وضع ساتر بين الرجال والنساء

وضع ساتر بين الرجال والنساء

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن المساجد بنيت ليعبد الله فيها، وليست خاصة بالذكور دون الإناث، بل هي للجنسين من الرجال والنساء، وقد نهى النبي  الرجال أن يمنعوا النساء من المساجد فقال: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله(1)، فلا يجوز منع النساء من الذهاب إلى المساجد، وإن كان الأفضل لهن أن يؤدين الصلاة في بيوتهن لحديث: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها(2)، وحديث: عبد الله بن سويد الأنصاري عن عمته أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي، أنها جاءت النبي  فقالت: يا رسول الله! إني أحب الصلاة معك. قال قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي قال: فأمرت فبني لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه، فكانت والله تصلي فيه حتى لقيت الله ​​​​​​ (3).

 فإذا أرادت المرأة الخروج إلى المسجد لأداء الصلاة، أوشهود جماعة المسلمين، وجمعتهم، أو حضور دروس العلم؛ فلا مانع من ذلك، وهذا أمر جائز؛ بشرط أن تلتزم بالضوابط الشرعية في المسجد، وفي طريقها إلى المسجد، وقد كانت النساء في عهد النبي  تحضر إلى المسجد، وتصلي مع النبي ، ويحضرن الجمعة والجماعة، ويكن خلف الرجال، ولكن كان الصحابة  عندهم من الإيمان بالله، والتقوى، والخوف من الله؛ ما يمنعهم من النظر إليهن، أما في وقتنا الحاضر فضعف إيمان الناس، وأصبح وجود النساء بتلك الحالة فتنة لهم، فإذا وجد ستار أو جدار يفصل الرجال عن النساء فهذا أمر جائز، بل الأفضل وجوده، حتى يزول السبب الداعي للفتنة وهو رؤية النساء.

 وقد عرض سؤال على فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – ونصه: “يوجد في أحد المساجد ستارة بين الرجال والنساء، فحصل خلاف في أهمية هذه الستارة، فرأى بعضهم أنه لا حاجة لها، وأنه في عهد الرسول  لم يكن هناك ستارة، وأصر الآخرون على وجودها، فحصل خلاف نتيجة ذلك ربما يؤدي بالذين يرون بعدم وجودها إلى ترك الصلاة في المسجد، علماً أنه يحدث هناك شيء من الاختلاط، أو النظر عند الانصراف لطبيعة دين الموجودين من الرجال، فهل نصر على إبقاء الستارة ولو ترك الصلاة من ترك، أو نزيل الستارة ولو حصل ما حصل من النظر؟ فأجاب: الستارة تبقى، وكونها لم توجد على عهد النبي  إما لعدم السبب المقتضي لها، وإما لوجود المانع، أما الأول فلأن الصحابة  عندهم من الإيمان بالله ما يمنعهم من النظر إلى النساء، وأما المانع فلأن حال الصحابة كما نعلم لاسيما قبل الفتوح حال عسر لا يستطيعون أن يضعوا ستارة تحول بينهم وبين النساء، وإذا خلصنا إلى هذا رأينا أيهما أبعد عن الفتنة أن توجد الستارة أو لا توجد؟ كلٌ يقول: الأبعد عن الفتنة وجود الستارة، وإذا كان كذلك فكلما كان أبعد عن الفتنة فهو أولى، وإذا قلت: لو أصررنا على هذا لتخلّف الذين يقولون بإزالتها، فالجواب: أنهم إذا تخلفوا فهم الذين جنوا على أنفسهم؛ لأنهم لا يعذرون بترك الجماعة لوجود هذه الستارة، إذ أن وجودها ليس معصية حتى يقولوا إننا لن نحضر لنشاهد المعصية، فيكونون إذا تخلفوا آثمين بتركهم الجماعة” انتهى(4).

نسأل الله أن يتقبل منا أعمالنا، ويجعلها خالصة له سبحانه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.


1– متفق عليه.

2– رواه أبو داود، وصححه الألباني في صحيح الجامع رقم (3833).

3– رواه أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان، وقال الألباني: “حسن لغيره” انظر صحيح الترغيب والترهيب رقم (340).

4– نقلاً من موقع: الإسلام سؤال وجواب. الرابط: (www.islam-qa.com).