ضوابط في إلقاء الكلمات السريعة أو القصيرة المعروفة بـ ( الخاطرة)
المقدمة:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
إننا نعيش في زمن يتسابق الناس فيه على جودة العرض، وسبل الجذب الآخذة إلى الخير أو الشر. ومن الضروري أن يحتل دعاة الإسلام الذروة في الجودة والحسن لطرق الدعوة إلى الله؛ لأننا نعيش زمن الصراعات، وفي شباب المسلمين صحوة تتطلع في هداية التعليم إلى الأسلوب الأمثل مما دفعني إلى جمع ما تفرق في موضوع البحث من عدة مراجع لتحديد المواصفات الخاصة بالكلمات السريعة المسماة بالخاطرة فأقول:
تختلف المقامات والأحوال، ولذلك قد يقتضي المقام كلمة مطولة أو درساً وما شابه ذلك، وقد يقتضي المقام كلمةً موجزةً قصيرة، وهذا التنوع لا يشك عارفٌ بالسنة الشريفة في وجوده في أيام المصطفى صلى الله عليه وسلم، فعلى سبيل المثال، لو تتبعت كتاباً مثل: (رياض الصالحين) للإمام النووي رحمه الله وهو نموذج متنوع من السنة النبوية لوجدت بعض الأحاديث طويلة إلى حد ما، وبعضها كليمات تُعدُّ على الأصابع، ولا شك أن المقام والحاجة لها دور في الإطالة والقصر، ومن هنا نستطيع أن نقول أن ما يسمى بـ الكلمة السريعة أو )الخاطرة) الآن كان موجوداً من ناحية معناه وحقيقته وإن كان غير معروف بهذه التسمية. وهذه التسمية (الخاطرة) هي من اصطلاحات المتأخرين، ولذلك نريد أن نتعرف على حدود وتعريفات وضوابط ما يُسمَّى بالخاطرة، ونحن لم نجد – بحسب إطلاعنا- من تكلم عن ضوابط الخاطرة مع انتشارها، وسهولتها وحاجة الناس إليها، فحاولنا أن نجمع ما استنبطناه من مواصفاتها وحدودها عسى أن يسهم ذلك في تمييز الخواطر وضبط شأنها، وعدم الخلط بين أصناف الخطاب المتعددة، فإن الخلط بين أصناف الخطاب المختلفة يؤدي إلى مفاسد، من أقلها الإملال وعدم الاستفادة من الكلام، وضبط الأصناف يؤدي إلى وضع الأمور في نصابها، ومراعاة المقام. فنقول وبالله التوفيق:
أولاً: تعريف الخاطرة لغة:
خطر الأمر بباله وعلى باله وفي باله، يخطُر ويخطِر خُطُوراً: مرَّ أو ذكره بعد نسيان.
ومن الأول ( أي: خطر بباله) قول أبي الطيب المتنبي:
بتنا يناولنا المدامَ بكفِّه مَن ليس يخطُر أن نراه ببالِه
ومن الثاني (أي: خطر على باله) قول ابن الفارض:
أرى البعد لم يُخطر سواكم على بالي وإن قرَّب الأخطار من جسمي البالي.
ومن الثالث (أي: خطر في باله) قول الحريري:
وكم أخطر في بالِ ولا أخطر في بالِ
_أي: وكم أمشي في ثوب بالٍ، ولا أمر في بال أحدٍ_.
وخَطَر الشيء بباله من باب (دَخَل)، وأخطره الله بباله، وعلى باله جعله يخطر، وخطر بقلبي من الذكر خَطَرة، أي ذكرة، قال الشاعر:
خطرت خطرة على القلب من ذكـ راكِ وهناً فما استطعت مضيا.
والخاطر اسم فاعل: الهاجس، والجمع: (خواطر).
وقولهم: يصقل الخاطر وينشط الفاتر، أي: يجلو القلب ببسطه إياه، ويقال: شاعر سريع الخاطر، أي عاجل البداهة في النظم، وجاش الشعر في خاطره، أي في نفسه، من قولهم: جاشت القدر، إذا غلت… إلخ.
ثانياً: تعريف الخاطرة اصطلاحاً:
قال أبو البقاء في (الكليات): الخاطر: اسم لما يتحرك في القلب من رأي أو معنى، سمي محله باسم ذلك، يقال فيه: خطر ببالي أمر، وعلى بالي أيضاً، وأصل تركيبه يدل على الاضطراب والحركة، وأطلق الخاطر على القلب والنفس مجازاً من باب إطلاق لفظ الحال على المحل..) أ.هـ بتصرف.
قلت: ونستطيع بعد النظر في المعنى اللغوي لكلمة (خطر) وتعريف (الخاطر) عند أبي البقاء وغبره وكذلك بالنظر في العرف بالنسبة للخاطرة، نستطيع أن نقول:
"الخاطرة: "هي كلمة موجزة قصيرة يلقيها المتكلم خطيباً أو واعظاً من أجل التنبيه على قضية أو مسألة محددة خطرت بباله، أو أعدها مسبقاً في زمن قصير دون استطراد أو إطالة أو مداخلة".
قلت: ولا شك أن هذا التعريف ليس بالتعريف المنطقي الذي يسمونه "التعريف الجامع المانع"، ولكنه تعريف تقريبي اجتهدت فيه أرجو أن يجزئ إن شاء الله.
وقال بعضهم: الخواطر عند أكثر المتصوفة أربعة:
1. خاطر من الحق، وهو علم يقذفه الله تعالى من الغيب في قلوب أهل القرب والحضور من غير واسطة.
2. وخاطر من المَلَك: وهو الذي يحث على الطاعة، ويرغب في الخيرات ويحذر من المعاصي والمكاره ويلوم على ارتكاب المخالفات، وعلى التكاسل عن الموافقات.
3. وخاطر من النفس: وهو الذي يتقاضى الحظوظ العاجلة، ويظهر الدعاوى الباطلة.
4. وخاطر من الشيطان: وهو الذي يدعو إلى المعاصي والمناهي والمكاره.
قلت: وهذا التقسيم فيه ما فيه، ويريد به الصوفية التوصل إلى شطحاتهم، وخواطرنا التي نحن فيها – إن شاء الله- هي من الله الحق، أو من لمة المَلَك وشاهدها أنها حث على مسألة شرعية.
ثالثاً: أسباب الحاجة إلى الخاطرة:
تختلف الأحوال، وتختلف المقامات والمواقف، فرب موقف يحتاج إلى خطبة أو درس، ورب موقف يحتاج إلى كلمة موجزة قصيرة، وهو ما يسمى بالخاطرة، فوضع الكلمة القصيرة (الخاطرة (مكان الخطبة أو الدرس، أو وضع الخطبة أو الدرس مكان الكلمة القصيرة ( الخاطرة) هو من باب وضع الشيء في غير محله، وهو مناف للبلاغة وفن الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولذلك قالوا: (لكل مقام مقال) أي لكل مقام ما يناسبه من فنون القول والكلام؛ كما أن لكل داء دواء، فكما أنه لا يصلح دواء واحد لكل الأدواء، فكذلك لا يصلح أسلوب واحد لكل المقامات والأحوال، وإنما على الداعية أن يكون كالطبيب الحاذق، الذي يضع الدواء مواضعه، فيصيب البرء بإذن الله تعالى.
رابعاً: مكان الخاطرة: المسجد (غالباً) أو أي مكان يمكن أن يجتمع فيه الناس كالمدرسة أو البيت أو المأتم أو المقبرة أو السوق أو السجن أو المعتقل أو العرس أو المكتب في العمل أو المطار أو.. وغير ذلك من أماكن التجمعات التي لا نستطيع أن نأتي على حصرها..!
يقول العدناني في "طرق الدعوة الإسلامية152)" ): إن الاستفادة من التجمعات الكبيرة كالحج مثلاً، أو الصغيرة كالمؤتمرات والمخيمات، واستقبال الوفود في المناسبات، من أهم الطرق المؤثرة في الدعوة إلى الله، وفي عرضنا لبعض نماذج الوفود من السيرة النبوية، يعطينا فكرة تامة حول ذلك الموضوع، وكيفية توظيفه، في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل. لقد قابل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة وفد الأوس والخزرج في موسم الحج، وكانت تلك المقابلة مفتاح الهجرة، ونصرة دين الله، وذلك واضح لكل مثقف درس السيرة النبوية، وبيعة العقبة الأولى والثانية، وكان صلى الله عليه وسلم يعرض دعوته في أسواق العرب الكبرى، عكاظ وذي مجنة وذي مجاز، وكان معه أبوبكر يقوم بدور المعرف بين الرسول صلى الله عليه وسلم، وتلك القبل؛ لأن أبابكر اشتهر بمعرفته لأنساب العرب، فكان يبدأ بعرض موجز عن تلك القبيلة وأمجادها، ثم يعرف بالرسول صلى الله عليه وسلم وبهدفه".
خامساً: زمان الخاطرة: هو الزمن المناسب الذي يراه المتكلم أو الواعظ أو الخطيب، وهو في المسجد غالباً بعد الصلوات، وأنسب الصلوات التي تكون بعدها الخاطرة، هي العشاء، ثم العصر ثم الظهر، ثم المغرب، ثم الفجر، ولا تكون الخاطرة بعد الجمعة إلا للتنبيه على مسألة قد تفوت إذا لم تذكر. وقد يكون في بعض البلدان بين التروايح خاطرة، وقد تصبح درساً إذا طالت. ولا يناسب أن تكون الخاطرة بعد الفجر، وبخاصة في البلاد التي تَعوَّد أهلُها على السهر، مثلما يقع في رمضان في دول الخليج، واليمن أن الناس يسهرون الليل كله أو معظمه فيأتون في صلاة الفجر مرهقين غير متحملين لأي إطالة في الصلاة فضلاً عن خاطرة بعد الصلاة. وبعد المغرب يمكن أن يناسب الخاطرة، ولكن هو أنسب لإلقاء الدروس والمحاضرات، ومعظم الدروس والمحاضرات تكون – غالباً- بين المغرب والعشاء!
سادساً: مدة الخاطرة: تترواح الخاطرة ما بين (5) دقائق إلى (10) دقائق والغاية القصوى – في نظري- من (15) إلى (20) دقيقة، أما إذا زادت على ذلك فقد أصبحت درساً أو خطبة فينبغي في هذه الحالة مراعاة قواعد الدروس والخطب وعدم التعامل معها على أنها خاطرة.
* استثناء: يمكن لبعض الشخصيات التي لها شعبية، وقبول واسع أن ترى أن الجمهور يطلب منها الإطالة، ففي هذه الحالة ينبغي أن تستغل الفرصة، ولكن ينبغي للمتكلم أن يراعي أن الخاطرة ستتحول إلى درس أو خطبة فيراعى فيها سمات الدرس أو الخطبة.
سابعاً: سمات وخصائص الخاطرة :إن الداعية طبيب القلوب، وكما يسهّل طبيبُ الأبدان الدواءَ للمريض ويُسيغه له، فعلى الداعية أن يسوق موعظته في أسلوب طيب جميل، بعيد عن السباب والشتم، وقسوة العبارة، حتى لا ينفر منه المدعوون. وهذا الأمر واضح في سير الأنبياء، ومَن يُقتدى بهم من الدعاة الناجحين؛ من أجل هذا ينبغي أن يُراعى في الخاطرة السمات والصفات الآتية:
1. عدم الإطالة في المقدمة.
2. التركيز في مسألة أو قضية محددة أو جزء من مسألة أو قضية.
3. عدم الاستطراد أو الخروج من النقطة إلى غيرها، بل الالتزام بالنقطة أو المسألة دون الدخول إلى أخواتها أو نظائرها أو أشباهها.
4. عدم ذكر المصادر أو الأجزاء والصفحات من الكتب أو الأسانيد أو كثرة النقول أو غير ذلك، فيكفي أن تقول قال الله تعالى في سورة كذا، ولا تحتاج إلى ذكر رقم الآية، ويمكن أن تكتفي بقولنا قال الله تعالى دون ذكر السورة لشهرتها أو لسهولة السؤال أو الوصول إلى مكانها، وكذلك في الحديث يكفي أن تقول وفي البخاري كذا.. أو روى مسلم أو في مسلم، أو يكفي أن تقول: وفي الصحيح.. كذا! أو: وفي الحديث الصحيح.. إلخ. فالاختصار والإيجاز أوضح سمات (الخاطرة) وهذا كله من لوازمه، فلا يناسب أن يكون ما يتعلق بالفكرة مختصراً موجزاً، ثم تطيل بذكر أجزاء الكتب وأرقام الصفحات، وأذكر أن أحدهم قام ليقول خاطرة، وكان إذا ذكر حديثاً في مسلم أو البخاري ساق إسناده كاملاً، وهذا لا شك فيه إطالة، ونحن لا نقلل من شأن ذكر الأسانيد وإشاعتها بين الناس ولكن لكل مقام مقال.
5. عدم إيراد الخلافات في المسألة، وإنما يتم التركيز على الأمر المتفق عليه، أو الإتيان بعبارات تحتمل أوجه الخلاف ولا تفيد جزماً برأي منها، وإنما توصل المعلومة المطلوبة التي يغلب عليها الترغيب والترهيب والتعميم.
6. قصر المدة الزمنية، وقد تكلمنا أنها تترواح بين (5) دقائق إلى (10) دقائق.
7. موضوع الخاطرة في الغالب ينبغي أن يكون في الرقائق والترغيب والترهيب والموعظة وهذا كله ضرورة لازمة، ففي النفس دوافع فطرية، تحتاج دائماً للتوجيه والتهذيب، ورب موعظة لطيفة خفيفة مؤثرة، ترد السامع إلى صوابه، وتعيده إلى مكارم الأخلاق، ويختار الداعية ما يناسب المقام من توجيه، ويكون نصب عينيه قوله تعالى: ((وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً)) وقوله تعالى: ((إن الله نعما يعظكم به)) وقوله: ((وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه)) وقوله: ((وهدى وموعظة للمتقين)). فليست الخاطرة مناسبة لمعالجة المسائل الفقهية، حتى إنْ تناول المتكلم مسألة فقهية في الخاطرة فليتناولها من ناحية الترغيب والترهيب، فمثلاً: يمكن أن أتكلم في (خاطرة) عن (الأضحية) وهي مسألة فقهية، ولكن عندما أتكلم عنها في الخاطرة سأتكلم من جهة الترغيب فيها، وأنها يمكن أن تكون داخلة في قوله: (فصل لربك وانحر) وأنه ينبغي للإنسان إذا أراد أن يضحي أن لا يقص من أظافره أو شعره إذا دخل عليه شهر ذي الحجة للحديث المتفق عليه الوارد في ذلك.. إلخ.
8. عدم فتح الباب للمداخلات أو الأسئلة والمناقشات في الخاطرة فوقت وطبيعة الخاطرة (لا تتحمل ذلك)، فإذا قاطع إنسان أو أراد أن يسأل أو يشارك بمداخله، فينبغي للمتكلم ألا يسمح بهذا، بل يؤجله إلى الانتهاء من الكلام، ثم إذا انتهى من ( الخاطرة) حادثه أو أجاب على سؤاله أو مداخلته. فيما بينه وبين السائل في الغالب!
9. ينبغي للمتكلم في ( الخاطرة) ألا يتكلم بالمتشابه من الكلام، بل ينبغي أن يكون كلامه منضبطاً بعيداً عن الاحتمالات الباطلة؛ لأن المتكلم في الخاطرة غالباً يخاطب عوام الناس، فليكن نصب عينية دائماً: (ليس كل حديث صحيح تحدث به العامة) وأيضاً نقول: (ليس كل كلام صحيح تحدث به العامة).
10. ينبغي للمتكلم في الخاطرة أن يتصيد المناسبات للتوجيه التربوي والترغيب والترهيب والتعليق على حدث ما، وقد أرشدتنا إلى ذلك السيرة النبوية المطهرة، فعن عبد الله بن مسعود أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا). رواه البخاري ومسلم وغيرهما. ولقد انتهز يوسف عليه السلام فرصة سؤال صديقيه في السجن عن تعبير الرؤيا، فدعاهم إلى الإله الواحد (( يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار)). وحدث أن كُسفت الشمس عندما مات ابن خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم إبراهيم فقال الناس: كُسفت الشمس لموت إبراهيم، فقام صلى الله عليه وسلم في الحال وانتهزها فرصة ليصحح أفهام الناس في التوحيد، فقال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم". إن هذا الطريق وهو استغلال ضرورات المجتمع، فرصة للدعوة إلى الله عن طريق الكلمة السريعة (الخاطرة) وهذا يحتاج من الدعاة إلى التفاني في الدعوة، وقوة إيمان وذكاء، يعرف كيف يستغل ذلك الحدث أو الفرصة للدعوة إلى الله.
11. ينبغي ألا تكون الخاطرة معروضة بصورة أكاديمية نصية، فبعض الناس يحشد في الخاطرة الآيات والأحاديث، في حين أنه يمكن أن يكتفي في الخاطرة بآية أو حديث فقط، أو أن يجمع بينهما، ففي الخاطرة ينبغي أن تتوجه للناس بتوضيح الآيات والأحاديث فالناس يسمعون الآيات في المذياع، والمسجل، ولكن يحتاجون إلى من يفهمهم ويستخرج لهم الفوائد والنكت من الآية أو الحديث.
12. الخاطرة من طبيعتها أن لا يكون معلناً عنها؛ لأنها في الغالب ترد في ذهن أو خاطر المتكلم فجأة نتيجة شيء رآه في الطريق أو في المسجد أو بدت له فكرة، وقلما يسبقها تحضير، وإنما يُعلن عن الدرس؛ لأنه يحتاج إلى استعداد للمكث مدة على الأقل من نصف ساعة إلى ساعة، أما الخاطرة فإن من لم يكن مستعداً يمكن أن يبقى ويستمع لها حتى ولو كان مشغولاً لقصر زمنها…!
13. تحتاج كل أنواع الخطاب إلى بداية أو استهلال جيد، وهو ما يسمى (حسن الاستهلال) أو أبلغ منه (براعة الاستهلال) وهو الإتيان بمقدمة تشير إلى موضوع الخاطرة، وهذا وإن كان في جميع أنواع الخطاب، فإن الخاطرة في أشد الحاجة إليه؛ لأنها سريعة، فتحتاج إلى سرعة جذب انتباه الناس فالخاطرة أحوج إلى (حسن الاستهلال) و (براعة الاستهلال)!
14. أن يكون الموضوع المختار من صميم ما تجري به الحياة، ليدق على الوتر الحساس، ويملك انتباه السامعين، وما أكثر المواضيع التي تفرضها الحياة بأحداثها الكثيرة.. ولأمر ما نزل القرآن منجما حسب الحوادث ومقتضيات الأحوال. فيكون الموضوع المعالج لإيضاح ما خفي على الأذهان، وللدفاع عن حق مهاجم، وإزالة أوهام سائدة نحو ذلك. ولكل طبقة وضعها الخاص، فمحيط الزراع غير محيط العمال أو المدرسين والطلبة.
15. ضرورة التركيز على تقديم حلول عملية، فلا يكتفي المتكلم بإثارة المشكلة بل ينبغي أن تعرض المشكلة بصورة سريعة ثم يتوجه المتكلم إلى اقتراح بالحلول المناسبة. إن تقديم الداعية لحل لمشكلة من طرق الدعوة إلى الله، وفيها جرأة في تقديم الحلول لرد الظلم وتخليص المجتمع من الفتنة ولو كان الثمن باهظاً، قال تعالى عن نبي الله لوط عليه السلام: {وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ } (78) سورة هود.
16. الالتزام بالوقت أمر مهم، ويجب الحرص في إلقاء الخاطرة كاملة في الوقت المحدد مع الاختصار ولا تظن أن الجمهور غافل عن الوقت فلا تكن أنت الغافل الوحيد.
17. البراهين : قصر الخاطرة لا يمنع من البرهنة على ما تقول، فبعض الناس عندما يسمع أن الخاطرة ترغيب وترهيب في الأساس وأنها كلمة سريعة قصيرة يظن أنها يجب أن تخلو من البرهان , وهذا خطأ فالبرهان يأكد مصداقيتك أمام الناس، وليس كل البراهين تحتاج إلى إطالة، فانظر مثلاً عندما آن الآوان؛ لأن يجهر رسول الله عليه السلام لأهل مكة ببعثته وأن يبلغهم رسالة ربه وقف على جبل الصفا ودعاهم للتجمع ليخطب بهم، فقال: يا معشر قريش إن حدثتكم أن خيلاً وراء هذا الوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ فكان جوابهم: نعم، وذلك لأنهم لم يعرفوا عليه الكذب طوال أربعين عاماً، وبعد أن أكد مصداقيته لديهم قال لهم: (( فإني نذير لكم بين يدي عذابٍ شديد)). راجع تفسير ابن كثير 6/176.
18. سرعة الإلقاء: يستطيع الناس أن يستمعوا بسرعة تفوق السرعة التي يتحدثون بها (وهي تبلغ في المتوسط 800 كلمة في الدقيقة مقابل 250 كلمة في الدقيقة للتحدث) وإذا ما تركنا هؤلاء الناس طويلاً من دون شيء يستمعون إليه فإن اهتمامهم سوف يتشتت. وقد يكون من المطلوب مراراً أن نتحدث بأسرع مما نفعل عادة. وليس هناك معدل واحد مناسب لإلقاء الخطاب، لكن علينا أن نتحدث بأسرع ما يمكننا أن نفعل دون أن نتلعثم أو نقرأ الفقرات بشيء من الغموض أو الإبهام. والوضوح في هذا الصدد مهم، إذ يتعيّن أن تكون كل كلمة مفهومة وكل فقرة جلية مبينة. إن الوضوح من صلب عملية الإلقاء الجيد، ومن الضروري أن ننطق كل كلمة بجلاء وأن نتجنب استخدام الحشو من الكلمات التي تستخدم كلازمة مثل «يعني»، «تعلمون بالطبع»، «أأهـ»، «أهـ»، «أم م م» أو «هـ م م».
19. إثارة الانتباه ويسمى ( عنصر التشويق) ويحصل بعدة طرق:
– التجديد والطرافة: فكلما كانت الخاطرة بصور و أمثلة جديدة كان انتباه السامعين أشد ويبعث فيهم الحيوية، أما الكلام المكرور فيؤدي إلى الملل والسآمة، كالقوالب المحفوظة التي يكررها بعض خطباء اليوم.
20. الأسلوب: توخَّ ما استطعت من استخدام أفضل الأساليب اللغوية في التعبير. فاستخدام الكلمات والعبارات العامية، يصمُ المتحدث بالسطحية وعدم النضج، وينتقص من جدية الأمر، ويقلل من قيمة المحاضرة أو الخطبة، وقد يكون استخدام الكلمات والتعبيرات الجديدة وسيلة فعالة لتحقيق انسجام سريع مع الجمهور، لكن يجب اختيار الكلمات بحذر ودقة. وهناك أساليب بلاغية متعددة تحقق الفاعلية إذا ما استخدمت بذكاء، منها ما يلي:
تكرار النقاط الأساسية، بشرط عدم الإفراط، ويحبذ أن لا يجاوز التكرار ثلاث مرات.
توخِّي الإيقاع والسجع والجرس الموسيقي في اختيار الكلمات، بدون تكلف.
الجناس لإعطاء الحديث نكهة إيقاعية.
العبارات البليغة السهلة الجامعة التي ترسخ في ذاكرة المستمع.
التشبيه والاستعارة والقياس لنقل الأفكار الصعبة.
الإحصاءات والأرقام التي توصّل الأفكار وتعطي الحديث مصداقية.
توظيف المبنى للمعلوم والأفعال التوكيدية التي تخاطب العواطف والعقول معاً.
عبارات مفعمة بالحيوية واستنتاجات راسخة تجذب الأذهان وتشد انتباه المستمعين.
سرد الأمثال وسوق الأشعار وإيراد الحكَم.
في المقابل، هناك عبارات ينبغي تجنب استعمالها تماماً إلا إذا كان المتحدث يعنيها فعلاً. من هذه العبارات ما يلي:
«لست متأكداً لكنني أعتقد أن…»
«حسب علمي…»
«أعتقد أن…»
علينا «أن نعلم…»
«دائماً»
«أبداً»
«الجميع»
«لا أحد»
كما ينبغي اجتناب التعميم والتجريح والتعالي والسخرية والسطحية ومواجهة العاملين المهتمين وحدهم باللوم والتقصير أو الوقوف منهم موقف الآمر الناهي.
ثامناً: كيفية إعدادها: هناك طريقتان لإعدادها:
الأول: أن الخطيب أو الواعظ ينقدح في ذهنه مسألة وهو قادم إلى الصلاة، أو في المسجد أو يقع أمامه أمر من صياح ورفع لأصوات أو غير ذلك، فيجهز في قلبه كلمة وربما استحضر آيات معينة أو أحاديث وربما فتح المصحف بسرعة فراجع آية أو ضبطها.
الثاني: أن يكون قد طُلب منه كلمة أو خاطرة، كما يقع لتدريب المبتدئين أو يقع في رمضان أن يطلب القائمون على المسجد من خطيب أو واعظ أو مثقف أن يلقي كلمة في الترويحة بين الركعات بعد يوم أو يومين ويحدد له اليوم الذي سيلقي فيه الكلمة، فيستطيع في هذا الفترة أن يجهزها في نفسه فربما لم يراجع مصدراً إذا كان معتاداًَ على الكلام، وربما راجع وأعد، ولذلك في العادة تأتي الخاطرة أوالكلمة – في هذا الوقت- طويلة إلى حدٍ ما، وربما تحولت إلى درس أو شبه درس.
تاسعاً: أخطاء في إلقاء الخاطرة:
1. إطالة المقدمة: المقدمة تتناسب مع ما تقدم له، فمقدمة الكتاب الكبير غير مقدمة الكتاب الصغير، ومقدمة الكتاب غير مقدمة الرسالة، ومقدمة الدرس غير مقدمة الكلمة السريعة (الخاطرة)، فيمكن أن نقول على سبيل التقريب أن المقدمة تكون عشر ما تقدم له، فإذا كانت نصفه أو ربعه فقد تجاوزت حدها، ولم تعد مقدمة يقول أحمد العدناني في "طرق الدعوة الإسلامية"(44):" ومن الخصائص المطلوبة في الخطبة : 1-حسن الافتتاح: بأن تكون المقدمة مناسبة في الطول والقصر، لزمن الخطبة، فالمقدمة تعادل من 8:5% من زمن الخطبة؛ لأن الافتتاح يعني لفت انتباه السامعين في القصد من الخطبة، لأن بعض الخطباء يطيل في المقدمة فيضيع الغرض المطلوب بيانه". ونحن ننبه هنا إلى أنه ينبغي تسمية الأشياء بأسمائها، ومن الظواهر الشائعة وضع الأسماء على غير مسمياتها, فمثلاً: سمعت أحدهم يلقي خاطرة، فيأتي بخطبة الحاجة كلها كمقدمة لكلامه مع أن خطبة الحاجة تصلح أن تكون مجالاً لعدة خواطر فهذا الذي ألقله الأخ الفاضل هو درس وإن سماه خاطرة وإن ألقاه وهو واقف، ويكفي الإنسان في مقدمة الخاطرة أن يقول:" بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد…إلخ" ثم يأتي بالخاطرة، ويمكن أن يفتتح بآية تكون مدخلاً للخاطرة أو يفتتح بسؤال أو بمثل أو حكمة، أو بحديث يكون موضوعاً للخاطرة. وهذا ليس تقييداً بألفاظ معينة في مقدمة الخاطرة, ولكنه تقريب ومثال!
2. من الأخطاء الإطالة، فإن ذلك يؤدي إلى إملال الناس وبخاصة إذا كان الوقت مدعاة للاستعجال، كأن يقوم لإلقاء الخاطرة – بعد الجمعة مثلاً- فالمناسب أن يكون وقتها خفيفاً؛ لأن الناس قد استمعوا إلى خطبتين، وقد طال بقاؤهم في المسجد فلا يناسب وعظ بعد وعظ إلا إذا كان تنبيهاً سيفوت وقته كأن كان هناك خطأ أو مشكلة وقعت أثناء الجمعة لم ينبه عليها الخطيب فأراد أن يستدركها الخطيب، أو أحد المستمعين ولقد رأيت من يقوم لإلقاء خاطرة على الناس بعد الجمعة، فيطول كلامه إلى ثلث الساعة حتى يتململ الناس في أماكنهم.
3. تحديد الوقت: صحيح أن وقت الخاطرة في المتوسط خمس دقائق؛ ولكن لا يحسن من المتكلم أن يبدأ حديثه بتحديد زمن الكلام، كأن يقول: دقيقة فقط.. أيها الإخوة فأنت إذا قلت هذا قد حددت نفسك، وربما طالت الخاطرة من خمس إلى عشر دقائق، فسوف يحسب لك بعض الناس الوقت ويسخر منك – في سره غالباً- فلا يلزمك هذا حتى وإن كنت ستتكلم دقيقة فقط. تكلم دقيقة ولا تخبرني أفضل.يقول هشام الطالبي في " دليل التدريب القيادي" : "… في عام 1973 دعيت إلى كنيسة في" لوجانسبورت" في ولاية إنديانا، للتحدث عن الإسلام. تكلّم سبعة من القساوسة النصارى عن مللهم المختلفة في البداية ثم تحدث أستاذ هندوسي عن الهندوسية، وقد بدأ حديثه بالقول: «بالرغم من أنني هندوسي، فإنني لا أعرف شيئاً عن الهندوسية. لذلك فإنني سوف أتلو عليكم بضعة فصول من كتاب كتبته سيدة مسيحية أمريكية، قضت بضع سنوات في الهند…» وعندما اقترب من النهاية قال: «أخيراً سوف أقرأ لكم هذا الفصل… أخيراً سوف أقرأ فصلاً آخر… أخيراً سوف أقرأ لكم صفحة أخرى». وحينما قال «أخيراً سوف أقرأ لكم فقرة أخرى» لم يصدقه أحد لأنه أعاد كلمة «أخيراً» أكثر من مرة. لقد تملّك الجمهور الضجر من خطبته. العبرة في ذلك هي أنه مهما كانت الظروف، إياك أن تصدر حُكماً مسبقاً على خطبتك أو تقدم عذراً أو تدلي باعترافات حول طريقة طرحك للموضوع مثل: أنا آسف لم يكن لديّ الوقت الكافي للإعداد، أو إن خطبتي لن تكون جيدة، أو لقد دعاني المنظمون الآن فقط إلى التحدث بيد أني لا أعرف الكثير عن هذا الموضوع، أو بوسعكم أنتم أيها الحفل الكريم أن تقدموا خطبة أفضل ونحو ذلك. تجنب كل ما ورد من هذه العبارات المثبطة والسلبية، وادخل في الموضوع مباشرة وابذل كل ما في وسعك. لا تقوّم نفسك أمام الناس، لأنهم هم الذين سوف يقومونك. فقد تقدم أفضل عرض دون أن تدرك ذلك. وفي هذا الصدد يُروى أن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه لم يستطع في إحدى المرات أن يلقي خطبة الجمعة من فوق المنبر، وحينما كان ينزل من أعلى المنبر قال «إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن»، وعندما سمع الحاضرون منه ذلك قالوا: «لو كان قال ذلك من فوق المنبر لكانت تلك من أفضل الخطب»." قلت :" العبارة مشهورة عن عثمان رضي الله عنه , وأما حكاية أنه لم يستطع أن يلقي خطبة الجمعة , فهذا مستبعد, وأين إسنادها؟!".
4. ذكر الخلافات: الخاطرة زمنها قصير فتحتاج إلى تركيز الكلام، فينبغي للمتكلم أن يأتي بالمتفق عليه، فإن لم يكن متفقاً عليه، فليأت بالراجح بدون عرض الخلاف، وليأت بعبارات عامة مثل: الأفضل والأحسن، فمثلاً: أردت أن ألقي خاطرة لأنبه الناس إلى أهمية الأضحية، وقد اختلف العلماء فيها هل هي واجبة؟ أم سنة؟ فإذا كانت خاطرة لا يلزمني مناقشة الأقوال وترجيح الاستدلال، وإنما أورد ما في ذبحها من موافقة الهدي وأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم كان يفعلها وقيمة التقرب بها إلى الله، ومن فَهِم وجوباً فَهِم ومن فَهِم سنة فَهِم، فأنا لم أصرح أو أتكلم عن وجوب أو استحباب، وإنما رغبت فيها وهي ( الأضحية) سواء كانت واجبة أو مستحبة فهي مرغب فيها، فأنا على صواب مع الاحتمالين، فهذا ليس موضع تحقيق ذلك، وإنما يكون هذا في الدروس…!
5. السماح بالمداخلات: المتكلم في الخاطرة يريد أن يُوصِّل فكرة معينة في دقائق معدودة، فلا ينبغي أن يسمح بالمداخلات التي ستطيل الكلام، وتثير شبهات تحتاج إلى ردود، وهذا سيخرج بالخاطرة عن معناها، وحقيقتها، وربما آثار ضوضاء ولغطاً فيشوش على خاطرته ويفسد حلاوتها، وإن كان ولا بد فاعلاً، فإذا اعترضه أحد الناس بمداخلة فليقل له: نعم، انتظر حتى أنتهي، بعد الكلمة ثم ليقف معه جانباً وليجب على أسئلته. ولقد رأيت بعض من قام يلقي خاطرة يثير التساؤلات عند الناس، ويستفزهم بأسئلة وشبهات ربما لم يوردوها وهذا لا يصلح إلا في ظروف معينة وليس الأصل والله أعلم.
عاشراً: نماذج نبوية للكلمة القصيرة (المسماة: بالخاطرة):
سأتكلم عن فن ( الكلمة القصيرة أو الخاطرة) عند المصطفى صلى الله عليه وسلم، وعندما أريد أن أتكلم عنها عند المصطفى أشعر بحرج خشية أن يفهم أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم يتكلم بخواطر غير معصومة، كما يخطر في بال أحدنا، فأردت أن أنبه لأمر وهو معلوم من الدين بالضرورة وهو أن ما يتكلم به النبي الكريم صلى الله عليه وسلم معصوم؛ إما لأنه ابتداءً من الوحي، "إن هو إلا وحيٌ يوحى" وإما لأن النبي تكلم به بدون الوحي ابتداءً، ثم أقره الله، فكلام النبي وقوله وفعله – بأبي وأمي هو- معصوم ولو وقع شيء لنزل الوحي مصححاً ومبيناً كما حدث في وقائع متعددة كما هو في سورة "عبس"، وكما في "أسرى بدر" وغير ذلك مما هو مذكور في كتب الأصول والعقائد وغيرها. فإذا كان ذلك كذلك، فإن رأيي أن النبي الكريم استخدم الكلمة السريعة القصيرة في مناسبات عديدة وكثيرة، وتحققت بها نتائج باهرة، وما زالت هذه الكلمة السريعة القصيرة نتعلم منها في ديننا، وهي تمثل نسبة كبيرة من الأحاديث النبوية الشريفة، وهاك نماذج من فنون وتنوع الكلمة القصيرة، واستخدام المصطفى صلى الله عليه وسلم لها:
1- ضرب الأمثال: وضرب المثل يوضح المبهم، ويكشف اللبس ويقع في النفس خير موقع. والناس من قديم الزمان يجدون من طبائعهم الميل إلى الاستشهاد بالمثل، فقد يكون أحدهم بصدد حال يحكيها فيحضره مثل يشابهه في المعنى فيستشهد به، لأن الكلام يزيد به وضوحاً؛ و لأن النفس تستأنس بالمثل، فعلى الداعية أن يحرص على ضرب المثل ويجعلها مفاتيح صدق يفتح بها مغاليق النفوس.
وقد ورد المثل في القرآن الكريم، قال تعالى: {إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاء أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاء فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَآ أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (24) سورة يونس.ومن نماذج الموعظة بضرب المثل في السنة الشريفة :
أ-عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفةٌ طيبة، قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء، فنفع الله بها الناس فشربوا منه وسقوا وزرعوا. وأصاب طائفة منها أخرى، إنما هي قيعان لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأ. فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه بما بعثني الله به، فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به)). متفق عليه.
ب-عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها، وهو يذُبُّهُّن عنها وأنا آخذٌ بحجزكم عن النار، وأنتم تفلتون من يدي)) رواه مسلم.
ج-وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أرأيتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل منه كلَّ يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيءٌ؟ قالوا: لا يبقى من درنه شيء، قال: (فذلك مثل الصلوات الخمس، يمحوا الله بهن الخطايا). متفق عليه.
د-عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة: ريحها طيب وطعمها طيبٌ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة: ليس لها ريح وطعمها مرٌ) متفق عليه.
هـ-عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: خط النبي خطاً مربعاً، وخط خطاً في الوسط خارجاً منه، وخط خططاً صغاراً إلى هذا الذي في الوسط من جانبه الذي في الوسط، فقال: هذا الإنسان، وهذا أجله محيطٌ به – أو قد أحاط به- وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا، نهشه هذا، وإن أخطأه هذا نهشه هذا) رواه البخاري.
2- انتهاز فرصة الحادثة للتعليق عليها:
أ– عن أنس رضي الله عنه قال: جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أخبروا كأنهم تقالوها، وقالوا: أين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فأصلي الليل أبداً، وقال الآخر: وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: وأنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال: ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟! أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكنِّي أصوم وأفطر، وأصلِّي وأرقُدُ، وأتزوَّج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) متفق عليه.
ب– عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: كنت أضرب غلاماً لي بالسوط، فسمعت صوتاً من خلفي: (اعلم أبا مسعود) فلم أفهم الصوت من الغضب، فلمَّا دنا منِّي إذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يقول: ( اعلم أبا مسعود، اعلم أبا مسعود)، قال: فألقيت السوط من يدي، فقال: (اعلم أبا مسعود أن الله أقدرُ عليك منك على هذا الغلام) فقلت: لا أضرب مملوكاً بعده أبداً. وفي رواية: فسقط من يدي السوط من هيبته. وفي رواية: فقلت: يا رسول الله هو حرٌ لوجهِ الله تعالى، فقال: أما لو لم تفعل، للفحتك النار، أو لمستك النار) رواه مسلم بهذه الروايات.
ت– عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلامٌ يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم، فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: ( أسلم) فنظر إلى أبيه وهو عنده؟ فقال: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: (الحمد لله الذي أنقذه من النار) رواه البخاري.
3- أسلوب القصة:
في فطرة الإنسان ميل إلى القصة، ولها تأثير ساحر على القلوب، سواء كانت تاريخية أم معاصرة، فالداعية يعي هذا الميل فيستخدم القصة في البيان والتربية. وفي القرآن الكريم الكثير من القصص الموجهة، كقصص الأنبياء، والمُكذَِبين بالرسالات وما أصابهم من جزاء التكذيب، فموسى مع فرعون وعيسى مع بني إسرائيل وصالح مع ثمود، وشعيب مع مدين، ولوط مع أهل القرى ونوح مع قومه.. وهكذا، وهذه القصص تاريخ حق وواقع لا شك فيه، وإنها حقيقة لا ريب فيها وأثرها في تربية الأفراد والمجتمعات عميق فإن البشر يعتبرون بما يروى لهم من أخبار، ويقيسون ما يحسون على ما يسمعون، ولذلك قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (27)- (30) سورة المائدة. وهذه القصة تصور أثر الحقد الأعمى وعاقبة الأمور، وأنه ما يعقِّب إلا الندامة والخسار. ولذلك يمكن أن يستفيد الداعية من القصص في خواطره وكلماته القصيرة، فيمكن أن تكون الكلمة القصيرة كلها قصة واحدة مثل قصة " الأبرص والأقرع والأعمى" وقصة " أصحاب الغار" وغيرها من القصص التي علم بها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهاك بعض النماذج من القصص النبوي حتى تستفيد منها:
أ– عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش، فوجد بئراً فنزل فيها فشرب، ثم خرج فإذا كلبٌ يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل: لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان قد بلغ مني، فنزل البئر فملأ خفه ماءً ثم أمسكه بفيه، حتى رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله إن لنا في البهائم أجراً؟ فقال: في كل كبدٍ رطبةٍ أجراً)) متفق عليه. وفي رواية للبخاري: ( فشكر الله له فغر له، فأدخله الجنة).
ب- عَنْ أبي هُريْرَةَ رضي اللَّه عنه أَنَّهُ سمِع النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: « إِنَّ ثَلاَثَةً مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ: أَبْرَصَ، وأَقْرَعَ، وأَعْمَى، أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَبْتَليَهُمْ فَبَعث إِلَيْهِمْ مَلَكاً، فأَتَى الأَبْرَصَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: لَوْنٌ حسنٌ، وَجِلْدٌ حَسَنٌ، ويُذْهَبُ عنِّي الَّذي قَدْ قَذَرنِي النَّاسُ، فَمَسَحهُ فذَهَب عنهُ قذرهُ وَأُعْطِيَ لَوْناً حَسناً. قَالَ: فَأَيُّ الْمالِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال: الإِبلُ أَوْ قَالَ الْبَقَرُ – شَكَّ الرَّاوِي – فأُعْطِيَ نَاقَةً عُشرَاءَ، فَقَالَ: بارَك اللَّهُ لَكَ فِيها. فأَتَى الأَقْرعَ فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحب إِلَيْكَ؟ قال: شَعْرٌ حسنٌ، ويذْهبُ عنِّي هَذَا الَّذي قَذِرَني النَّاسُ، فَمسحهُ عنْهُ. أُعْطِيَ شَعراً حسناً. قال فَأَيُّ الْمَالِ. أَحبُّ إِلَيْكَ؟ قال: الْبَقرُ، فأُعِطيَ بقرةً حامِلاً، وقَالَ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ فِيهَا. فَأَتَى الأَعْمَى فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قال: أَنْ يرُدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصَري فَأُبْصِرَ النَّاسَ فَمَسَحَهُ فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيْهِ بصَرَهُ. قال: فَأَيُّ الْمَالِ أَحَبُّ إِليْكَ؟ قال: الْغنمُ فَأُعْطِيَ شَاةً والِداً فَأَنْتجَ هذَانِ وَولَّدَ هَذا، فكَانَ لِهَذَا وَادٍ مِنَ الإِبِلِ، ولَهَذَا وَادٍ مِنَ الْبَقَرِ، وَلَهَذَا وَادٍ مِنَ الْغَنَم. ثُمَّ إِنَّهُ أتَى الأْبرص في صورَتِهِ وَهَيْئتِهِ، فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكينٌ قدِ انقَطعتْ بِيَ الْحِبَالُ في سَفَرِي، فَلا بَلاغَ لِيَ الْيَوْمَ إِلاَّ باللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذي أَعْطَاكَ اللَّوْنَ الْحَسَنَ، والْجِلْدَ الْحَسَنَ، والْمَالَ، بَعيِراً أَتبلَّغُ بِهِ في سفَرِي، فقالَ: الحقُوقُ كَثِيرةٌ. فقال: كَأَنِّي أَعْرفُكُ أَلَمْ تَكُنْ أَبْرصَ يَقْذُرُكَ النَّاسُ، فَقيراً، فَأَعْطَاكَ اللَّهُ، فقالَ: إِنَّما وَرثْتُ هَذا المالَ كَابراً عَنْ كابِرٍ، فقالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيَّركَ اللَّهُ إِلى مَا كُنْتَ. وأَتَى الأَقْرَع في صورتهِ وهيئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِـثْلَ ما قَالَ لهذَا، وَرَدَّ عَلَيْه مِثْلَ مَاردَّ هَذَّا، فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِباً فَصَيّرَكَ اللهُ إِليَ مَاكُنْتَ. وأَتَى الأَعْمَى في صُورتِهِ وهَيْئَتِهِ، فقالَ: رَجُلٌ مِسْكينٌ وابْنُ سَبِيلٍ انْقَطَعَتْ بِيَ الْحِبَالُ في سَفَرِي، فَلا بَلاغَ لِيَ اليَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بالَّذي رَدَّ عَلَيْكَ بصرَكَ شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا في سَفَرِي؟ فقالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إِلَيَّ بَصري، فَخُذْ مَا شِئْتَ وَدعْ مَا شِئْتَ فَوَاللَّهِ ما أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشْيءٍ أَخَذْتَهُ للَّهِ عزَّ وجلَّ. فقالَ: أَمْسِكْ مالَكَ فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ فَقَدْ رضيَ اللَّهُ عنك، وَسَخَطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ » متفقٌ عليه.
« وَالنَّاقةُ الْعُشَرَاءُ » بِضم العينِ وبالمدِّ: هِيَ الحامِلُ. قولُهُ: « أَنْتجَ » وفي روايةٍ: «فَنَتَجَ » معْنَاهُ: تَوَلَّى نِتَاجَهَا، والنَّاتجُ للنَّاقةِ كالْقَابِلَةِ لَلْمَرْأَةِ. وقولُهُ: « ولَّدَ هَذا » هُوَ بِتشْدِيدِ اللام: أَيْ: تَولَّى وِلادَتهَا، وهُوَ بمَعْنَى نَتَجَ في النَّاقَةِ. فالمْوَلِّدُ، والناتجُ، والقَابِلَةُ بمَعْنى، لَكِنْ هَذا للْحَيَوانِ وذاكَ لِغَيْرِهِ. وقولُهُ: « انْقَطَعَتْ بِي الحِبالُ » هُوَ بالحاءِ المهملة والباءِ الموحدة: أَي الأَسْبَاب. وقولُه: « لا أَجهَدُكَ » معناهُ: لا أَشَقُّ عليْك في رَدِّ شَيْءٍ تَأْخُذُهُ أَوْ تَطْلُبُهُ مِنْ مَالِي. وفي رواية البخاري: « لا أَحْمَدُكَ » بالحاءِ المهملة والميمِ، ومعناهُ: لا أَحْمَدُكَ بِتَرْك شَيْءٍ تَحتاجُ إِلَيْهِ، كما قالُوا: لَيْسَ عَلَى طُولِ الحياةِ نَدَمٌ أَيْ عَلَى فَوَاتِ طُولِهَا.
ج-عن أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حوسب رجلٌ ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء، إلا أنه كان يخالط الناس، وكان موسراً، وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر. قال الله عز وجل: ( نحن أحق بذلك منه، تجاوزا عنه) رواه مسلم.
د-عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينا أيوب عليه السلام يغتسل عرياناً، فخر عليه رِجْلُ جرادٍ من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه، فناداه ربُّه عز وجل: يا أيوبُ، ألم أكن أغنيتك عما ترى؟! قال: بلى وعزتك، ولكن لاغنى بي عن بركتك) رواه البخاري.
4- مطايبة الصغار والضعفاء والنساء بالكلمة القصيرة:
أ- عن ابنِ عبَّاسٍ، رضيَ اللَّه عنهمَا، قال: «كُنْتُ خَلْفَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يوْماً فَقال: «يَا غُلامُ إِنِّي أُعلِّمكَ كَلِمَاتٍ: «احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَل اللَّه، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، واعلَمْ: أَنَّ الأُمَّةَ لَو اجتَمعتْ عَلَى أَنْ ينْفعُوكَ بِشيْءٍ، لَمْ يَنْفعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَد كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وإِنِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوك بِشَيْءٍ، لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بَشَيْءٍ قد كَتَبَهُ اللَّه عليْكَ، رُفِعَتِ الأقْلامُ، وجَفَّتِ الصُّحُفُ». رواهُ التِّرمذيُّ وقَالَ: حديثٌ حسنٌ صَحيحٌ. وفي رواية غيرِ التِّرْمِذيِّ: «احفظَ اللَّهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَى اللَّهِ في الرَّخَاءِ يعرِفْكَ في الشِّدةِ، واعْلَمْ أَنّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصيبَك، وَمَا أَصَابَكَ لمْ يَكُن لِيُخْطِئَكَ واعْلَمْ أنّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْب، وأَنَّ مَعَ الْعُسرِ يُسْراً».
ب- عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنها قال: كنت غلاماً في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا غلام سم الله تعالى، وكل بيمينك، وكل مما يليك) متفق عليه.
5-أسلوب مزج القول بالعمل:
أ- وعَنْ عُقْبَةَ بنِ عامِر رضي اللَّه عنْهُ أنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خَرجَ إلَى قَتْلَى أُحُدٍ. فَصلَّى علَيْهِمْ بعْد ثَمان سِنِين كالمودِّع للأحْياءِ والأمْواتِ، ثُمَّ طَلَعَ إلى المِنْبر، فَقَالَ: إنِّي بيْنَ أيْدِيكُمْ فَرَطٌ وأنَا شهيد علَيْكُمْ وإنَّ موْعِدَكُمُ الْحوْضُ، وَإنِّي لأنْظُرُ إليه مِنْ مَقامِي هَذَا، وإنِّي لَسْتُ أخْشَى عَلَيْكُمْ أنْ تُشْركُوا، ولَكِنْ أخْشَى عَلَيْكُمْ الدُّنيا أنْ تَنَافَسُوهَا» قَالَ: فَكَانَتْ آخِرَ نَظْرَةٍ نَظَرْتُهَا إلَى رَسُولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، متفقٌ عليه. وفي روايةٍ: « وَلَكِنِّي أخْشَى علَيْكُمْ الدُّنيَا أنْ تَنَافَسُوا فِيهَا، وتَقْتَتِلُوا فَتَهْلِكُوا كَما هَلَكًَ منْ كَان قَبْلكُمْ » قَالَ عُقبةُ: فَكانَ آخِر ما رَأيْتُ رَسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَلَى المِنْبرِ. وفي روَايةٍ قال: « إنِّي فَرطٌ لَكُمْ وأنَا شَهِيدٌ علَيْكُمْ، وَإنِّي واللَّه لأنْظُرُ إلَى حَوْضِي الآنَ، وإنِّي أُعْطِيتُ مَفَاتِيحَ خَزَائِن الأرضِ، أوْ مَفَاتِيحَ الأرْضِ، وَإنَّي واللَّهِ مَا أَخَافُ علَيْكُمْ أنْ تُشْرِكُوا بعْدِي ولَكِنْ أخَافُ علَيْكُمْ أنْ تَنَافَسُوا فِيهَا ». وَالمُرادُ بِالصَّلاةِ عَلَى قَتْلَى أُحُدٍ: الدُّعَاءُ لَهُمْ، لاَ الصَّلاةُ المعْرُوفَةُ.
ب- عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة: (رب اغفر وتب علي إنك أنت التواب الرحيم). رواه أبو داود والترمذي.
ج-وعن عائشَةَ رضي اللَّهُ عنها قالت: كان رسُولُ اللَّهِ، صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، كُلَّما كان لَيْلَتها منْ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَخْرُجُ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ إِلى البَقِيعِ، فَيَقُولُ: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤمِنينَ، وأَتَاكُمْ ما تُوعَدُونَ، غَداً مُؤَجَّلُونَ، وإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَهْلِ بَقِيعِ الغَرْقَدِ» رواهُ مسلم.
د-وعن ابن عَبَّاسٍ رَضَيَ اللَّه عنهما، قال: مَرَّ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِقُبورٍ بالمَدِينَةِ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بوَجْهِهِ فقالَ: «السَّلامُ عَلَيْكُمْ يا أَهْلَ القُبُورِ، يَغْفِرُ اللَّهُ لَنا وَلَكُمْ، أَنْتُم سَلَفُنا ونحْنُ بالأَثَرِ» رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حسن.
6-أسلوب السؤال:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" ما تعدون الشهيد فيكم؟" قالوا :يا رسول الله ,من قتل في سبيل الله ,فهو شهيد. قال :" إن شهداء أمتي إذا لقليل !" قالوا :فمن هم يا رسول الله؟ قال :" من قتل في سبيل الله فهو شهيد , ومن مات في سبيل الله فهو شهيد , ومن مات في الطاعون فهو شهيد , ومن مات في البطن فهو شهيد , والغريق شهيد " رواه مسلم.
الحادي عشر : ثمرات ومميزات الكلمات القصيرة أو السريعة (الخواطر) :
1- تحقيق شيء من واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
2- كثرة جمهورها ومستمعيها.
3- تنوع جمهورها ,فإنه يستمع إليها وينصت لها مختلف الناس من مثقفين وغير مثقفين ومن متعلمين وغير متعلمين ومن طلبة علم وعوام ,بخلاف الدروس فإنه لا يحضرها غالبا إلا طلبة العلم وأشباههم.
4- سهولة تكرارها ,فربما كررها الداعية في الأسبوع خمس مرات أو أكثر أو أقل بحسب الظروف والمناسبات والحاجة ,حتى أنه ربما أدى خاطرتين في يوم واحد ,لسهولتها على نفوس الناس ولسهولتها في الإعداد على الواعظ أو الخطيب بخلاف الدرس أو الخطبة أو المحاضرة .
5- سهولة أدائها على الخطيب أو الواعظ فلا تحتاج لكثير إعداد لقصر زمانها , بل ربما لم يحتج الخطيب المتمرس في الخاطرة إلى إعداد .
6- لا تحتاج إلى كلفة في الإعلان عنها كالدروس والخطب والمحاضرات.
7- سرعة مواكبتها للأحداث ,فهي ليست مربوطة بموعد أسبوعي كالخطب والدروس والمحاضرات ,فيمكن للخطيب أو الواعظ بمجرد وقوع الحدث أن يجهز في نفسه كلمة فيها تعليق على الأحداث,ويحضر إلى المسجد فيلقيها مباشرة وبسرعة, وهذا مالا يمكن تحقيقه بدرس أو خطبة .
تنبيه :لا يفهم من ارتجالية الخاطرة-كما يبدو من كلامي-أن يتعجل الخطيب أو الواعظ في التعليق على الأحداث بدون ضوابط,بل هذا مفترض فيما كان واضحا ظاهرا للخطيب ولا يؤدي إلى الفتن وأحيلك على موضوع كتبناه في " ضوابط الكلام في الفتن " فراجعه فإنه مهم , ولولا الإطالة والإملال لأعدته لك ملخصا هنا لأهميته .
الثاني عشر: نماذج حديثة في الخاطرة
النموذج الأول
هل تريد أن تكون من أكمل المؤمنين إيماناً؟ هل تريد أن تكون من أقرب الناس مجلساً من الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ هل تريد أن تثقل ميزانك في الآخرة؟ هل تريد أن تكون محبوباً من الله محبوباً من خلقه؟ هل تود أن يتمنى المؤمنون لقياك؟ هل تود أن تكون كالعسل الذي يحلِّي الأطعمة، ويُطيِّب مذاقها؟ هل تود أن تكون بلسماً للجروح؟ إذا أردت هذا كله وزيادة عليه فعليك بـ "حسن الخلق"..!
من المفترض في المؤمن "ادخلوا في السلم كافة" أي أن تسلم لله بقلبك وجوارحك وروحك وأفعالك، فليس من المقبول في الشريعة أن تكون في مقدمة الصفوف في صلاة الفجر، ثم تكون في مؤخرة الصفوف في صلة الأرحام، ومراعاة الجوار، فالإيمان صبغة تصبغ أهلها، فيكونون بلون وطعم الإيمان، فكما من القبيح أن يكون جزء من الثوب بلون وطعم الإيمان، فمن القبيح أن يكون المؤمن وأن يكون في وضع كالصلاة بلون وفي وضع آخر كعاملة الناس بلون مختلف{أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ } (85) سورة البقرة. و{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (3)} سورة الصف.
وكذلك إذا أحسنت الأدب مع الله بأداء فرائضه من العبادات كالصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها، فينبغي أن تتأدب مع الناس بحسب الخلق فالأدب مع الناس أدب مع الله؛ لأن الله هو الآمر بهذه الأخلاق الحسنة وفي الحديث: (من لا يشكر الناس لا يشكر الله).
وينبغي أن تعلم أن "حسن الخلق" هو واجهة المؤمن، وأول ما يلقى الناس من المؤمن، ولذلك ربما جذب المؤمن الناس بحسن أخلاقه إلى حسن إيمانه فيؤمنون، وقد وقع مراراً مع النبي صلى الله عليه وسلم أن أسلم أناس بمجرد حسن خلقه معهم.
وإذا تأملت التاريخ الإسلامي وجدت أن بلداناً في جنوب شرق آسيا وفي أواسط أفريقيا دخل الإسلام إليها، ولم يصل إليها جيش إسلامي ولا بعثة دعوية، وإنما وصل إليها تجار مسلمون حسنت أخلاقهم فكان سكان تلك البلاد من عبدة الأوثان أو النصارى أو غيرهم يتعجبون من أخلاقهم وأمانتهم فيسألونهم عن سبب هذه الأخلاق وتلك الأمانة فيقولون: الإسلام. فيتعرفون على الإسلام فيسلمون، وبعكس ذلك – في هذا العصر- بعض المسلمين في أوروبا وأمريكا شوهوا الإسلام، وصدوا عنه ببعض الأفعال والأخلاق القبيحة. وفي الختام أقول سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة؟ فقال: "تقوى الله وحسن الخلق" رواه الترمذي.
وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
النموذج الثاني
عذاب القبر ونعيمه
أخي المسلم/ من فضل الله علينا أن الإيمان بصّرنا بما وراء الحُجُب، فالإيمان بَصَر مع البصر، يُخبرك بما لا يصل إليه بصرك، والكافر محروم محجوب لا يعرف إلا ما تدركه حواسه{كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} (15) سورة المطففين فهم محجوبون في الدنيا قبل الآخرة. فلا يدرك ما يقع بعد الموت ولا يدري شيئاً من أحداث القيامة والبعث، وإذا كان لا يعرف، فمن باب أولى أنه لا يستعد ولا يضبط أموره استعداداً لرحلة الآخرة وهي رحلة طويلة مليئة بالأحداث الجسام العظام، ولذلك أثنى الله على رسله بإعلامهم بالغيب: {عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ… الآية{. سورة الجن وأثنى على سيد ولد آدم بإعلامه بهذا الغيب العظيم فقال:{مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا } (52) سورة الشورى.
ومن هذا الغيب الذي لم نكن لنعلمه لولا أن أعلمنا الله إياه أن هناك بعد الموت (فتنة القبر). وأنها تحوي فيما تحوي نعيماً للطائعين وعذاباً للعاصين، قال تعالى{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (46) سورة غافر .
ونعيم القبر أو عذابه مرحلة بعد الموت ومقدمة لما سيأتي من النعيم أو العذاب، ففي الحديث:(القبر أول منزل من منازل الآخرة، فإن نجا منه، فما بعده أيسر، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه) وقد تواترت الأحاديث النبوية الشريفة في هذا الباب حتى أصبح العلم بهذا – عند المؤمنين- قطعياً لا يدخله شك ولا يدانيه ريب، واعلم أن الشريعة لما ذكرت ما يقع في القبر من ضغطه القبر وسؤال منكر ونكير، وغير ذلك من الأمور العظام ما أرادت الشريعة إدخال الفزع والرعب في نفس المسلم، وإنما أرادت الشريعة أن يستعد المؤمن لهذا الأمر ويتهيأ له بالعمل الصالح فقد قال سفيان الثوري رحمه الله: "من أكثر من ذكر القبر وحده روضة من رياض الجنة، ومن غفل عنه وجده حفرة من حفر النيران".. فلماذا لا يكون قبرك روضة من رياض الجنة؟ ولماذا تخاف من عذاب القبر وتفزع ولا ترجو ولا تحن إلى نعيمه ولذته، فالقبر فيه هذا وذاك ولا يظلم ربك أحداً.
ولذلك عندما حذر الله الناس بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم فذكر بعد هذا أن العذاب سينال الكافرين، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (7) سورة التحريم ، وذكر أن النعيم سينال المؤمنين فقال{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (8) سورة التحريم. فنحن نقول لك نعيم القبر قبل عذابه، وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (بشروا ولا تنفروا)، وقول أهل العلم عذاب القبر ونعيمه ليس تقديماً للعذاب على النعيم فالواو – في اللغة العربية- لا تعني ولا تفيد ترتيباً حتى نقول أنهم قدموا العذاب على النعيم – فاستعد يا أخي الحبيب للقبر، واسعَ في أن تكون منعماً فيه لا مُعذَّباً وخَفْ من عذابه، واستعذ بالله منه، فإنك لا تنجو من النار إلا بالرجوع إلى الله كما أشارت الآية أن هؤلاء المؤمنين يتوبون إلى الله والله يكفر عنهم السيئات، ويدخلهم الجنات فالجأ إلى ربك ولذ به فلن يحفظك إلا هو، ولكن: (احفظ الله يحفظك).
يا غافلاً وله في الدهر موعظةٌ إن كنتَ في سنةٍ فالدهر يَقظان
حفظنا الله وإياكم، وأعاذنا من عذاب القبر، وجعله علينا روضة من رياض الجنة، وجمعنا في الفردوس الأعلى… آمين… آمين.
أخيراً: مصادر ومراجع البحث ولمزيد من المعلومات
"الكليات" لأبي البقاء (2/309)، و"محيط المحيط" (341)، و "التعريفات " للجرجاني (101)، و "المجمل" لابن فارس (2/296)، ومختار الصحاح للرازي (93)، و "قواعد التحديث" للقاسمي، و"من أجل مسجد فاعل": عبد الرحمن بن عبد الله اللعبون، و" الخطابة": لأبي زهرة، و "رياض الصالحين" للنووي، و "تفسير ابن كثير"، و "طرق الدعوة الإسلامية" للعدناني.