إمام المسجد

إمام المسجد

 

إمام المسجد

 

المسجد بقعة مباركة في أرض الله، وهو حصن الدين العظيم، ومعلم من معالمه الكبرى، ومنار يفيض بالطمأنينة والإيمان.. يـجتمع فيه المسلمون لينـهلوا من العلم الفضيلة، وزيادة الإيمان.. قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة..) الحديث1. وقال: (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)2. والمسجد أحد الأسباب التي تحمي العبد المؤمن من أهوال يوم القيامة، فما ظنك بمكانة موضع يهيئ الملجأ الآمن يوم يشتد الكرب، وتضطرب النفوس، ويبحث الخلق عن مأوى يحميهم يستظلون بظله، فيكون الذي تعلق قلبه بالمساجد في أمان واطمئنان قال رسول الله: (سبعـة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا له.. وذكر منهم (ورجل قلبه معلق بالمساجد)3.

والمسجد يحقق وحدة المسلمين؛ لأنهم يقفون في صف واحد باتجاه واحد لابتغاء الأجر والثواب. إن المسجد قلعة الإيمان، وحصن الفضيلة وهو المدرسـة الأولى التي يتخرج منها المسلم، وهو بيت الأتقياء، ومكان اجتماع المسلمين يومياً، ومركز مؤتمراتهم، ومحل تشاورهم وتناصحهم، وهو المنتدى الذي فيه يتعارفون ويتآلفون، وعلى الخير يتعاونون، منـه خرجت جيوشهم ففتحت مشارق الأرض ومغاربها، وإليه يرجع مسافرهم أول ما يرجع فيه السلوى، وفيه يعزي المسلم أخاه إذا أصابه مصاب، منه تخرج العلماء والفقهاء، وفيه كان الجرحى يمرضون، وبسواريه كان الأسرى يربطون، وفي رحابه كان التقاضي والقضاء، ومحاسبة الخلفاء، وفيه كانت تتم قسمة الغنائم، كما كانوا يعلقون فيه العذق ليأكل الجائعون والعلماء، فهو ملتقى الأمة وناديها، وجامعتها ومكان شوارها.

والمسجد هو أول شيء اهتم به الرسول – صلى الله عليه وسلم- حين قدم المدينة، فنزل في أعلاها ثم أمر ببناء المسجد.

وحتى يؤدي المسجد رسالته لا بد له من إمام جاد ونشيط ومتفاعل، فكما أن عليه إمامة الناس في صلاتهم، فإن عليه كثيراً من المهام منها:-

1.        تعليم الناس ما جهلوا من أمور دينهـم.

2.        متابعة المطبوعات والبحوث والندوات التي تتناول شؤون المسجد والتفاعل معها في الأخذ بما يناسب وضعية المسجد.

3.   مراعاة أحوال المصلين، فقد تكون الصلاة بجوار سوق، أو مكاتب أو مستشفى، أو مؤسسات لها علاقة بالمراجعين، وغير ذلك، وقد حرص النبي – صلى الله عليه وسلم- على تنبيه الأئمة إلى مراعاة المصلين والاهتمام بأحوالهـم فقال: (إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطوِّل ما شاء)4.

4.   وعلى الإمام أن يعرف فقه الصلاة والإمـامة: كأحكام الاستخلاف، والسهو، والعجز عن بعض الشروط أو الأركان كالقيـام، أو حدوث بعض العوارض في المسجد أثناء الصلاة، كبكاء الطفل، وهطول الأمـطـار، وغيرها من أحكام الصلاة كالصلاة بين السواري، صلاة الجنازة والكسوف… الخ.

5.        الإعلان عن الإيجابيات في الحي، والثناء على الحسن من الأمور.

6.        تفقد المصلين والسؤال عن الغائب، ومشاركتهم مناسباتهم من فرح وحزن والاهتمام بها.

7.        دراسة وضع أهل الحي دراسـة وافية، ومعرفة أهل الطاعات والمنكرات والتصرف معهم كل بحسبه.

8.        المشاركة في المشاريع الحيوية في الحي كالزواجات أو المشاريع الخيرية الخدمية، إلخ.

ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً.. وصلى الله على نبينا وعلى جميع الأنبياء وسلم تسليماً كثيراً..


 


1 – رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه وأحمد والدارمي.

2 – رواه مسلم.

3 – رواه البخاري ومسلم.

4 -البخاري برقم 662.