الأمثال في القرآن
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين، محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين، أما بعد:
فإن الأمثال في القرآن الكريم لها أهميتها وثمرتها العظيمة، وإن أبرز تلك الثمرات والفوائد هي التفكر والتدبر والتعقل الذي يعيد للإنسان رشده وصوابه، ويؤوب إلى ربه مسلماً متوجهاً بقلبه ووجهه إليه..
وأمثال القرآن لا يعقلها إلا العالمون.. وهي تشبيه شيء بشيء في حكمه، وتقريب المعقول من المحسوس أو أحد المحسوسين من الآخر، واعتبار أحدهما بالآخر كقوله تعالى في حق المنافقين ومثلهم: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ*صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ*أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاء فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ} (17-19) سورة البقرة، إلى قوله: {إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (20) سورة البقرة.
فضرب للمنافقين بحسب حالهم مثلين: مثلاً نارياً ومثلاً مائياً لما في الماء والنار من الإضاءة والإشراق والحياة.
فإن النار مادة النور والماء مادة الحياة، وقد جعل الله سبحانه الوحي الذي أنزل من السماء متضمنا لحياة القلوب واستنارتها ولهذا سماه روحاً ونوراً وجعل قابليه أحياء في النور، ومن لم يرفع به رأسا أمواتاً في الظلمات، وأخبر عن حال المنافقين بالنسبة إلى حظهم من الوحي أنهم بمنزلة من استوقد ناراً لتضيء له وينتفع بها، وهذا لأنهم دخلوا في الإسلام فاستضاءوا به وانتفعوا.1
تعريف المثل:
لغةً: عبارة عن قول في شيء يشبه قولاً في شيء آخر بينهما مشابهة ليبين أحدهما الآخر ويصوره نحو "الصيفَ ضيِّعتِ اللبن".2
والمثل في الأدب العربي: قول محكي سائر يقصد به تشبيه حال الذي حكي فيه بحال الذي قيل لأجله، أي يشبه مضربه بمورده، مثل: رب رمية من غير رام.3
واصطلاحاً: نظم من التنزيل يعرض نمطا واضحاً معروفاً من الكائنات أو الحوادث الكونية أو التاريخية عرضاً لافتاً للأنظار، ليشبه أو يقارن به سلوك بشري، أو فكرة مجردة، أو أي معنى من المعاني، بقصد التوضيح أو الإقناع أو البرهان أو التأثير، أو لمجرد الإقتداء به، أو التنفير منه والابتعاد عنه أو بقصد بيان الفارق بين أمرين متناقضين للأخذ بأحدهما والابتعاد عن الآخر أو للبرهان على صحة أحدهما، وبطلان الآخر.4
ومن جانب آخر فالمثل عبارة عن كلام أُلْقيَ في واقعة لمناسبة اقتضت إلقاء ذلك الكلام، ثمّ تداولت عبر الزمان في الوقائع التي هي على غرارها، كما هو الحال في عامة الأمثال العالمية.
وعلى هذا فالمثل بهذا المعنى غير موجود في القرآن الكريم، لما ذكرنا من أنّ قوام الأمثال هو تداولها على الألسن وسريانها بين الشعوب، وهذه الصفة غير موجودة في الآيات القرآنية.
كيف، وقد أسماه سبحانه مثلاً عند النزول قبل أن يعيها النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- ويقرأها للناس ويدور على الألسن، فلا مناص من تفسير المثل في القرآن بمعنى آخر، وهو التمثيل القياسي الذي تعرّض إليه علماء البلاغة في علم البيان وهو قائم بالتشبيه والاستعارة والكناية..
أهم أهداف الأمثال القرآنية:
الأهداف الاعتقادية:
أ- البرهان على وجوب توحيد الله بالعبادة.
ب- البرهان على البعث والحشر والحساب.
الأهداف السلوكية:
أ- تعرية الباطل و تزييفه، وفضح مواقفه.
ب- توضيح الحق وتثبيته، وإقامة حججه وبراهينه.
جـ- التحذير من عاقبة كفر النعمة، وبطر المعيشة.
د- استخلاص سنن الله تعالى في الكون والحياة والإنسان
أهداف عامة:
أ- صرف الناس عن الجدل بالباطل إلى تأييد الحق.
ب- التذكير بسنن الله في الأمم الماضية لأخذ العبرة منها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.