تحفيظ الكبار في رمضان

تحفيظ الكبار في رمضان

الحمد لله رب العالمين, والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه والتابعين، وسلم تسليماًً كثيرا ً إلى يوم الدين، أما بعد:

لما كان شهر رمضان فرصةً للدعوة والدعاة، وموسماً يكثر فيه العباد من القربات، وتحبب إلى النفوس فيه كثير من الطاعات، ويهوى المساجد كثير من الناس شبابهم وشيبانهم وأطفالهم؛ كان حريَّاً بإدارات تحفيظ القرآن الكريم أن تستغل – بالإضافة إلى الصالحين الذين هم من أهل المساجد طوال العام – قدوم كثير من أهل الأسواق والأعمال واللهو الذين طالما هجروا المساجد، وعادوا إليها مع قدوم هذا الشهر الكريم.

إنه من اللازم على الدعاة المربين استغلال ذلك بفتح حلقات تعليم القرآن الكريم، والسنة النبوية لجميع الفئات، ومن تلك الشرائح كبار السن الذين صار لدى بعضهم قاعدة ونظرة خاطئة وهي أنه من المستحيل أن يتعلموا، أو أن يحفظوا من القرآن غير ما قد حفظوه من قصار السور مثلاً.

والحقيقة أنه لو اهتم طلاب العلم والدعاة المخلصون بهذه الشريحة من المجتمع، وفتحوا باب تحفيظ القرآن لهم – خصوصاً مع هذا الشهر المبارك – فإنه سينتفع كثير منهم، وسيحفظون من القرآن ما يسر الله لهم.

فكم من طالب علمٍ أو عالمٍ تغيرت حياته، وصارت حياته علمية يحفظ كتاب والله، وتعلم علوم الشريعة، وهو قد وصل الأربعين من عمره أو الخمسين، ولم يكن قبل ذلك إلا راعي غنم أو نحو ذلك من أرباب المهن.

فينبغي للقائمين على تحفيظ القرآن الاهتمام بهذه المسألة مع حلول هذا الشهر، وتخصيص وقت يتناسب مع الآباء لتحفيظ القرآن، ولتكن بطريقةٍ سهلة ميسرة بعيدة عن التعقيدات، بل ينبغي تشجيع الآباء، وبث الطمأنينة والثقة في نفوسهم بأنهم ليسوا ضعفاء، وليس حفظ القرآن صعباً كما يتوقع ذلك بعض الناس الذين تجاوزا مرحلة الدراسة.

وبالمناسبة فنحن عندما نتحدث عن تحفيظ الكبار فليس ذلك قاصراً على الآباء الكبار بل يدخل في ذلك الشباب الذين لم يوفقوا في السن الباكر لحفظ القرآن، تجاوزوا سن العشرينات مثلاً، فإنهم أيضاً يمكن الاهتمام بهم، والعناية بهم مع فترة سكون شهواتهم في هذه الفرصة الرمضانية الثمينة.

ونشير أيضاً إلى أن من الكبار الذين ينبغي الاهتمام بهم في تحفيظهم كتاب الله: النساء من الأمهات والأخوات، فهنَّ أيضاً من شرائح المجتمع اللاتي يحتجن إلى هذا الأمر وبشدة؛ خاصة أن المرأة هي المربية لأبنائها، وتجلس مع أبنائها أكثر من الأب، فبتعلمها القرآن، وحفظها إياه؛ تكون نواة صالحة، ومؤثرة قوية على أبنائها، فينتشر الخير والبركة في مثل هذه الفترة المناسبة من أيام هذا الشهر المبارك.

وفق الله الجميع إلى مرضاته، والحمد لله رب العالمين.