نصيحة عاصٍ

 

 

 

 

نصيحة عاصٍ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن ديننا الإسلامي الحنيف مبني على النصيحة، قال النبي  : ((الدين النصيحة)) قلنا لمن؟ قال: ((لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم))1، وعلى النصح بايع النبي   جريرَ بن عبد الله، يقول جريرُ بن عبد الله  : (بايعت رسول الله على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم)2، وقد جعل الله ​​​​​​​  من خصائص هذه الأمة أنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال الله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ}[آل عمران: 110]، وحين تركنا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فسد المجتمع، وانحطت الأخلاق، وساءت المعاملة.

وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يختص بفرد دون آخر، بل هو واجب على كل مسلم رجلاً أو امرأة، عالماً أو عامياً، كل حسب قدرته وعمله وعلمه، قال  : ((من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان))3.

وإذا نصح الإنسان فينبغي أن يستشعر الأجر العظيم الذي يقوم به، فقد قال النبي  : ((من دل على خير فله مثل أجر فاعله))4.

والعاصي الذي قد وقع في ذنب معين, أو أخلَّ بواجب معين يكون بحاجة إلى من ينصحه،ويخبره بما هو عليه، ويبين له عظم الذنب الواقع فيه، وأنه إذا تمادى في فعل المعاصي فإنه يعرض نفسه لسخط الله تعالى وعقابه.

وتكون النصيحة الموجهة إليه من قبل الآخرين فيها الرفق والشفقة واللين يقول الله تعالى: {فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى}[طه:44]، وليس فيها الشتم والسب، أو الاستعلاء عليه، أو تحقيره.

والمجتمع المسلم كركاب السفينة كل منهم له تأثير على الآخر، فلا يُترك أحدٌ يعبث بأمن السفينة حتى يستطيعوا أن ينجوا جميعاً، وقد ضرب النبي  لذلك مثلاً فقال: ((مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً)) رواه البخاري والترمذي.

وعلى أهل الحي أن ينصحوا إخوانهم ولا يتركونهم يتخبطون في معاصيهم، حتى يكون المجتمع يسوده الصلاح والخير، وينعم بالراحة والسعادة.

وهناك طرق وأساليب يمكن أن تستخدم للنصيحة فمنها

1- النصيحة المباشرة: وتكون بالرفق واللين، وإظهار الشفقة على المذنب، وإشعار المنصوح بالرغبة الصادقة في هدايته.

2- الرسالة: من أفيد الوسائل، فتكتب له رسالة وينصح فيها، ويبين له خطر الذنب الذي واقع فيه، ويذكره بفضيلة الرجوع إلى الله.

3- الشريط الإسلامي: الذي يتحدث على المعصية التي واقع فيها ذلك الشاب.

4- الزيارة إلى منزله والجلوس معه، وتقديم النصيحة له.

5- دعوته إلى مجالس الخير.

وغيرها من الأساليب التي يرها الإنسان مناسبة وفيها مصلحة، ولها تأثير على قلب ذلك المنصوح، نسأل الله أن يوفقنا لطاعته ويجنبنا معاصيه، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.


1 رواه مسلم (55).

2 رواه البخاري (57)، ومسلم (56).

3 رواه مسلم (49).

4 رواه مسلم (5007).