زيارة المستشفى

زيـارة مستشـفى

 

زيـارة مستشـفى

 

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، وعلى من اتبعهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين.

 أمَّا بعدُ:

فإن من حق المسلم على أخيه المسلم أنه إذا مرض أنْ يعوده، فعن أبي هُريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم-، قال: "حق المسلم على المسلم ست"، قيل:ما هن يا رسول الله؟وذكر منها: " وإذا مرض  فعده" رواه مسلم.

وكان النبي-صلى الله عليه وسلم-يعود أصحابه في مرضهم، ويدعو لهم، فعن سعد بن أبي وقاص-رضي الله عنه-، قال:عادني رسول الله-صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع من وجع أشفيت منه على الموت، فقلت:يا رسول الله، بلغني ما ترى من الوجع، وأنا ذو مال ولا يرثني إلا ابنة لي واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟قال:"لا"،  قال: قلت: أفأتصدق بشطره؟ قال: " لا،  الثلث والثلث كثير" رواه مسلم.

فمن شفقته ورحمته وحرصه-صلى الله عليه وسلم- على أصحابه أنه كان يزورهم ويتفقدهم، ويعود مريضهم، ولم تقتصر تلك الزيارة على أصحابه، بل زار غلاما يهودياً كان مريضاً، ودعاه إلى الإسلام، فأسلم ثم مات، فقال: (الحمد لله الذي أنقذه بي من النار)1.

وقد جعل الله ثواباً عظيماً لمن يزور مريضاً،  فعن ثوبان -رضي الله عنه- عن النبي-صلى الله علي وسلم- أنه قال: " من عاد مريضاً لم يزل في خرفة الجنة " قيل يا رسول الله: وما خرفة الجنة؟ قال جناها" 2.

وقد حث النبي-صلى الله عليه وسلم- على عيادة المريض، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: يا بن آدم مرضت فلم تعدني،  قال: يا رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده…) رواه مسلم.

وزيارة المسلم لأخيه المريض تشعره بأنه ليس وحيداً، وأن له إخواناً يُشاركونه في آلامه وأحزانه،  فيهون ذلك عليه، وما أجمل أن يكون المجتمع تسوده الرحمة والحب،  فيتعايشون في ظل رحمة هذا الدين،  ويشعرون بأنهم كيان واحد،  وجسد واحد.

وزيارة المستشفيات التي يرتادها المرضى،  والتي يقيم فيها أصحاب العاهات،  تُشعر الإنسان بنعمة الله عليه،  أن عافاه وجعله صحيح الجسم،  فعندما ينظر إلى أولئك المصابين يحمد الله أن أنعم عليه بوافر الصحة،  ويعرف أن ذلك فضل من الله عليه،  كذلك يعرف حقيقة هذا الإنسان، وأنه ضعيف وفقير،  وفي أمس الحاجة إلى الله –تعالى-.

وبتلك الزيارة التي يمارسها أصحاب الحي لإخوانهم في المستشفيات ينبعث في قلوبهم المحبة الصادقة تجاه إخوانهم، ويتعرفون على أحوالهم وما يحتاجون إليه، فيشعر المريض بالراحة،  ويشعر أن له إخواناً يقفون بجانبه إذا احتاج، ويعرف نعمة الأخوة الإسلامية،  التي حباه الله بها، وجعله من أهلها. فيكون المجتمع بهذا الشعور النبيل يحيا حياة سعيدة، وينعم بما أعطاه الله،  فيزداد شكراً لله الواحد القهار.

نسأل الله أن يوفقنا لكل خير، ويجنبنا كل شر، وأن يعافينا من كل بلاء، وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،  والحمد لله رب العالمين.

 


1 – رواه أحمد وأبو داود، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود برقم (2653).

2 – رواه مسلم.