صندوق الفتاوى

صندوق الفتاوى

صندوق الفتاوى

 

لقد أيد الله هذا الدين، ووكل بحفظه بعد رسوله صلى الله عليه وسلم من تقوم به الحجة وترتفع بقوله الشبهة وهم العلماء الفقهاء منهم، الذين ألزمهم حراسة شريعته، والتفقه في دينه فقال تعالى:{كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ} سورة آل عمران 79. وقال سبحانه:{وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} سورة التوبة: 122. فجعلهم فرقتين، أوجب على إحداهما الجهاد في سبيله، وعلى الأخرى: التفقه في دينه لئلا ينقطع جميعهم إلى الجهاد فتندرس الشريعة، ولا يتوفروا على طلب العلم فتغلب الكفار على الملة، فحرس بيظة الإسلام بالمجاهدين، وحفظ شريعة الإيمان بالمتعلمين، وأمر بالرجوع إليهم في النوازل، ومساءلتهم عن الحوادث، فقال عز وجل:{فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} سورة النحل: 43. وقال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ} سورة النساء: 83. وهكذا فإن التفقه في أمور الدين والدنيا من سمات الصالحين الذين يلتمسون أسباب السلامة في الدنيا والآخرة، ويحسنون الظن بربهم، ويرجون النجاة يوم القيامة.

وعليه يجب على المكلف أن يعرف أحكام الله المفروضة عليه وعلى أبناء جنسه، وهي مأخوذة من الكتاب والسنة بالنص أو بالإجماع أو بالقياس …. إلى أن قال: ثم لابد من استنباط هذه الأحكام من أصولها من وجه تفيد العلم بكيفية هذا الاستنباط وهذا هو أصول الفقه وبعد هذا تحصل الثمرة بمعرفة أحكام الله تعالى في أفعال المكلفين وهذا هو الفقه1. ومن حرص الصحابة رضي الله عنهم على ذلك كانوا يحملون الناس على التفقه في الدين، فقد روي عن علي رضي الله عنه أنه جاءه رجل فقال: يا أمير المؤمنين أريد أن أتجر، فقال له: الفقه قبل التجارة إنه من تجر قبل أن يفقه ارتطم بالربا ثم ارتطم2.

واليوم نرى زهداً كبيراً من بعض المسلمين لا نقول في العلم الشرعي بل في الدين كله وإنا لله وإنا إليه راجعون.

ونتيجة لهذا البعد عن العلم والعلماء وكتب أهل العلم فشا في الناس الجهل بأبسط أحكام الدين من عبادات ومعاملات وغيرها. وأصبح الناس في أمس الحاجة إلى وضع وسائل معينة على معرفة الأحكام الشرعية، من هذا الوسائل المعينة فكرة وضع صندوق لأسئلة واستفسارات المصلين أو ما يسمى بصندوق الفتاوى، الذي ينبغي أن يراعى فيه الأمور التالية:

1- أن يوضع في ناحية بارزة من نواحي المسجد يراه الداخل والخارج.

2-  يكتب عليه بخط واضح صندوق الفتاوى أو صندوق الأسئلة، أو ضع سؤالك.

3- الإعلان عن الصندوق وعن الجهة التي ستجيب عن الأسئلة وأن تكون هذه الجهة تحظى بالقبول والثقة من رواد المسجد وغيرهم.

4- الإجابة على الأسئلة أول بأول، حيث يقوم إمام المسجد بالإجابة عليها أو بإيصالها إلى أحد الشيوخ للرد عليها، وإرجاعها إلى الناس، أو يتم استضافة أحد الشيوخ  في يوم من أيام الأسبوع أو الشهر حسب القدرة بين مغرب وعشاء أو بعد العصر وقراءتها عليه فيجيب عليها الشيخ وتحصل الفائدة للجميع.

5- مراعاة أن تكون الإجابة سهلة وواضحة إلى ابعد الحدود. لأن بعض الذي يظنه طالب العلم من بدهيات المسائل يكون من معضلاتها عند بعض العامة.

6- إذا كان من المناسب أن تقرأ الأسئلة على رواد المسجد الصلوات فيتنبه إلى الأسئلة التي تثير بعض الخلافات الخصومات واختلاف وجهات النظر بين الناس، والإجابة عليها بحكمة.

والله والموفق


1 – مقدمة ابن خلدون تحقيق الدكتور علي عبد الواحد وافي

2 – الفقيه والمتفقه (1/45).