إدارة المسجد (1-2)
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعيـن:-
المسجد بقعة مباركة ، بل خير البقاع في أرض الله ، وأحبها إلى الله ، قال صلى الله عليه وسلم : (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها)1. وهو حصن حصين من حصون الدين القويم ، ومعلم من معالمه العظيمة، ومنار يفيض بالنور والهدى , ويملأ النفس طمأنينة وإيماناً …. يـجتمع فيه المسلمون لينـهلوا من كل فضيلة ،وما اجتمع قوم فيه يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا وغشيتهم الرحمة نزلت عليهم السكينة…) الحديث2. والمسجد أحد الأسباب التي تحمي العبد المؤمن النار ومن أهوال يوم القيامة، ذلك اليوم الذي يشتد فيه الكرب وتضطرب النفوس ،ويبحث الخلق فيه عن مأوى يؤويهم , ملجأ يحميهم ، ظلاً يستظلون بظله، فلا يجدون إلا رجلاً تعلق قلبه بالمساجد لا يكاد يخرج منها حتى يعود إليها فهو في أمان واطمئنان قال صلى الله عليه وسلم (سبعـة يظلهم الله فيظله يوم لا ظل إلا له، وذكر منهم “ورجل قلبه معلق بالمساجد“)3.
والمسجد يحقق وحدة المسلمين؛ لأنهم يقفون في صف واحد باتجاه واحد لابتغاء الأجر من واحد أحد . وهو قلعة التوحيد ، و بيت الرحمن وحصن الفضيلة والإيمان والمحضن الأول الذي يتخرج منه المسلم ، وهو بيت الأتقياء ، ومدرسة الأنبياء ، ومهوى قلوب الصالحين والأولياء . فيه يجتمع المسلمون ، ويعقدون مؤتمراتهم ، وبه ويتناصح المصلحون يتشاور، وهو المنتداهم الذي فيه يتعارفون ويتآلفون، وعلى الخير يتعاونون، منه إعداد جيشهم إذا خرج غازياً ، ومن منائرة يعلم إسلام البلاد فلا تغزى ، وبسواريه كانت تربط الأسرى ، منه تخرج العلماء والفقهاء ، وفي رحابه كان التقاضي والقضاء ،
لفضله وشرفه اهتم الرسول صلى الله عليه وسلم به , وهو أول شيء حين قدم المدينة بدأ به ، بل من أجله حمل الأحجار على كتفه صلى الله عليه وسلم . جعله الله من شعائره المعظمة { وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } الحج: 32 وهو من حرمات الله وحرمه { وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } الحج : 30
وحتى يؤدي المسجد رسالته لا بد له من إدارة متكاملة تقوم به ، فلا بد من وجود عدة شخصيات تناط بها مهام محددة ومن هذه الشخصيات :-
أولاً : المشرف العام على المسجد . ثانياً إمام المسجد وخطيبه. ثالثاً: المشرف على الأنشطة . رابعاً مدير التحفيظ .
فـأما المشرف العام فدوره متابعة الإمام في تنفيذ مهامه وتوجيهه، والعتب عليه إذا قصر في ذلك، وكذلك متابعة مشرف الأنشطة والتحفيظ، وتوجيهه ونصحه لما يطور عمله ويرقى به إلى أعلى المراتب.
وأما إمـام المسجد فكما أن عليه إمامة الناس في الصلاة فإن عليه كثيراً من المهام منها:-
1. تعليم الناس ما جهلوا من أمور دينهـم.
2. متابعة المطبوعات والبحوث والندوات التي تتناول شؤون المسجد والتفاعل معها في الأخذ بما يناسب وضعية المسجد.
3. مراعاة أحوال المصلين ، فقد تكون الصلاة بجوار سوق ، أو مكاتب أو مستشفى ، أو مؤسسات لها علاقة بالمراجعين، وغير ذلك وقد حرص عليه الصلاة والسلام على تنبيه الأئمة إلى مراعاة المصلين والاهتمام بأحوالهـم فقال : (إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء)4.
4. معرفة فقه الصلاة والإمـامة : كهطول الأمـطـار، والصلاة بين السواري، صلاة الجنازة والكسوف ،كذلك الحدث أثناء الصـلاة، والسهو وأحكامـه، والعجز عن القيـام ، وحدوث شيء في المسجد أثناء الصلاة ، نحو بكاء الطفل ، وحصول الخصومات والهوشات ونحوها ، وأن يكون حازماً فيما يتطلب الحزم .
5. الإعلان عن الإيجابيات في الحي ،والثناء على الحسن من الأمور.
6. تفقد المصلين والسؤال عن الغائب، ومشاركتهم مناسباتهم من فرح وحزن والاهتمام بها.
7. دراسة وضع أهل الحي دراسـة وافية،ومعرفة أهل الطاعات والمنكرات والتصرف معهم كل بحسبه.
وسنتكلم في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى عن دور مدير التحفيظ ومشرف الأنشـطـة في المسجد
والحمد لله رب العالمين،،،،،،،،،،،،،