زيارة شيخ

زيارة شيـخ

 

زيارة شيـخ

 

 لا شك في أن الجلوس مع الصالحين وأهل العلم من أكثر ما يعين الإنسان على الثبات في دينه، فهم مصابيح الدجى، وبهم يهتدى ويقتدى فقد جعلهم المصطفى ورثته لا يرثون ديناراً ولا درهماً بل يرثون العلم النافع.

وزيارتهم من أفضل وأحسن الأعمال التي يقوم بها المسلم، والجلوس معهم فيه حياة القلوب وتغذية العقول فهم قد حملوا في جنبات صدورهم الهدى والنور؛ كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وما زالت الأمة قوية متماسكة ما التفت حول علمائها، وقويت صلتها بهم. ولذلك فلابد من معرفة مكانة أهل العلم وإنزالهم المنزلة التي أنزلهم الله إياها،والتأدب معهم في زياراتهم ومجالستهم والحديث معهم.

ومن آداب زيارتهم؛ رعاية حرمتهم فإن ذلك عنوان الفلاح والنجاح، ومن أسباب صيانة الديانة عن الإمتهان، وليكون العلم والعلماء محل الإجلال والإكرام والتقدير.

ومن الآداب التي يجب أن يتحلى بها الزائرون للشيخ الإقبال عليه وإظهار الاهتمام به وعدم  الانشغال عنه بتصفح كتاب أو حديث جانبي، بل يترك الحديث كله له، مع حسن السؤال والاستماع إليه، وعدم مقاطعته أو التقدم أو الإكثار عليه في الكلام، أو مداخلته في حديثه ودرسه إلا بإذنه، أو الإلحاح عليه في الجواب وكذلك تجنب الأسئلة التي فيها إحراج وعنت له، لاسيما مع شهود الملأ فإن هذا يوجب والكبر.

ومن آداب زيارة الشيخ والجلوس معه أيضاً أن لا ينادى باسمه مجرداً أو مع لقبه كأن يقال: يا شيخ فلان! بل الذي ينبغي أن يقال: يا شيخي أو يا شيخنا من غير تسمية، أو يقال يا أبا فلان، فإن هذا أرفع في الأدب..

أكنيه حين أناديه لأكرمه     ولا أللقبه والسوءة اللقب

وقد قال الله تعالى:{لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا}(63) سورة النــور. وفيه دلالة على التأدب مع مُعَلِّمِ الناس الخير صلى الله عليه وسلم، والعلماء تبعاً له إذ العلماء ورثة الأنبياء .

ومن آداب زيارة الشيخ أيضاً: ألا ينادى من بعد من غير اضطرار، ويلتزم توقير مجلسه، وإظهار السرور من درسه ونصحه والإفادة منه، وإذا بدا خطأ من الشيخ أو وهم فلا يسقطه ذلك من الأعين، فإن ذلك سبب لحرمان الناس من علمه، ومن الذي ينجو من الخطأ؟ فيتحمل ما يكون الإساءة من الشيخ حرصاً على الفائدة(1).

ذكر ابن مفلح في الآداب الشرعية قول الشافعي قال: غضب الأعمش يوماً على رجل من الطلبة فقال آخر لو غضب عليَّ مثلك لم أعد إليه، فقال له الأعمش: إذا هو أحمق مثلك يترك ما ينفعه لسوء خلقي(2).

ومن آداب زيارة: الالتزام بآداب الزيارة العامة من استئذان وترتيب موعد مسبق، وعدم زيارته في الأوقات المنهي عنها، أو أوقات يكره فيها أن يزوره أحد، وعدم التثقيل عليه والحرص على الإفادة منه والابتعاد عن كل ما يضجره ويضايقه،  وعدم استعمال أسلوب الاختبار وامتحانه.

 وفي ختام زيارة الشيخ يثنى على الشيخ ويشكر على استقباله وتفريغه وقته لتلك الزيارة وتكلفه…

والحمد لله رب العالمين.

 


 


1– راجع هذه الآداب في كتاب حلية طالب العلم للشيخ بكر عبد الله أبو زيد.

2– الآداب الشرعية لابن مفلح (2/26).