أسباب دخول الجنة (2 – 2)

أسباب دخول الجنة (2 – 2)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

كنا قد ذكرنا في حلقة سابقة بعض أسباب دخول الجنة، وفي هذه الحلقة نستكمل ذكر ما يسر الله من أسباب دخول الجنة، ومن هذه الأسباب:

1- الحج المبرور فعن أبي هريرة  أن رسول الله  قال: العمرة إلى العمرة؛ كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة1.

2- الجهاد في سبيل الله فعن أبي هريرة  قال: قال رسول اللَّه  : تضمن اللَّه لمن خرج في سبيله، لا يخرجه إلاَّ جهاد في سبيلي، وإيمان بي، وتصديق برسلي؛ فهو ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى منزله الذي خرج مِنه بما نال من أجر، أو غنيمة، والَّذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل اللَّه إلا جاء يوم القيامة كهيئة يوم كلم لونُهُ لون دم، وريحُهُ ريحُ مسك، والذي نفس محمد بيده لولا أنْ أَشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرِية تغزو في سبيل اللَّه أبداً، ولكن لا أجد سعة فأَحملهم، ولا يجدون سعة، ويشق عليهم أن يتخلفوا عنِي، والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل اللَّه فأقتل، ثم أغزو فأُقتل، ثم أغزو فأقتل2، والكلم: الجرح.

3- بر الوالدين فعن أبي الدرداء  أن رجلاً آتاه فقال: إن لي امرأة، وإن أمي تأمرني بطلاقها؟ فقال سمعت رسول الله  يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه3.

4- طلب العلم الشرعي فعن أبي هريرة  أنَّ رسول اللَّه  قالَ: ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهَّل اللَّه له به طريقاً إلى الجنة4.

5- إزالة الأذى من طريق المسلمين فعن أبي هريرة  قال: قال رسول الله : لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين5، وفي رواية: مر رجل بغصن شجرة على ظهر طريق، فقال: والله لأنحين هذا عن المسلمين لا يؤذيهم فأدخل الجنة6.

6- الصبر والاحتساب على موت أحد الأصفياء أو الأبناء فعن أَبي هريرة  أَنَّ رسول اللَّه  قَالَ: يقول اللَّه تعالى: ما لِعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيَّه من أَهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة7، وعن أَنس  أَنَّ رسول اللَّه  قال: من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة، فقامت امرأَة فقالت: أَو اثنان؟ قال : أَو اثنان8.

7- كفالة اليتيم فعن سهل  قال: قال رسول اللَّه : أَنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأَشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئاً9.

8- عيادة المريض، أو زيارة أخ في الله فعن أَبي هريرة  قال: قال رسول اللَّه  : من عاد مريضاً نادى مناد من السماء: طبت وطاب ممشاك، وتبوّأت من الجنة منزلاً10.

9- التسبيح والتحميد والتكبير دبر كل صلاة؛ فعن عبد اللَّه بن عمرو  قال: قال رسول اللَّه  : خلَّتَان لا يُحصيهما رجلٌ مسلمٌ إِلا دخل الجنة ألا وهما يسير، ومن يعمل بهما قليل: يسبح اللَّه في دبر كل صلاة عشراً، ويحمده عشراً، ويكبره عشراً، قال: فأنا رأيت رسول اللَّه  يعقدها بيده، قال : فتلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمس مائة في الميزان، وإذا أخذت مضجعك تسبحه، وتكبره، وتحمده مائة، فتلك مائة باللسان، وألف في الميزان، فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمس مائة سيئة؟ قالوا: فكيف لا يحصيها؟ قال: يأتي أحدكم الشيطان وهو في صلاته فيقول: اذكر كذا، اذكر كذا؛ حتى ينفتل، فلعله لا يفعل، ويأتيه وهو في مضجعه فلا يزال ينومه حتى ينام11.

10- التجاوز عن المعسر فعن حذيفة عن النبي : أن رجلا مات فدخل الجنة، فقيل له: ما كنت تعمل؟ قال: فإما ذَكَرَ وإما ذُكِّرَ، فقال: إني كنت أبايع النَّاس، فكنت أنظرُ المعسرَ، وأتجوَّز في السِّكَّة أو في النّقد، فغفر له12.

11- الصبر على فقد نعمة البصر فعن أبي هريرة  رفعه إلى النبي  قال: يقول اللَّه ​​​​​​​ : من أذهبت حبيبتيه فصبر، واحتسب؛ لم أرض له ثواباً دون الجنة13.

12- الإكثار من السجود لله ​​​​​​​ فعن ربيعة بن كعب الأسلمي قال: كنت أبيت مع رسول اللَّه  فأتيته بوضوئه وحاجته، فقال لي: سل فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة؟ قال: أو غير ذلك؟، قلت: هو ذاك، قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود14.

13- الصدق في الحديث، والوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وحفظ الفرج، وغض البصر، وكف اليد؛ فعن عبادة بن الصامت أن النبي  قال: اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدُّوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم15.

14- المداومة على التطهر عند كل حدث، وصلاة ركعتين بعد الأذان فعن أبي بريدة  قال : أصبح رسول اللَّه فدعا بلالاً فقال: يا بلال! بم سبقتني إلى الجنة؟ ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامي، دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك أمامي -أي صوت مشيك-، فقال بلال: يا رسول اللَّه! ما أذنت قط إلا صليت ركعتين، وما أصابني حدث قط إلا توضأت عندها، ورأيت أن لِلَّه علي ركعتين، فقال رسول اللَّه : بِهِمَا16.

فهذه جملة من الأسباب لدخول الجنة، وأسباب دخول الجنة كثيرة، بل هي باختصار امتثال أوامر الله  ورسوله  ، واجتناب ما نهى الله عنه ورسوله، نسأل الله أن يكرمنا بجنته، ويجعلنا من أهل رضوانه، ومن عباده المخلصين، وأوليائه المقربين، ويرحمنا برحمته الواسعة، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.


1 رواه البخاري (1683)، ومسلم (1349).

2 رواه مسلم (1876).

3 رواه الترمذي (1900) وصححه الألباني.

4 رواه مسلم (2699).

5 رواه مسلم (1914).

6 رواه مسلم (1914).

7 رواه البخاري (6060).

8 رواه النسائي (1872)، وصححه الألباني.

9 رواه البخاري (4998).

10 رواه الترمذي (2008)، وابن ماجه (1443)، وحسنه الألباني.

11 رواه الترمذي (3410)، وابن ماجه (926)، وصححه الألباني.

12 رواه مسلم (1560).

13 رواه الترمذي (2401)، وصححه الألباني.

14 رواه مسلم (489).

15 رواه أحمد (22756)، وقال محققو المسند: “حسن لغيره”.

16 رواه الترمذي (3689)، وصححه الألباني.