إلا تنصروه فقد الله

إلا تنصروه فقد نصره الله

 

إلا تنصروه فقد نصره الله

 

الحمد لله الواحد الأحد، الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، أحمده حمداً لا يحد وأشكره شكراً لا يعد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:

فإن الحاقدين على الإسلام وأهله يهدفون دائماً إلى تشويه الدين الإسلامي بكل ما يملكون من وسائل إعلامية وبرامج تعليمية ويبرزون هذا الدين على أنه دين الإرهاب، وأنه ينشر الفوضى بين الأمم، لكن الحقيقة أن هؤلاء ناقمون على نبي الله محمد-صلى الله عليه وسلم- وشريعته، وناقمون على أتباعه، وما يتميزون به من مميزات سواء في الجانب السلوكي المستقاة من ذلك الدين القويم، أو المميزات في الجوانب الحياتية الأخرى؛ لذلك كله فإنهم يسعون بوسائل شتى إلى الإساءة إلى هذا الدين وأتباعه دون مراعاة لمشاعر وأحاسيس المسلمين، حتى وصل بهم الأمر إلى الإساءة لشخص النبي- صلى الله عليه وسلم-،إضافة إلى ما يقومون به من أذيةٍ للمسلمين بسفك دمائهم واحتلال أراضيهم، وأخذ أموالهم وتدنيس مقدساتهم تحت مسميات زائفة يضحكون بها على الناس، فإذا ما دافع شخص أو شعب عن حقه المغتصب سمي إرهابياً ومعقداً وسفاكاً للدماء وأن هذا التصرف ليس حضاريا وأنه دليل التخلف والظلم، وعدم الرحمة والشفقة على الإنسانية وأن هذا كله تعلمه المسلمون من نبيهم الذي عاش سفاكا للدماء طالما لا يعيش إلا للسيف وبالسيف- كما يزعمون-، وبهذه الترهات هم في حقيقة الأمر يهدفون إلى تنفير الناس وإبعادهم عن الإسلام بوسائل الترهيب منه تارة ، وبالترغيب فيما سواه تارة أخرى، والسبب في ذلك كله أنهم رأوا تدفق الناس إلى الإسلام واعتناقهم له بشكل كبير وملفت، بحيث أن ذلك يؤدي إلى اتساع رقعة الإسلام وهذا بحد ذاته يشكل خطورة على دياناتهم ومبادئهم الفاسدة المستقاة من الشيطان الرجيم ..نعم ..كل دعاياتهم القبيحة هذه هي في الحقيقة دعوة منهم لترك هذا الدين وزرع للحقد والبغضاء لمحمد- صلى الله عليه وسلم- وأتباعه في قلوب الناس، بحجج واهية هم يعلمون كذبهم فيها، ولا عجب من أن يكون هذا دأبهم في ادعاءاتهم في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإن هذا هو نفسه دأب أجدادهم المستشرقين من قبل الذين كانوا يروجون أن محمدا ًسفاكاً للدماء ،وأنه إرهابي، وأن دينه لم ينتشر إلا بالقتل وأنه شهواني، همه النساء..وغير ذلك من الخزعبلات والافتراءات الباطلة …فسبحان الله العظيم.

    وإن مما نشره بعض هؤلاء الممسوخين الحاقدين في الآونة الأخيرة تلك الرسوم التي دعت الجريدة الدنمركية الرسامين لرسمها، ونشرتها على صفحاتها، والتي كان منها صورة لرسول الله – صلى الله عليه وسلم- يظهر فيها مرتدياً عمامة تشبه قنبلة ملفوفة حول رأسه.

إن تلك الصورة لا تمثل رسول الله محمداً-صلى الله عليه وسلم-لا في رسمها، ولا في رمزها وذلك لما سيأتي بيانه وعرضه من حقيقة تلك الشخصية الشريفة التي يعرفها أولئك علم اليقين لكنهم ادعوا ما ادعوه ظلماً وجوراً ومكابرة وإيقاداً لقلوب المؤمنين الذين من صفاتهم الغيرة على دينهم ونبيهم ومقدساتهم مهما كلفهم الأمر.

    إن الرجل العاقل والمنصف، ولوكان معاديا لطرف من الأطراف أودين من الأديان فإن عقله السوي يقوده إلى التأمل والبحث فيما يطرح، وينظر في صحة ما يدعيه المدعي دون التسرع بالحكم على أحد أو فعل ما يلهب المشاعر ويوقد نار الغيرة للطرف الآخر، إلا أن يكون ليس ذا منهج يستحق المنافحة من أجله بالأدلة والبراهين المعقولة التي يمكن عرضها ومناقشتها. 

     إن الذي يحدث الآن ليس إلا مجرد ضعف وخور وفقدان للحجة، إضافة إلى الحقد المتغلغل في النفوس الخبيثة، ولهذا كله فهذه –أولاً- دعوة لمن هم ليسوا من المسلمين للتأمل والتحري في شخصية محمد بن عبد الله _صلى الله عليه وسلم –ذلك النبي الكريم الذي ختم الله به الرسالات السماوية، وهو أفضل الأنبياء والمرسلين الذي وصفه ربه الرحمن جل وعلا بقوله: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}  سورة القلم (4)، وقال سبحانه: {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}  سورة التوبة (128) .

    أيها الشعب الدنمركي وغيره من الشعوب النصرانية وغيرهم من أمم الأرض: إن نشر مثل هذه السخريات ما هي إلا افتراء وكذب على دين الإسلام وعلى رسول الإسلام محمدٍ-صلى الله عليه وسلم-، فمحمد هو أفضل خلق الله وهو أطهر وأزكى عباد الله ولن يُنقِصَ من قدرِه وفضله مثل هذه السخريات؛ لأن من وصفه بذلك الفضل والشرف وأنه رسول رحمة لا رسول حقد وتدمير هو ربه وخالقه البارىء جل وعلا قال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (107) سورة الأنبياء.

ثم ليعلم الجميع أن الله سيتولى الدفاع عن سمعته – صلى الله عليه وسلم- ولو لم يدافع عنه أحد من البشر،كما دافع عنه من كفار قريش، فقد روى البخاري في صحيحه عنه –صلى الله عليه وسلم قال: (ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش ولعنهم، يشتمون مذمَّماً ويلعنون مذمماً، وأنا محمد)(1)

قوله:(يصرف الله عني) أي لعنهم وشتمهم فلا يصيبني لأنهم يلعنون ويشتمون غيري الذي يسمى "مذمما"،بينما اسمي: محمد، وكان كفار قريش لشدة كراهتهم له صلى الله عليه وسلم لا يسمونه باسمه الدال على المدح فيعدلون إلى ضده فيقولون"مُذمَّم"وهو ليس اسمه ولا معروفا به فكان الذي يقع منهم مصروفا إلى غيره بالبداهة فيحصل ضد قصدهم ويرد الله تعالى كيدهم في نحرهم ليموتوا في غيظهم(2).

 

أخلاق النبي – عليه الصلاة والسلام-:

    كان الرسول الأكرم محمد – صلى الله عليه وسلم- المثل الأعلى في حُسن الخلق الذي استطاع من خلاله أن يملك العقول والقلوب، واستحقّ بذلك ثناء الله تعالى عليه بقوله عزَّ من قائل: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (4) سورة القلم، وكان منطقه تعبيراً واضحاً عن عظمة رسالته حيث يوصي أصحابه بحسن الخلق وحسن معاشرة الناس بشتى أصنافهم حتى في الحروب.

    إن نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية التي أوحاها الله لرسوله – صلى الله عليه وسلم- هي نفسها شاهدة على كذب هؤلاء الدجالين الحاقدين، بل نقول لهم: لولا ما حرَّفتم وبدَّلتم فيما أنزل الله من الكتب على رسلكم – عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام- فإن صفات هذا النبي الكريم وحقيقة ما يدعو إليه وكيفية دعوته هل هي بسفك الدماء وإرهاب الناس؟ وهل أتباعه يورث ما ادعيتموه ظلماً وعدواناً؟ كل ذلك موجود عندكم منذ أن بشر به إخوانه الأولون من الأنبياء والمرسلين، قال سبحانه وتعالى: {وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ}(6) سورة الصفً . وقال جل ثناؤه: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (157) سورة الأعراف.

    كان النبي عليه الصلاة والسلام في تعامله مع الأعداء فضلا عن تعامله مع المسلمين قدوة فلم يكن فاحشاً ولا بذيئاً بل كان القدوة الحسنة لمن حوله يعفو ويصفح عمن أساء إليه، ولقد علم وربى الأمة على تلك الفضائل، ولقد كان يأتيه الأعرابي الجلف ويشد عنقه عليه الصلاة والسلام ويقول: "اعطني من مال الله ليس من مال أبيك ولا من مال أمك" فيتبسم له -عليه الصلاة والسلام- ويعطيه وما يعنفه.  وكان يعلم الناس في الحروب مع الكفار أن لا يؤذوا امرأة ولا شيخاً كبيراً ولا صبياً ولا متعبداً في صومعته، بل علمهم الرفق بالحيوان يا من تدعون أن رفقكم قد اهتم بالحيوانات! والواقع يكذبكم في تعاملكم مع الإنسان، يقول-عليه الصلاة والسلام- معلماً أمته:"إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته"( 3) ،لم يكن يعلم الناس ما ادعاه هؤلاء المتغطرسين من إراقة الدماء وإرهاب الآمنين، بل كان عليه الصلاة والسلام رحيماً حتى بمن ليسوا بمسلمين إذ كان يتمنى إسلامهم لينقذهم بذلك من عذاب الله لأن الله أرسله رحمة لكل الناس – عليه الصلاة والسلام-يقول عنه الله في ذلك: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (107)سورة الأنبياء

 إنك لو نظرت إلى ادعاءات الغربيين في النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين أتباعه نجد أن ما لفقوه فينا وادعوا أننا نتعبد الله به من قتل للأبرياء وغير ذلك مما يصورون أنه من أخلاقيات المسلمين لقلت إنهم هم الكاذبون!

    ولو نظرنا إلى يحدث في كثير من بلدان المسلمين من قتل وتشريد وأكل ثروات الأمة المسلمة واغتصاب للأراضي وهتك للأعراض،، من يفعل كل هذا؟ أليس ذلك من فعل الغرب النصراني؟ سل عن فلسطين وما فيها من ظلم وتعذيب ..سل عن العراق والحرب عليها ودمارها بحجج كاذبة.. سل عن أفغانستان وما حل بها من دمار وتشريد، من قام بهذا كله ؟ أهو محمد وأتباعه؟ أليس الفاعل لهذا كله هم من يتشدقون بالسلام العالمي الذين ليس لهم إلا الكيل بمكيالين! ثم هم ينسبون أعمال الدفاع عن النفس إلى الإرهاب، ويسخرون بمحمد -صلى الله عليه وسلم- بتلك الرسوم التي  بها يتهكمون على الإسلام ونبيه. أين العقلاء المنصفون منكم يا أهل الغرب؟ أين ما تتشدقون به من العدل؟؟ لكن قد قال الله: {مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً} (46) سورة النساء .

 

موقف المسلمين من الاعتداء على نبيهم:

يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "من رأى منكم منكراً فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان"(4).

هذا الحديث الشريف نداء من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأصحاب الغيرة ممن حملهم الله أمانة هذا الدين المتمثلة في إقامة شريعة الله والتي منها شعيرة الدفاع عن ذات الله من الانتقاص والتقول عليه بغير علم، وكذا الدفاع عن ملائكته وكتبه ورسله الذين منهم محمد بن عبد الله -صلى الله عليه وسلم-. يجب على كل صاحب فطرة سليمة، وعقيدة إسلامية غيورة أن يقف في وجه كل من حاول أو يحاول المساس بمقدساته سواء كان مسجدا أو أرضا أو أي شعيرة من شعائر الدين ومن ذلك الدفاع عن الذي شرع الشريعة والذي أتى بها ..نعم ..يجب الدفاع باليد وباللسان وكل بقدر استطاعته، وليعلم كل من لم يحرك ساكنا ولم يغر على نبيه – محمد صلى الله عليه وسلم- وهو يسمع جهارا نهارا شتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في فطرته غبش وفي تدينه خلل وعور وهو على خطر عظيم فليراجع دينه. نعم الدفاع وتبيين الحق واجب على جميع المسلمين ذكورا وإناثا، علماء وولاة أمر وعامة، بالقول وبالفعل، كل بحسب قدرته واستطاعته، أدناها بالقلب، ثم باللسان، ثم باليد، لما ورد في الحديث الآنف الذكر.

    إن الدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من النصرة الواجبة له التي علق الله الفلاح بها بقوله سبحانه: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (157) سورة الأعراف. وأي منكر أعظم من العدوان على مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يستحق دفعه؟!. فلماذا لم نسمع للناس حسا أو صوتاً، ولم نر من يرد على المبطلين إلا من رحم الله؟؟ هل ماتت الغيرة وهل صار التدين عند المسلمين مجرد شعارات تردد؟! يقول الله تعالى: {وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} (72) سورة الأنفال.

    إذا كان المسلمون مطالبين بنصرة إخوانهم المسلمين عند الحاجة، أليس رسول الله أولى بالنصرة وهو الذي أخرجهم من الظلمات إلى النور؟ قال سبحانه: {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} (164) سورة آل عمران. وقال عز وجل: {رَّسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِّيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} (11) سورة الطلاق.

 انظر أيها المسلم إلى هذا النموذج من المسلمين الأوائل الذي يعبر حقيقة عن حبه لرسول الله – صلى الله عليه وسلم-، ويرى ويعتقد أن نفسه لو قدمت فداء لرسول الله هي أهون من أن يصاب رسول الله بشوكة في قدمه، إنه خبيب بن عدي -رضي الله عنه- كان قد قتل خبيب بن عدي أبناء المشركين الذي قتلوا يوم بدر، فلما وضعوا فيه السلاح وهو مصلوب نادوه وناشدوه: أتحب محمداً مكانك؟ فقال: لا والله العظيم ما أحب أن يفديني بشوكة يشاكها في قدمه(5).

ليكن هؤلاء قدوتنا أيها المسلمون إن كنا في إيماننا صادقين. ومن أراد أن ينصره الله في الدنيا والآخرة فعليه بنصر دين الله لأن النصر والفلاح معلق به، ونصرة عرض رسول الله من نصر دين الله، قال سبحانه: {يا أيها الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} وقال عز وجل: {فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (157) سورة الأعراف.

وفق الله الجميع إلى ما يحب ويرضى، وصلى الله على محمد واله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.


1-رواه البخاري برقم3340 (3/1299).  ط : دار ابن كثير ، اليمامة – بيروت

2– جامع الصحيح المختصر للبخاري، (3/1299).  ط : دار ابن كثير ، اليمامة – بيروت.

 3-رواه مسلم رقم57 (3/1548)وأبو داوود رقم 2815(2/109)والترمذي رقم1409(4/23).

4-رواه مسلم رقم (78) (1/69)ط: دار إحياء التراث العربي.

5– انظر المعجم الكبير للطبراني (5/259)ط: مكتبة العلوم والحكم – الموصل 1404ه-