أخذ الأجرة على أعمال المسجد

أخذ الأجرة للقيام بأعمال المسجد

 

أخذ الأجرة للقيام بأعمال المسجد

 

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على نهجهم إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن العمل في المسجد من – حيث هو عمل – لا ينبغي إلا أن يكون لله – تعالى – ؛ لأنه عبادة والعبادة لا تصرف إلا لله، ولأن المسجد بني للعبادة، فأي عمل في المسجد لا يكون الغرض منه إلا تحصيل الأجر والثواب من الله – تعالى – ولا تشوب النيةَ الخالصةَ مصالحُ دنيوية.

والعاملون في المسجد عملاً تفرغوا له وجعلوه أخصَّ أعمالهم، وهم الذين يتوجه السؤال عن حكم أخذهم مبلغاً من المال مقابل ما يقومون به من عمل في المسجد، كالإمام والمؤذن والقيم وغيرهم.

والمسألة على خلاف بين أهل العلم على أقوال:

–    يجوز أخذ الأجرة على الأذان ونحوه كالإمامة والتدريس وهذا عند الشافعية ورواية عن أحمد1.

–    يجوز أخذ الأجرة على الأذان والإقامة وعلى الإمامة إن كانت تبعًا للأذان أو للإقامة وأما أخذ الأجرة عليها استقلالا فمكروه إن كانت الأجرة من المصلين وأما إن كانت من الوقف أو بيت المال فلا تكره وهذا قال به المالكية.

–    يحرم أخذ الأجرة على الأذان والإقامة إن وجد متطوع بهما وإلا رزق ولي الأمر من يقوم لهما من بيت مال المسلمين لحاجة المسلمين إليهما وهذا قول الحنابلة2والحنفية3 .

واستدل القائلون بعدم جواز أخذ الأجرة على الأذان بما جاء في الحديث عن عثمان بن أبي العاص – رضي الله عنه – قال: (إن من آخر ما عهد إلي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن أتخذ مؤذنًا لا يأخذ على أذانه أجرًا )4 ولأنه قربة لفاعله.

وفي الحديث أن من صفة المؤذن المأمور باتخاذه: أن لا يأخذ على أذانه أجراً: أي أجرة وهو دليل على أن من أخذ على أذانه أجراً ليس مأموراً باتخاذه5 – مؤذناً – .

قال الصنعاني: ولا يخفى أنه – يعني حديث عثمان بن أبي العاص – لا يدل على التحريم وقيل: يجوز أخذها على التأذين في محل مخصوص إذ ليست على الأذان حينئذ بل على ملازمة المكان كأجرة الرصد6

ولأن بالمسلمين حاجة إليه وقد لا يوجد متطوع به وإذا لم يدفع الرزق فيه يعطل ويرزقه الإمام من الفيء لأنه المعد للمصالح فهو كأرزاق القضاة والغزاة، وإن وجد متطوع به لم يرزق غيره لعدم الحاجة إليه7.

وأما القائم بتنظيف المسجد وإغلاقه وفتحه وغير ذلك من أعمال فإنها تدخل في باب الخير وسائر المعروف، ولا حرج في أخذ أجرة على ذلك مع عدم الاستشراف والسؤال لعموم الأدلة، ولا يهمل جانب الاحتساب في كل ما تقدم من الأعمال المتعلقة بالمسجد إذ هي عبادة والعبادة لا بد من احتساب الأجر وخلوص النية، وإلا فالعمل لغير الله وابتغاء غير وجهه حرام شرعاً لعموم أدلة الأمر بالعبادة والتي لأجلها خلق الله الخلق.

والحمد لله رب العالمين.


 


 


1 – المغني: (1/460).

2 – الفقه على المذاهب الأربعة: (1/498).

3 – سبل السلام: (1/27).

4 – رواه أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد، قال الألباني في الثمر المستطاب (1/146): ورجاله كلهم ثقات إلا أن الحسن مدلس لكنه توبع عليه. وصححه في إرواء الغليل (1492).

5 – سبل السلام: (1/27).

6 – سبل السلام: (1/27).

7 – المغني: (1/460).