زكاة الحيوان
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً،، أما بعد:
ففي هذا الموضوع نتعرف على شعيرة عظيمة من شعائر الدين، وركن من أركان الإسلام، ألا وهي الزكاة، ونخص منها زكاة الحيوان، وفيما يلي تفصيل الأحكام التي تتعلق بذلك:
عَنْ أَنَسٍ -رَضِيَ الله عَنْهُ-: (أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- كَتَبَ لَهُ هَذَا الْكِتَابَ لَمَّا وَجَّهَهُ إِلَى الْبَحْرَيْنِ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ، فَمَنْ سُئِلَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِهَا فَلْيُعْطِهَا، وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَهَا فَلَا يُعْطِ: فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ مِنْ الْإِبِلِ فَمَا دُونَهَا مِنْ الْغَنَمِ مِنْ كُلِّ خَمْسٍ شَاةٌ إِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ إِلَى خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بِنْتُ مَخَاضٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَثَلَاثِينَ إِلَى خَمْسٍ وَأَرْبَعِينَ فَفِيهَا بِنْتُ لَبُونٍ أُنْثَى، فَإِذَا بَلَغَتْ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ إِلَى سِتِّينَ فَفِيهَا حِقَّةٌ طَرُوقَةُ الْجَمَلِ، فَإِذَا بَلَغَتْ وَاحِدَةً وَسِتِّينَ إِلَى خَمْسٍ وَسَبْعِينَ فَفِيهَا جَذَعَةٌ، فَإِذَا بَلَغَتْ يَعْنِي سِتًّا وَسَبْعِينَ إِلَى تِسْعِينَ فَفِيهَا بِنْتَا لَبُونٍ، فَإِذَا بَلَغَتْ إِحْدَى وَتِسْعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِيهَا حِقَّتَانِ طَرُوقَتَاً الْجَمَلِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ فَفِي كُلِّ أَرْبَعِينَ بِنْتُ لَبُونٍ وَفِي كُلِّ خَمْسِينَ حِقَّةٌ، وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إِلَّا أَرْبَعٌ مِنْ الْإِبِلِ فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، فَإِذَا بَلَغَتْ خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ فَفِيهَا شَاةٌ وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ إِلَى مِائَتَيْنِ شَاتَانِ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى مِائَتَيْنِ إِلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ فَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى ثَلَاثِ مِائَةٍ فَفِي كُلِّ مِائَةٍ شَاةٌ، فَإِذَا كَانَتْ سَائِمَةُ الرَّجُلِ نَاقِصَةً مِنْ أَرْبَعِينَ شَاةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ فِيهَا صَدَقَةٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا، وَفِي الرِّقَّةِ رُبْعُ الْعُشْرِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ إِلَّا تِسْعِينَ وَمِائَةً فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبُّهَا)1، وعن معاذ بن جبل -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- قَالَ: (بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلى اليَمَنِ وَأَمَرَنِيْ أَنْ آخُذَ مِنَ البَقَرِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً، وَمِنْ كُلِّ ثَلاثِينَ تَبِيعًا أَو تَبِيعَةً)2.
ويستفاد من الحديثين الآتي:
أولاً: حكم الزكاة:
هي واجبة، ووجوب زكاتها مما أجمع عليه علماء الإسلام، وصحت فيه السنة عن النبي -صلى الله عليه وسلم-3 كما تقدم في قوله: (هَذِهِ فَرِيضَةُ الصَّدَقَةِ الَّتِي فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَالَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِهَا رَسُولَهُ)، وقول معاذ –رضي الله عنه-: (وَأَمَرَنِيْ أَنْ آخُذَ مِنَ البَقَرِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً وَمِنْ كُلِّ ثَلاثِينَ تَبِيعًا أَو تَبِيعَةً).
وَلما جاء عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْه- عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَا مِنْ صَاحِبِ إِبِلٍ وَلَا بَقَرٍ وَلَا غَنَمٍ لَا يُؤَدِّي حَقَّهَا إِلَّا أُقْعِدَ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقَاعٍ قَرْقَرٍ تَطَؤُهُ ذَاتُ الظِّلْفِ بِظِلْفِهَا، وَتَنْطَحُهُ ذَاتُ الْقَرْنِ بِقَرْنِهَا، لَيْسَ فِيهَا يَوْمَئِذٍ جَمَّاءُ وَلَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ)، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا حَقُّهَا؟ قَالَ: (إِطْرَاقُ فَحْلِهَا وَإِعَارَةُ دَلْوِهَا وَمَنِيحَتُهَا وَحَلَبُهَا عَلَى الْمَاءِ وَحَمْلٌ عَلَيْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلَا مِنْ صَاحِبِ مَالٍ لَا يُؤَدِّي زَكَاتَهُ إِلَّا تَحَوَّلَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ يَتْبَعُ صَاحِبَهُ حَيْثُمَا ذَهَبَ وَهُوَ يَفِرُّ مِنْهُ وَيُقَالُ: هَذَا مَالُكَ الَّذِي كُنْتَ تَبْخَلُ بِهِ، فَإِذَا رَأَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي فِيهِ فَجَعَلَ يَقْضَمُهَا كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ)4.
قال النووي: وأجمع المسلمون على وجوب الزكاة في الإبل والبقر والغنم5.
ثانياً: نوع الحيوان الذي تخرج منه الزكاة:
زكاة الحيوان تكون في الإبل والغنم كما في حديث أنس، وفي البقر كما في حديث معاذ. والمقصود بها الإنسية لا الوحشية، وهذا شرط عند الفقهاء لوجوبها، ولذلك اختلفوا في المتولد من الوحشي والإنسي6.
ثالثاً:شرطها:
أن تبلغ النصاب الشرعي على النحو المبين في الحديثين، وأن يحول عليها الحول؛ لحديث عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ زَكَاةَ فِيْ مَالٍ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الحَوْلُ)7. ونصابها كما في الحديثين واضحٌ، وهو كالتالي:
– نصاب الإبل:
· أجمع المسلمون على أن في كل خمس من الإبل شاة إلى أربع وعشرين، فإذا كانت خمساً وعشرين، ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون ذكر، فإذا كانت ستًا وثلاثين، ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين، فإذا كانت ستًا وأربعين، ففيها حقة إلى ستين فإذا كانت واحدًا وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإذا كانت ستًا وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإذا كانت واحدًا وتسعين، ففيها حقتان إلى عشرين ومائة.
· اختلفوا فيما زاد على المائة وعشرين:
– قال مالك: إذا زادت على عشرين ومائة واحدة، فالمصدق بالخيار، إن شاء أخذ ثلاث بنات لبون، وإن شاء أخذ حقتين، إلى أن تبلغ ثلاثين ومائة، فيكون فيها حقة، وابنتا لبون8.
– وقال الشافعي: يأخذ ثلاث بنات لبون من غير خيار إلى أن تبلغ ثمانين ومائة فتكون فيها حقة، وابنتا لبون9.
– وقال أبو حنيفة وأصحابه والثوري: إذا زادت على عشرين ومائة عادت الفريضة على أولها ومعنى عودها أن يكون عندهم في كل خمس شاة، فإذا كانت الإبل مائة وخمسة وعشرين كان فيها حقتان وشاة: الحقتان للمائة والعشرين، والشاة للخمس، فإذا بلغت ثلاثين ومائة ففيها حقتان، وشاتان فإذا كانت خمسا وثلاثين ففيها حقتان وثلاث شياه إلى أربعين ومائة، فإذا بلغتها ففيها حقتان وأربع شياه إلى خمس وأربعين ومائة، فإذا بلغتها ففيها حقتان وابنة مخاض، الحقتان للمائة والعشرين، وابنة المخاض للخمس وعشرين كما كانت في الفرض الأول إلى خمسين ومائة، فإذا بلغتها، ففيها ثلاث حقاق، فإذا زادت على الخمسين ومائة، استقبل بها الفريضة الأولى إلى أن تبلغ مائتين، فيكون فيها أربع حقاق، ثم يستقبل بها الفريضة. وهكذ10.
– وقال أحمد: إذا بلغت إحدى وعشرين ومائة، ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة11وهذا القول إحدى الروايتين عنه.
مسألة في مصادفة الفرضين:
ذكر الشافعية أنه: إن اتفق في نصابٍ فرضان كالمائتين هي نصاب خمس بنات لبون ونصاب ربع حقاق، (فقد قال في الجديد): تجب أربع حقاق أو خمس بنات لبون12.
الجبران:
من فقد أحد الفروض كمن لزمه بنت مخاض، فلم يجدها عنده، صعد إلى أعلى منه وأخذ من المدفوع له شاتين أو عشرين درهماً، أو نزل إلى أسفل من الواجب بدرجة، وأعطى على حسب اختياره شاتين أو عشرين درهماً عملاً بحديث أنس -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ أَبَا بَكْرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- كَتَبَ لَهُ فَرِيضَةَ الصَّدَقَةِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، مَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ مِنْ الْإِبِلِ صَدَقَةُ الْجَذَعَةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ جَذَعَةٌ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيَجْعَلُ مَعَهَا شَاتَيْنِ إِنْ اسْتَيْسَرَتَا لَهُ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ الْحِقَّةُ وَعِنْدَهُ الْجَذَعَةُ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْجَذَعَةُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ عِنْدَهُ صَدَقَةُ الْحِقَّةِ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ إِلَّا بِنْتُ لَبُونٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ لَبُونٍ وَيُعْطِي شَاتَيْنِ أَوْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَعِنْدَهُ حِقَّةٌ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ الْحِقَّةُ وَيُعْطِيهِ الْمُصَدِّقُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ، وَمَنْ بَلَغَتْ صَدَقَتُهُ بِنْتَ لَبُونٍ وَلَيْسَتْ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُ بِنْتُ مَخَاضٍ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ مِنْهُ بِنْتُ مَخَاضٍ وَيُعْطِي مَعَهَا عِشْرِينَ دِرْهَمًا أَوْ شَاتَيْنِ)13.
وله صعود درجتين وأخذ جبرانين، بشرط تعذر وجود الدرجة القربى في تلك الجهة، ومن أخرج أعلى من الواجب عليه فله ذلك؛ لأنه زاد على الواجب من جنسه14.
– نصاب البقر:
الأصل فيها قول معاذ -رضي الله عنه- السابق: (وَأَمَرَنِيْ أَنْ آخُذَ مِنَ البَقَرِ مِنْ كُلِّ أَرْبَعِينَ مُسِنَّةً وَمِنْ كُلِّ ثَلاثِينَ تَبِيعًا أَو تَبِيعَةً).
ولا زكاة فيما دون الثلاثين من البقر في قول جمهور العلماء15، وإذا ملك الثلاثين من البقر، ففيها تبيع أو تبيعة، إلى تسع وثلاثين، فإذا بلغت أربعين ففيها مسنة، إلى تسع وخمسين، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان، إلى تسع وستين، فإذا بلغت سبعين ففيها تبيع ومسنة، فإذا زادت ففي كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسنة، التبيع: الذي له سنة، ودخل في الثانية، وقيل له ذلك لأنه يتبع أمه، والمسنة : التي لها سنتان، وهي الثنية16.
وما بين الفريضتين: عفو إلا فيما زاد على الأربعين إلى الستين، فيجب عند أبي حنيفة في الزيادة بقدر ذلك، ففي الواحدة ربع عشر مسنة، وفي الاثنين: نصف عشر مسنة، وهكذ17.وذهب مالك والشافعي وأحمد، والثوري، وجماعة إلى أن لا شيء فيما زاد على الأربعين حتى تبلغ الستين18.
ولا خلاف في أن الجواميس والبقر سواء؛ لاتحاد الجنسية، إذ هو نوع منه19.
– زكاة الغنم:
إذا بلغت الغنم أربعين شاة ففيها شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت على العشرين ومائة، ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت على المائتين، فثلاث شياه إلى ثلاثمائة إجماعاً. وإذا زادت على الثلاثمائة، ففي كل مائة شاة عند الجمهور20.
ولا يجزئ في صدقة الغنم إلا الجذع من الضأن، وهو ما له ستة أشهر، والثني من المعز، وهو ما له سنة21.
واتفق الفقهاء على أن ما بين الفريضتين في كل الأحوال عفو، لا زكاة فيه22.
ما يجوز إخراجه:
وفيما تقدم من الإبل والبقر والغنم لا يجوز إخراج هرمة ولا ذات عوار ولا مريضة، ولا ذات عيب23؛ لحديث أَنَسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ لَهُ الصَّدَقَةَ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ رَسُولَهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَلَا يُخْرَجُ فِي الصَّدَقَةِ هَرِمَةٌ وَلَا ذَاتُ عَوَارٍ وَلَا تَيْسٌ إِلَّا مَا شَاءَ الْمُصَدِّقُ)24.
ولا يخرج الذكر في الزكاة أصلا إلا في البقر، فإن ابن اللبون ليس بأصل، إنما هو بدل عن ابنة مخاض، ولهذا لا يجزئ مع وجودها، وإنما يجزئ الذكر في البقر عن الثلاثين، وما تكرر منها، كالستين والسبعين، وما تركب من الثلاثين وغيرها، كالسبعين، فيها تبيع ومسنة، والمائة فيها مسنة وتبيعان، وإن شاء أخرج مكان الذكور إناثا ؛ لأن النص ورد بهما جميع25.
وفي كل ما تقدم من الأنعام يشترط أن تكون سائمة ترعى في معظم الحول لا معلوفة ولا عاملة في حرث ونحوه، وهذا شرط عند الجمهور غير المالكية، لحديث: (في كل سائمة إبل في أربعين بنت لبون)26، وحديث: (وَفِي صَدَقَةِ الْغَنَمِ فِي سَائِمَتِهَا إِذَا كَانَتْ أَرْبَعِينَ إِلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ شَاةٌ)27، وتقاس البقر على الإبل والغنم28.
المتولد بين وحشي وأهلي:
القول فيها على ثلاثة أقوال:
− أنها تجب؛ فإنها متولدة بين ما تجب فيه الزكاة وما لا تجب في الزكاة، فأشبهت المتولد بين سائمة ومعلوفة، وهذا قول الحنابلة.
− لا زكاة فيها؛ لأنها متولدة من وحشي، أشبه المتولد من وحشيين، وهذا قول الشافعية.
− التفصيل في ذلك فإن كانت الأم أهلية وجب فيها الزكاة وإن كانت الأم وحشية فلا؛ لأن الولد يتبع أمه، وهذا قول المالكية والحنفية29.
زكاة الخليطين:
الخلطة في المواشي على ثلاثة أقوال للعلماء:
1. أن الخلطة في السائمة تجعل مال الرجلين كمال الرجل الواحد في الزكاة، بنوعيها وهما:
− خلطة أعيان: وهي أن تكون الماشية مشتركة بينهما، لكل واحد منهما نصيب مشاع، مثل أن يرثا نصابا أو يشترياه، أو يوهب لهما، فيبقياه بحاله.
− خلطة أوصاف: وهي أن يكون مال كل واحد منهما مميزاً فخلطاه، واشتركا في الأوصاف التي هي: (المسرح، والمبيت، والمحلب، والمشرب، والفحل) .
وسواء تساويا في الشركة أو اختلفا، مثل أن يكون لرجل شاة، ولآخر تسعة وثلاثون، أو يكون لأربعين رجلا أربعون شاة، لكل واحد منهم شاة، وهذا القول نص عليه أحمد وهو قول عطاء والأوزاعي والشافعي والليث وإسحاق.
2. إنما تؤثر الخلطة إذا كان لكل واحد من الشركاء نصاب، وهذا قول مالك وحكي عن الثوري وأبي ثور واختاره ابن المنذر.
3. لا أثر لها بحال؛ لأن ملك كل واحد دون النصاب، فلم يجب عليه زكاة، كما لو لم يختلط بغيره، وفيما إذا اختلطا في نصابين، أن كل واحد منهما يملك أربعين من الغنم، فوجبت عليه شاة ؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (في أربعين شاة شاة)30. وهذا قول أبي حنيفة31.
بهذا نكتفي وهناك مباحث أخرى في زكاة الحيوان لا يسع المجال لذكرها هنا، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
1 – صحيح البخاري: (5/292برقم: 1362).
2 – قال الألباني صحيح انظر: صحيح سنن ابن ماجة: (4/303برقم:1803، وصحيح أبي داود: برقم: 1408،والإرواء: برقم: 795 ).
3 – المغني لابن قدامة: (5/90).
4 – صحيح مسلم: (5/143برقم: 1650).
5 – المجموع للنووي: (5/ 338).
6 – انظر الفقه الاسلامي وأدلته لوهبة الزحيلي: (3/1915).
7 – قال الألباني: (صحيح) انظر حديث رقم : 7497 في صحيح الجامع.
8 – بداية المجتهد لابن رشد: (1/207).
9 – المجموع: (5/382).
10 – بداية المجتهد: (1/208)وبدائع الصنائع: (3/461).
11 – المغني: (5/103).
12 – المجموع: (5/410).
13 – صحيح البخاري: (5/ 290).
14 – الفقه الاسلامي وأدلته: (1923- 1924).
15 – المغني:(5/118) وبداية المجتهد: (1/209).
16 – المغني: (5/119).
17 – الفقه الاسلامي وأدلته: (1925-1926) بتصرف.
18 – بداية المجتهد: (1/209).
19 – الفقه الاسلامي وأدلته: (1925-1926) بتصرف والمغني: (5/123).
20 – بداية المجتهد:(1/ 210).
21 – المغني: (5/140).
22 – الفقه الاسلامي وأدلته: (1928).
23 – بداية المجتهد: (1/210).
24 – صحيح البخاري: (5/294برقم: 1363)
25 – المغني: (5/122)
26 – صحيح سنن أبي داود: (4/75برقم: 1575).
27 – صحيح البخاري:(5/ 292برقم 1362).
28 – الفقه الإسلامي وأدلته:(1916).
29 – المغني: (5/125).
30 – رواه أبو داود وابن ماجه، قال الألباني: صحيح انظر: (الإرواء حديث رقم 1660).
31 – المغني: (2/476)، وبداية المجتهد: (1/210).