عقبات في طريق الإشراف على الحلقات
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن عملية الإشراف على حلقات تحفيظ القرآن الكريم كأي عملية إدارية تكتنفها جوانب السهولة والصعوبة ، بل إنها لتكون صعبة ومعقدة في الغالب، لا كما يتصورها بعض الناس. وذلك أن تحفيظ وتدريس القرآن الكريم عملية تعليمية تربوية وفنية، تختلف في مضامينها عن عمليات التعليم الأخرى، ومن ذلك مثلاً جانب التربية فيها يتخلف تماماً عن جانب تربوي في منهجيات التعليم الأخرى التي لا تستقي من نبع الوحي الإلهي، ومن هنا تبرز بعض السلبيات في الإشراف على هذه الحلقات، وينبغي أن يتنبه لها، ويكون منها على حذر ومنها ما يلي:
1. نقص الخبرة الفعلية لدى المشرف أو الموجه، فينبغي على المؤسسة التي تتبنى هذه الحلقات أن لا تعين في الإشراف إلا من تقتنع بكفاءته وخبرته الفعلية. وإلا صدق عليهم قول الشاعر:
أعمى يقود بصيراً لا أبا لكم قد ضل من كانت العميان تهديه
فالناس لو تركوا من غير توجيه خاطئ أياً كان ذلك التوجيه، لم يكونوا إلا على الفطرة التي فطر الناس.
2. اهتمامه بالجوانب النظرية أكثر من النواحي العملية والتطبيقية، وبالنواحي الإدارية أكثر من الفنية، وبالشكليات دون الجوهر، وبالسلبيات دون الإيجابيات، وهذه مظاهر عدم التوازن في الأسلوب الإشرافي للمشرف المسؤول. ولاشك أن هذه عقبة، وعلاجها يكمن في أن يتنبه لها المشرف فيثوب إلى التوازن، وإما أن نكون أكثر صراحة وجرأة فنستبدل بالمشرف من هو أكثر نضجاً.
3. عدم النقد البناء، والامتداح وكلمات التشجيع، فالعقبة هذه تظهر لنا المشرف بأنه كثير النقد الهدام الذي يكرس الإحباط في النفوس، وأما كلمات التشجيع والمدح فلا تعرف إلى لسانه طريقاً.
4. عدم وجود الاتصالات الكافية بين الأطراف المعنية،وهذه العقبة من أهم العقبات؛إذ أنَّ كثيراً من الأُمور تُؤَجَّلُ وتُؤَجَّلُ بسبب عدم إتاحة الفرصة بين المسؤول والمدرسين للاجتماع الإشرافي، لضيق الوقت وكثرة الأعمال. والاتصالات الهاتفية لا تحل المشكلة كلها، فهذه الإشكالاتُ التراكمية تأخذ مجراها فتتزاحم للتفجر في يوم من الأيام حيث لا ينفع تداركها، ولآت ساعة مندم.
5. خوف المعلمين من الصور التقليدية للتفتيش، والخوف من المجاملة أو المحسوبية، أو العداء الشخصي من جانب المشرف.
6. الاستماع إلى الإشاعات والوشايات وتصديقها من جانب المشرف1. وهذه ظاهرة منتشرة في أوساط كثير من الناس، وهي فعلاً عقبة في طريق الإشراف الفعال، وعلاجها يمكن تلخيصه في النقاط التالية:
· اعقد اجتماعاً فورياً بعد سماع أي إشاعة تهدد العمل، وأجب عن أسئلة المدرسين بقدر ما تستطيع من الصراحة.
· انتبه لأسلوبك أثناء اتصالاتك مع الآخرين، فربما تكون أنت من المساهمين في نشر الإشاعة.
· اطلب من الجهات العُليا في إدارة المؤسسة – أو الجمعية- عقد اجتماع لمعالجة القضايا المهمة المعلقة، أو التي تدور حولها الإشاعات بأسرع وقت.
· واجه المدرسين والطلاب وجهاً لوجه، وصارحهم بالحقائق كلما سنحت الفرصة2. والله من وراء القصد، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.