَصَلَّوْا مَعَهُ قِيَامًا، بِخِلافِ الْحَالَة الأُولَى فَإِنَّهُ  اِبْتَدَأَ الصَّلاة جَالِسًا، فَلَمَّا صَلَّوْا خَلْفَهُ قِيَامًا أَنْكَرَ عَلَيْهِمْ، وَيُقَوِّي هَذَا الْجَمْع أَنَّ الأَصْل عَدَم النَّسْخ، لا سِيَّمَا وَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَة يَسْتَلْزِم دَعْوَى النَّسْخ مَرَّتَيْنِ، لأَنَّ الأَصْل فِي حُكْم الْقَادِر عَلَى الْقِيَام أَنْ لا يُصَلِّيَ قَاعِدًا، وَقَدْ نُسِخَ إِلَى الْقُعُود فِي حَقّ مَنْ صَلَّى إِمَامه قَاعِدًا، فَدَعْوَى نَسْخ الْقُعُود بَعْدَ ذَلِكَ تَقْتَضِي وُقُوع النَّسْخ مَرَّتَيْنِ وَهُوَ بَعِيدٌ، وَأَبْعَدُ مِنْهُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ نَقْل عِيَاض فَإِنَّهُ يَقْتَضِي وُقُوع النَّسْخ ثَلاث مَرَّات (الأول: نسخ حكم القادر على القيام أن لا يصلي قائماً إذا جلس إمامه، والثاني نسخ هذا الحكم بإقراره عليه الصلاة والسلام لصلاة الصحابة خلفه قياماً وهو جالس، الثالث نسخ هذا الحكم بحديث لَا يَؤُمَّنَّ أَحَد بَعْدِي جَالِسًا).

وَقَدْ قَالَ بِقَوْلِ أَحْمَد جَمَاعَة مِنْ مُحَدِّثِي الشَّافِعِيَّة كَابْنِ خُزَيْمَةَ، وَابْن الْمُنْذِر، وَابْن حِبَّانَ، وَأَجَابُوا عَنْ حَدِيث الْبَاب بِأَجْوِبَةٍ أُخْرَى مِنْهَا: قَوْل اِبْن خُزَيْمَةَ: (إِنَّ الْأَحَادِيث الَّتِي وَرَدَتْ بِأَمْرِ الْمَأْمُوم أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا تَبَعًا لِإِمَامِهِ لَمْ يُخْتَلَف فِي صِحَّتِهَا وَلَا فِي سِيَاقهَا، وَأَمَّا صَلَاته  قَاعِدًا فَاخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ كَانَ إِمَامًا أَوْ مَأْمُومًا) (وَمَا لَمْ يُخْتَلَف فِيهِ لَا يَنْبَغِي تَرْكه لِمُخْتَلَفٍ فِيهِ).

(وَمِنْهَا أَنَّ بَعْضهمْ جَمَعَ بَيْنَ الْقِصَّتَيْنِ بِأَنَّ الأَمْر بِالْجُلُوسِ كَانَ لِلنَّدْبِ، وَتَقْرِيره قِيَامهمْ خَلْفَهُ كَانَ لِبَيَانِ الْجَوَاز، فَعَلَى هَذَا الأَمْر مَنْ أَمَّ قَاعِدًا لِعُذْرٍ تَخَيَّرَ مَنْ صَلَّى خَلْفَهُ بَيْنَ الْقُعُود وَالْقِيَام، وَالْقُعُود أَوْلَى لِثُبُوتِ الأَمْر بِالائْتِمَامِ، وَالاتِّبَاع، وَكَثْرَة الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِكَ).

(وَقَدْ اِدَّعَى اِبْن حِبَّانَ الإِجْمَاع عَلَى الْعَمَل بِهِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ السُّكُوت، (أي الإجماع السكوتي) لأَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ أَرْبَعَة مِنْ الصَّحَابَة (وهُمْ: قَيْس بْن قَهْد بِفَتْحِ الْقَاف وَسُكُون الْهَاء الْأَنْصَارِيّ، وأُسَيْدِ بْن حُضَيْرٍ، وجَابِر، وأَبو هُرَيْرَة) وَقَالَ: إِنَّهُ لا يُحْفَظُ عَنْ أَحَد مِنْ الصَّحَابَة غَيْرِهِمْ الْقَوْل بِخِلافِهِ لا مِنْ طَرِيق صَحِيح وَلا ضَعِيفٍ، وَكَذَا قَالَ اِبْن حَزْمٍ إِنَّهُ لا يُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَة خِلَافُ ذَلِكَ).

وقد استفار بعضهم (نَسْخ الأَمْر بِوُجُوبِ صَلاة الْمَأْمُومِينَ قُعُودًا إِذَا صَلَّى إِمَامهمْ قَاعِدًا لأَنَّهُ  لَمْ يَأْمُرهُمْ فِي هَذِهِ الْمَرَّة الأَخِيرَة بِالإِعَادَةِ، لَكِنْ إِذَا نُسِخَ الْوُجُوب يَبْقَى الْجَوَاز، وَالْجَوَاز لا يُنَافِي الاسْتِحْبَاب، فَيُحْمَلُ أَمْرُهُ الأَخِير بِأَنْ يُصَلُّوا قُعُودًا عَلَى الاسْتِحْبَاب لأَنَّ الْوُجُوب قَدْ رُفِعَ بِتَقْرِيرِهِ لَهُمْ، وَتَرْك أَمْرهمْ بِالإِعَادَةِ، هَذَا مُقْتَضَى الْجَمْع بَيْنَ الأَدِلَّة، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيق، وَاللَّهُ أَعْلَم، انتهى من كلام الحافظ في الفتح كتاب الأذان باب إنما جعل الإمام ليؤتم به.

الخلاصة:

وبعد هذا العرض السريع يتبن لنا ما يلي:

1. جواز صلاة الإمام قاعداً لعذر في صلاة الفرض، وجوازه مطلقاً للإمام والمأموم والمنفرد في صلاة النفل.

2. تحريم القعود في الفرض لغير عذر شرعي، وجوازه في النفل من غير عذر مع نقص الأجر.

3. صلاة المأموم خلف الإمام القاعد نخلص منها بعد الترجيح إلى أنه: تصح صلاته خلفه قائماً أو قاعداً، أما قاعداً فللسنة، وهو أَوْلَى لِثُبُوتِ الْأَمْر بِالائْتِمَامِ وَالاتِّبَاع، وَكَثْرَة الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِكَ، وأما قائماً فعلى أصل الوجوب بالقيام في صلاة الفرض، وأن الأفضل الجمع بين الأحاديث عند إمكان الجمع لا إلغاء بعضها؛ ولذلك: إذا بدأ الإمام الصلاة قائماً استحب لمن خلفه الصلاة قياماً، وإن حصل له طارئ أثناء الصلاة فعجز عن القيام وجلس فإنهم يتمون الصلاة خلفه قياماً .. وإن بدأ الصلاة قاعداً صلوا قعوداً… وأخذ بهذا الجمع من المعاصرين العلامة محمد بن صالح العثيمين فقال: لو حدث لإمام الحي علة في أثناء الصلاة أعجزته عن القيام فأكمل صلاته جالساً؛ فإن المأمومين يتمونها قياماً، وهذا لا شك أنه جمع حسن واضح، وعلى هذا إذا صلى الإمام بالمأمومين قاعداً من أول الصلاة فليصلوا قعوداً، وإن صلى بهم قائماً ثم أصابته علة فجلس فإنهم يصلون قياماً، وبهذا يحصل الجمع بين الدليلين، والجمع بين الدليلين إعمال لهما جميعاً.3

نسأل الله أن يلهمنا رشدنا، ويفقهنا في ديننا، ويهدينا سواء السبيل

والله أعلم


1من الشكاية وهي المرض.

2– ليس من كلام الحافظ – رحمة الله – إلا ما كان بين هذه الأقواس ( ).

3– الشرح الممتع (4 /327-328).