جلسة إيمانية
من الأنشطة الجيدة التي يمكن إقامتها في المسجد؛ نشاط الجلسة الإيمانية، وهذه الجلسة هي عبارة عن اجتماع أهل الخير والصلاح على أمر يزداد به إيمانهم بالله تعالى، اجتماع على ذكره عز وجل وهو من أجل الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المرء. وقد رغب النبي ﷺ في ذلك فقال كما في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ : “وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده”1.
قال الإمام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث: ويغفل بعض المبتدئين ونحوهم قوله ﷺ وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله تعالى ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة قيل المراد بالسكينة هنا الرحمة وهو الذي اختاره القاضي عياض وهو ضعيف لعطف الرحمة عليه وقيل الطمأنينة والوقار وهو أحسن وفى هذا دليل لفضل الاجتماع على تلاوة القرآن في المسجد.أهـ.
هذا هو اجتماع الصالحين على مائدة ذكر الله تعالى، لا على دنيا أو معصية من المعاصي، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه المفيد “الفوائد” اجتماع الإخوان وذكر أنه على قسمين:
1- اجتماع على موانسة الطبع وشغل الوقت، فهذا مضرته أرجح من منفعته، وأقل ما فيه أنه يفسد القلب ويضيع الوقت.
2- اجتماع بهم على التعاون على أسباب النجاة والتواصي بالحق والتواصي بالصبر، وهذا من أعظم الغنيمة وأنفعها.
لذلك كانت مجالسهم مجالس موعظة وتذكير وتعاون على البر والتقوى وتأليف القلوب وتحبيب للعمل الصالح تزيد الإيمان وتوصل إلى الرحمن.
خلا سفيان الثوري مع الفضيل بن عياض رحمهما الله تعالى فتذاكرا وبكيا فقال سفيان للفضيل: لكني أن لا نكون جلسنا مجلساً أضرّ علينا منه فقال سفيان الثوري: ولم يا أبا علي؟ قال: ألست قصدت إلى أحسن حديثك فحدثتني به، وقصدت أنا إلى أحسن حديثي فحدثتك به فتزينت لك وتزينت لي، فبكى سفيان أشد من بكائه الأول، وقال: أحييتني أحياك الله.
فهذه المجالس الإيمانية هي التي تحيي القلوب وترتاح لها النفوس وتستنير بها العقول. وهذه المجالس هي التي يجد المرء فيها الجليس الصالح الذي يأخذ بيده إلى طاعة الله تبارك وتعالى.
1 أخرجه مسلم (4/2074) برقم (2699).