كسب قلوب الطلاب

كسب قلوب الطلاب

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، أما بعد:

فإن المعلم الناجح هو الذي يدخل إلى قلوب طلابه بدون استئذان؛ لأن فهم الطالب للدرس يعتمد اعتماداً كبيراً على شخصية المعلم، فإنْ كان محبوباًً من طلابه، قريباً منهم؛ كأنّه أبٌ لهم أو أخٌ كبير؛ قبلوا منه، وأخذوا عنه، وتقبّلوا ما يقوله، وفهموه – وذلك إذا كان متمكناً في مادته – بل سيتضايقون لفراقه إلى درس آخر، وسيكونون في انتظاره إذا غاب عنهم، أمّا إذا لم يُحسِن معاملتهم، ولم يعرف الطريق إلى قلوبهم؛ فسينفروا منه، ويكرهوا مادته – مع أنها بريئة من هذا كله -، وقد لا تكون على مستوى كبير من الصعوبة، ولكنّ المحور الأساسي في ذلك كله هو المعلم، فهو الذي يُحسِن توجيه طلابه إليه، أو يصرفهم عنه.

بعض الوسائل لكسب قلوب الطلاب:

وثمة وسائل لكسب قلوب الطلاب منها:

1- التمكن من المادة العلمية للدرس، وتوثيق المعلومات لدى المعلم، فالمادة المهزوزة غير المتكاملة لا تفيد المتعلم بل تزيده شكاً فيما لديه من معلومات، وتبلبل أفكاره، والتحضير الجيد للدرس يزيد الطلاب حباً لمعلمهم؛ لأنه يعطيهم ما ليس عندهم، فيُعجبون بذلك، ويقدّرون جهوده، ولا يتعارض هذا مع ما يجده المعلم من أخطاء لا يسلم منها بشر، بل عليه أن يعترف بالخطأ، ويصححه، ويعتذر عن وروده – على ألا يَكْثُر من ذلك، أو يكون ميزةً له).

2- عرض الدرس بأسلوب شائق محُبّب للنفس، وإحسان المدخل للدرس، مع تنويع تلك الأساليب بين فترة وأخرى بحيث لا تُعرف من قِبَل الطلاب وتُمَل، فهم في كل يوم يرتقبون طريقة أو مفاجأة معينة.

3- احترام الطلاب، ومعاملتهم معاملة حسنة على أنهم رجال يعتمد عليهم لا أنهم صغار لا يعون شيئاً، وأنك أعلم منهم، وذلك من خلال الأمور التالية:

أ) احترام آرائهم في أي مسألة – إذا علِمتَ صدق الطالب وجديته -، وتشجيع ما يأتي به من حلول لمسائل علمية يقدمها، ولو كان هذا الرأي مرجوحاً، أو شبه خاطئ فيكون الجواب – مثلاً -: “محاولة جيدة، بارك الله فيك، أو أنا أوافقك الرأي على هذه النقطة وتلك، أو ولكني أخالفك الرأي في تلك النقطة بسبب كذا وكذا، فما رأيك؟” وهذه الطريقة تزرع في نفسه الشعور بالإيجابية، وتدفعه إلى المزيد من الآراء البنّاءة، وتجعله يراجع معلومته التي أبداها دون إحساس بالفشل.

ب) أن تكون الأوامر غير مباشرة كما كان يفعل معلم البشرية محمد  حيث كان يقول: لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين1 ففي الخطاب غير المباشر سمة رفيعة من سمات الأدب الراقي، فبدلاً من أن تقول للطالب: “أجب”، تقول: “تفضل بالإجابة”، وبدلاً من أن تقول “اجلس” تقول: “تفضل بالجلوس”، وعلى هذا فَقِس.

4- التواضع ولين الجانب؛ فلا يشعر الطالب بالفوقية، وأنك أعلى منه في كل شيء، بل دعه يحسّ بالأخوّة تجاهك، وأنه يتعلم منك، ويأخذ عنك ما هو مفيد، ويبقى بينك وبين الطالب حدود من رفع الكلفة لا يتجاوزها الطالب.

5- عند التعامل مع أي مشكلة تخص الطالب في سلوكه مع المعلم، أو مع طالب آخر؛ يكون بهدوء الأعصاب، وتجنب الانفعال الشديد، وأن لا يستجيب المعلم للاستفزاز، فالمعلم الهادئ المتصف بالرزانة من الصعب أن يُثار، وبهذا يكبر في عيون طلابه، وينظرون إليه بعين الإجلال والإكبار، أما الذي يغضب لأتفه الأسباب، ويفقد أعصابه في أي موقف؛ فسيستمر على هذا المسلسل حتى ما يبقى فيه عرق ينبض؛ لأن الطلاب لا يقفون عند حد، وربما أثر ذلك على صحته الجسمية من ارتفاع الضغط وغيرها من الأعراض النفسية التي ربما تتحول فيما بعد إلى أمراض نفسية، وعقد لا أول لها ولا آخر.2

6- عدم التشدد في وضع الاختبارات كطريقة للعقاب، بل يراعي الظروف الاجتماعية، والصحية، والثقافية؛ المحيطة بالطلاب، ومراعاة الفروق الفردية بينهم.

7- الحرص على الحضور مبكراً إلى الحصة.

8- المحافظة على مظهره العام به ليسصورة حسنة.

بعض الأنماط السلبية للمعلمين:

وإكمالاً للفائدة، هذه بعض الأنماط السلبية للمعلمين، منها:

§ المعلم المهمل: وهو إنسان دخل مهمة التعليم على سبيل الخطأ، وعلاقته بها علاقة شكلية وسطحية، فأنت تكتشف أن ليس له أي اهتمامات بالثقافة، أو التعليم، أو مستقبل الأجيال، ويظهر إهماله في تحضيره لدروسه، وفي تصحيحه لواجبات الطلاب، وأوراق امتحاناتهم، ولا يلقي بالاً لشكواهم، ولا يفكر في أحوالهم.

§  المعلم المستبد: من سمات هذا الصنف من المعلمين أنه يفتقر إلى الروح الرياضية، والمرونة الذهنية، وهو قوي الإحساس بمركزه وسلطته، ويغلب عليه طابع الحرفية، والتمسك بالأنظمة دون أن يأخذ بعين الاعتبار الظروف الخاصة التي يمر بها بعض الطلاب، والهم الذي يسيطر عليه هو إنهاء المناهج، فلا يعطي للثقافة العامة، وتنمية شخصيات الطلاب؛ ما تستحقه من عناية واهتمام.

§  المعلم الفوضوي: يسير المعلم الفوضوي في الاتجاه المعاكس للمعلم المستبد، فهو لا يأبه بتوجيهات الإدارة، ولا يلتزم بالنظم المرعية، كما أنه لا يهتم بإنهاء المناهج، ولا يكترث بما يسمى الأهداف التعليمية، وهو يحمل في نفسه نوعاً من الرفض للتقاليد التعليمية المعترف بها.

إن الذي يسيطر عليه هو العلاقات الإنسانية مع الطلاب، وحرصه على رضا طلابه ومسامرتهم، وهذا يقع عنده في المرتبة الأولى، ولهذا فإن المحصلة العلمية التي يحصل عليها طلابه من وراء تدريسه تعد متواضعة.

§  المعلم العادي: نمط المعلم هو النمط السائد في معظم المدارس، ومستوى ما هو عادي وغير عادي تحدده البيئة التعليمية العامة، فالمعلم العادي في دولة متقدمة يختلف كثيراً عن المعلم العادي في بلد متخلف فقير، يحرص المعلم العادي على إنهاء المناهج، كما يحرص على تنفيذ التعليمات العليا، لكنه مع هذا يتيح للطلاب نوعاً من المشاركة، كما يتيح فرصة محدودة لطرح الأسئلة، ومعرفته بمادته عادية، واهتمامه بتنمية شخصيته، وتحسين فاعليته؛ ضئيل أو دون المتوسط.

أما أنت أخي المعلم: فنطمح منك أن تتعالى عن كل الأنماط السلبية المذكورة آنفًا، وأن تتمسك بنياط النجاح لتكون المعلم الصالح المصلح لمجتمعه.3

نسأل الله – تعالى – أن يجعلنا ممن حسن سلوكهم مع تلاميذهم، والحمد لله رب العالمين.


1 رواه مسلم برقم (865).

2 من مقال بعنوان “كيف تكسب قلوب تلاميذك” المصدر:http://www.qassimedu.gov.sa بتصرف.

3 المصدر: http://www.eshraka.com بتصرف.