توجيهات لتدريس القرآن الكريم

توجيهات عامة حول طرق تدريس القرآ

 

توجيهات عامة حول طرق تدريس القرآن الكريم

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، أما بعد:

لا شك أن الإنسان ما زال بحاجة إلى نصح وتوجيه في عمله، حتى يستطيع الرقي بنفسه وعمله كل يوم شيئاً فشيئاً، ومن ذلك المدرس، فإنه ما زال يستفيد من تجارب ونصح إخوانه المدرسين الذين قد طرقوا قبله هذا الباب، وسجلوا حصيلة خبرتهم وتجربتهم في أسطر حتى يستفيد من أتى بعدهم وسلك مسلكهم.. لذا سنذكر جملة من التوجيهات العامة حول طرق تدريس القرآن الكريم.

1. ينبغي للمدرس أن يتدرج مع الطالب في تعليمه الأداء؛ فيحرص في البداية على إجادته نطق الكلمات والحروف، ومساعدته على التخلص من عيوب النطق كالفأفأة، والتأتأة، بالإضافة إلى مساعدته على التخلص من تأثير اللهجات المحلية، أو اللغات الأعجمية، على نطق بعض الكلمات أو الحروف، ونحو ذلك من صور اللحن الجلي، ثم يدربه على إتقان الأداء، وتجاوز اللحن الخفي شيئاً فشيئاً.

2. ينبغي للمدرس أن لا يسمح للطالب الذي تكثر أخطاؤه بالانتقال من المقطع الذي هو فيه إلى مقطع جديد، ويتأكد ذلك إذا كانت الأخطاء في الحركات ونطق بعض الكلمات.

3. ينبغي للمدرس أن يدرب الطالب على قيامه باكتشاف خطئه بنفسه، وأن لا يرد عليه في كل خطأ، وبخاصة في درس التلاوة، ويكون ذلك -مثلاً- عن طريق سؤاله عن الحرف أو الحركة التي أخطأ فيها، أو العلامات التي لم يراعها.

4. على المدرس أن يكلف كل طالب وفق طاقته؛ لأن نتيجة تكليفهم فوق طاقتهم: شعورهم بالعجز، ومن ثَمَّ بالإحباط. ونتيجة تكليفهم أقل من قدرتهم إيجاد فراغ وملل من طول الجلوس من غير عمل ممارس، مما يدفعهم إلى الرغبة الشديدة في الخروج المبكر.

5.   تكون الخطوات الأساسية التي يقوم بها الطالب عادة في الحلقة:

أ‌-                 حفظ الدرس الجديد لذلك اليوم ثم تسميعه.

ب‌-           مراجعة ما يكلف به من مراجعة حفظ قديم، ثم قراءته على المدرس أو من ينيبه عنه من الطلبة.

6. ينبغي للمدرس أن يوازن بين الحفظ الجديد والمراجعة، وأن يحرص على ضبط الطلاب لما أتموا حفظه سابقاً كحرصه على حفظهم لدرس جديد.

7. على المدرس أن لا يستمع لأكثر من طالب في وقت واحد! حتى يتأكد من عدم خطأ أحد الطلاب بكلمة أو حرف، وحتى يتابع الطالب متابعة جيدة من جهة الأداء.

8. في حال كثرة الطلاب يمكن للمدرس أن يجعل له عرفاء من الطلبة المجيدين المنضبطين، بحيث يقرؤون عليه في أول وقت، ثم يقومون بالاستماع للطلاب، فمن أجازه أولئك العرفاء بادر بالقراءة على المدرس.

9.   على المدرس أن يحرص على تعظيم الطلبة للقرآن الكريم، ومن وسائل ذلك:

أ‌-      تعويدهم على عدم التكلم أثناء القراءة، والتزام المدرس بذلك، فإن احتاج للكلام أثناء تسميع طالب عليه أوقف القارئ حتى ينهي كلامه.

ب‌-           تعويدهم على آداب حمل المصحف ووضعه، والمبالغة في إرشاد وزجر من يهمل مصحفه.

ت‌-           تعويدهم على وصف القرآن بالعظيم، والكريم، والمبارك ونحو ذلك، دون ذكره باسمه مجرداً.

10.على المدرس أن يلتزم بآداب التلاوة أثناء القراءة على الطلاب، وأن يدربهم على الالتزام بها، ومن ذلك: الجلوس جلسة مناسبة بوقار وسكينة، والطهارة، والمحافظة على الإتيان بالاستعاذة والبسملة في مواضعها.

11.أن يعمل المدرس جاهداً على تقوية الدوافع الذاتية على الحفظ والدراسة لدى الطلبة، ولا يقصر ذلك على تشجيع الطالب من قبل ولي الأمر، أو إجباره على الذهاب إلى الحلقة؛ إذ أنه متى توقف تشجيع الأهل، وكبر الطفل وشب عن الطوق، وأصبح ما يمارسونه من ضغط وإجبار بالنسبة له عديم التأثير: انقطع عن الحفظ وترك الدراسة. ولعل من أبرز الأمور التي يمكن من خلالها للمدرس تقوية دافع الحفظ والاستمرار في الحلقة لدى الطالب ما يلي:-

أ‌-      إيجاد هدف لدى الطالب يكون واضحاً في ذهنه يسعى إلى تحقيقه، مع إقناعه بسهولة تحقيقه لهدفه إذا ما واصل الحفظ والدراسة في الحلقة، وإرشاده إلى سبل تحقيق ذلك الهدف والوسائل المعينة عليه.

ب‌-           إشباع ما يمكن من احتياجات الطالب الفكرية والنفسية والاجتماعية في المرحلة الزمنية التي يمر بها.

ت‌-           ترغيبه بما ورد في النصوص الصحيحة في فضل القرآن الكريم وحملته التالين له، العاملين بما فيه.

ث‌-           تشويقه بالحضور إلى الحلقة عن طريق الأمور التالية:-

       حسن معاملته وتقديره، ووضعه مع رفقة صالحة يُسر أثناء مصاحبتها.

       إعطاؤه ما أمكن من الشهادات التقديرية والهدايا المناسبة.

   ترشيحه بين آونة وأخرى للمشاركة في الأنشطة التي تقيمها الحلقة مثل: الرحلات، والزيارات، والمخيمات، والملتقيات… ونحو ذلك.

       ثناء المدرس عليه، والدعاء له بالتوفيق بعد قراءته إن كان مجيداً لحفظ ما قرأ عليه.

   إشعاره بتمييزه على الآخرين من زملائه الذين في سنه من الذين لا يحضرون إلى الحلقة، ويمكن تحقيق ذلك الشعور بالتمييز بواسطة:

1.         التعاون مع ولي الأمر لقيام المنزل بدوره في ذلك.

2.         إرسال إشعار لولي الأمر بتفوق ابنه بين آونة وأخرى.

3.   ترشيحه للقراءة على جماعة المسجد بعد أحد الفروض، وإعطاؤه جائزة رمزية من إمام المسجد بعد انتهاء القراءة أمام الجماعة.

4.         تكليفه بإمامة زملائه في إحدى الرحلات أو المخيمات.

5.         ترشيحه للقراءة في الاحتفالات والمناسبات والمختلفة.

6.   التنسيق مع مدرسته النظامية -إن أمكن- للإشادة بتفوقه في القراءة، وإرجاع السبب في ذلك إلى انتظامه في الحلقة.

7.   كتابة اسمه مع المتفوقين في لوحة الإعلانات في مسجد الحي، ونحو ذلك من الوسائل التي يختلف تقديرها باختلاف البيئة والإمكانات.

ج‌-            بالنسبة للطلبة صغار السن:

       يمكن استخدام الجوائز الرمزية لحفز هممهم كإعطائهم شيئاً من الحلوى أو اللعب المباحة.

    إذا لم ينفع فيهم الترغيب وحده فلا بأس من مزجه بشيء من الترهيب، سواء أكان ترهيباً معنوياً؛ مثل: حرمانه من المزايا التي تعطيها الحلقة لطلابها الجيدين، أو إبلاغ المنزل بتقصيره.. نحو ذلك.  أم ترهيباً بدنياً مثل: الإيقاف في الحلقة، والضرب غير المبرح عند الحاجة إليه.. ونحو ذلك.

12.       ينبغي للمدرس استخدام ما يمكن من وسائل الإيضاح في درس التلاوة، أو أثناء تعليم أحكام التجويد، ومن أبرزها:

أ‌-                 القراءة المثالية من قبل المدرس أو أحد الطلبة المجيدين أو من يتم استضافته من خارج الحلقة.

ب‌-           الأشرطة المسجلة.

ت‌-           المصحف في درس التلاوة وأثناء شرح أحكام التجويد.

ث‌-           أحد كتب التجويد.

ج‌-    السبورة سواء أكانت ثابتة أم متنقلة، ويفضل استخدام الأقلام والطباشير الملون… إذا تيسر ذلك لتوضيح علامات الإعراب (الحركات) واصطلاحات وعلامات الوقوف والمد، ونحو ذلك.

ح‌-            الصحف الحائطية ونحوها، إن كانت متيسرة.

13.       ينبغي للمدرس إرشاد طلابه إلى ما يناسب من الأسباب والوسائل المعينة على الحفظ الجيد، وهي كثيرة منها:-

1.   الإخلاص لله -تعالى- والرغبة في مرضاته، ونيل ثوابه الذي رتبه على قراءة وحفظ كتابه العزيز.

2.   العمل بأوامر القرآن الكريم واجتناب نواهيه.

3. تدبر الآيات التي يقرؤها، وما ترشد إليه من توجيهات ونواهٍ، ومواعظ وعبر؛ لأن الحفظ متى اقترن بالفهم كان أرسخ وأثبت.

4.   ترك كافة الصوارف والملهيات التي تمنع الحفظ أو إجادته.

5.   دعاء الله -تعالى- والتضرع واللجوء إليه وسؤاله التوفيق للوصول إلى أفضل النتائج.

6.   عدم التحدث فيما لا يعني، واستغلال المرء ما يمكن من حالات سكوته بقراءة القرآن الكريم وحفظه.

7. أكل القدر اليسير من الحلال، والتقيد بالسنة في الأكل، وعدم الإفراط في الشبع؛ نظراً لحاجة من يفعل ذلك إلى الشرب الكثير مما يفضي إلى النوم الطويل، والخروج المتكرر.

8.   التركيز وجمع الهم أثناء حفظ القرآن الكريم، وعدم تشتيت الذهن وتشعيب الفكر في أمور مختلفة.

9.   التفرغ للحفظ والتقليل من المشاغل والأعمال بقدر الإمكان.

10.   تكرار ما تم حفظه، وإلزام الطالب نفسه بعدم مرور وقت طويل دون المراجعة والاستذكار.

11.   الاستمرار في الحفظ من مصحف ذي رسم واحد.

12.   الابتداء في الحفظ من آخر المصحف، وبخاصة للطلاب صغار السن وضعيفي العزيمة.

13. اختيار المكان والزمان المناسب، ومن أنسب الأمكنة للحفظ بيوت الله، وكذا الأماكن الخالية من الشواغل والأصوات المزعجة، والحر المؤذي، أو البرد، وغير ذلك.. ومن أنسب الأوقات للحفظ: في الليل وخاصة في الثلث الأخير منه، وكذا بعد صلاة الفجر.  وفي أوقات الهدوء التام، وعندما يكون الإنسان مرتاحاً نفسياً وبدنياً.. والله أعلم.

 هذه جملة من النصائح والتوجيهات النافعة إن شاء الله -تعالى-.

والحمد لله رب العالمين.

المرجع/ (نحو أداء متميز لحلقات تحفيظ القرآن الكريم) ص30-36. بتصرف يسير. وزيادات نافعة.