أنسب وقت للتحفيظ في رمضان
الحمد لله الذي جعل في السماء بروجاً، وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً، والصلاة والسلام على من أرسله ربه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وكفى بالله شهيداً، أما بعد:
فإن مما ينبغي للمرء المسلم في مثل هذه المواسم الفاضلة أن يستغلها فيما يعود عليه بالنفع في دنياه وآخرته، ويقربه إلى ربه – جل وعلا – بفعل الصالحات، والتزود من الخيرات، واجتناب كل ما يضعف همته؛ مما يفتر ويقعد عن الطاعة، وإنجاز كثير من المشاريع المفيدة، والإبداع في شتى المجالات.
ومن تلكم الأمور التي ينبغي التنبه لها، والحرص على اغتنامها في شهر رمضان؛ أن يستغل المسلم ساعات هذا الشهر الكريم في حفظ ومراجعة القرآن الكريم، وذلك بأن يجعل لنفسه – سواء على المستوى الفردي أو الجماعي – وقتاً مناسباً واسعاً ليتمكن من مراجعة وحفظ أكبر قدر من كتاب الله – تعالى -.
وبالنسبة لإدارة حلقات التحفيظ التي يقوم عليها مدرسو التحفيظ فإنه ينبغي لها أن تعيد النظر في الأوقات المناسبة لهذا الأمر في أيام شهر رمضان بأن يكون ذلك على فترتين – مثلاً – بحيث لا تتعارض مع وقت العبادة، والراحة، ويكون التحفيظ في رمضان على النحو التالي:
أنسب وقت للتحفيظ – وخاصة بعد أن يأخذ الطالب ومدرسه وقتاً كافياً للراحة والقيلولة، ومع اعتدال درجة الحرارة ولا تكون البطون مثقلة بالطعام والشراب، وكما هي العادة في غير رمضان – هو بعد صلاة العصر ولمدة ساعة، وقد يمتد أيضاً إلى ساعة والنصف في بعض الأماكن، وفي أزمنة دون أزمنة بحسب وقت شهر رمضان صيفاً أم شتاءً، لكن ينبغي عندما يكون الوقت طويلاً أن يتخلل فترة التحفيظ فترة استراحة، وإلقاء قصة أو ترفيه حتى لا يمل الطالب وينفر من الحلقة، وبالتالي يستغل هذا الوقت الطويل في استفادة الطالب أكثر من فائدة.
الفترة الثانية المقترحة للتحفيظ في هذا الشهر الكريم: بعد صلاة التراويح، وهذا التوقيت بحسب البيئات والأشخاص فقد يصلح لبيئة دون أخرى، إلا أنه لو ضبطت الأمور، وتعاون على ذلك أولياء الأمور؛ فإنه وقتٌ مناسب لانتزاع الأبناء من اللهث وراء المسلسلات والمسابقات الرمضانية التي كثيرٌ منها لا تفيد الأبناء بل تضرهم، ولهذا فيقترح أن يكون وقتاً لمراجعة المحفوظ، وذلك بعد صلاة التراويح، وتناول العشاء بساعة أو بساعة ونصف، ولمدة ساعة.
وهذا كله يقوم وينجح إذا كان مدرسو التحفيظ قد وضعوا لأنفسهم خططاً وبرامج تتخلل وقت التحفيظ للتوعية والتنبيه، والإرشاد والمتابعة ليستفيد الأبناء من دراستهم للقرآن والعلوم الأخرى، ويتعلموا النظام في شتى شئون حياتهم، فليست حلقات التحفيظ مقتصرة على حفظ القرآن فحسب.
هذه كلها مقترحات لطلاب التحفيظ بشكل جماعي، ويمكن أن يستفيدها من يقوم بحفظ القرآن ومراجعته بنفسه خاصة الكبار من الآباء وطلبة العلم، ونضيف أنه من المناسب لكثير منهم – أيضاً – الحفظ أو مراجعة المحفوظ، وكذا التلاوة بعد صلاة الفجر إلى الشروق لما في هذا الوقت من فضيلة، وهذا الوقت يناسب أيضاً أن يكون وقتاً لتدريس وحفظ القرآن للصغار لكن – أيضاً – بحسب الظروف والأحوال والبيئة التي يعيشها أهل هذه البلدة أو تلك، فهو وقت فيه بركة وخير كثير.
والله أعلم، وصلى الله على محمد، وآله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.