مرحلة المراهقة واحتواء شباب الحي
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
فبطبيعة الحال يمر الإنسان بمراحل متغيرة من الطفولة إلى الصبا، ومنه إلى المراهقة، ثم إلى الشباب، ثم إلى الشيخوخة .. وهو وإن كان ولد على الفطرة لكنه قد يمر أثناء هذه المراحل بمتغيرات وتوجيهات مختلفة تترك أثراً في تشكيل بنيته العقلية، هذا العصر يوجد فيه كثير من الأسر التي لا تتيح الفرصة لفطر أبنائها أن تستقيم على طبيعتها السوية، وإنما يعملون على انحرافها فيما يمارسون هم من انحراف عن طريق الله المستقيم.
وفي الحقيقة ليس الأهالي وحدهم القائمون بمثل تلك الانحرافات، بل إن الشارع، والمدرسة، والمجتمع، كلها أصبحت تتضافر على تغيير مسار الطفل الموافق للفطرة، ويسعى كل في تشكيله بالطابع الذي هو عليه، وقليل في المجتمع من يأخذ بيد هذا الطفل يجره إلى موافقة الفطرة السليمة، وينمي فيه الطابع الذاتي، والوراثات الخاصة، ليعطي الحصيلة النهائية للعملية التربوية.
إن البيت هو المؤثر الأول، وأقوى العوامل في تربية الطفل؛ لأنه يتسلم الطفل من أول مراحله فيبذر فيه بذوره قبل أي شيء، أو أي أحد آخر، ولأن الزمن الذي يقضيه الطفل فيه أكثر سنواته الأولى على الأقل، والأشخاص المحيطون به في البيت؛ هم ألصق الناس به، وأحبهم إليه.
ومن بعد البيت يأتي دور المجتمع، والمدرسة، والمسجد؛ في تشكيل عقلية الطفل، والمعتاد أن الطفل قابل لكل ما يرد إليه من مغيرات، أما في سن المراهقة فإنه يكون قابلاً ولكن يتشكل بها تشكلاً مستديماً – في الغالب -، لذلك ينبغي على القائمين على تربيته التركيز على غرس العقيدة الصحيحة في قلبه، وخصال الشرف والفضيلة، وصبغه بها حتى يتيح له تقبل ما ينفعه فيما بعد.
وإذا كانت البيوت اليوم قد قصرت في جانبها التربوي إلا من رحم الله، والعوامل الأخرى في تربية الطفل المجتمع، والمدرسة؛ وغيرها، فمما ينبغي على الدعاة في المساجد أن يحتووا الطفل البريء، ويضمونه إلى رحبات المساجد، ويربونه على أخلاق أهلها، ومن هنا يكون المسجد هو المؤثر الأول بعد البيت، والأسرة، فيمد الطفل بنفع عظيم، ويزوده بتنمية قدراته ومواهبه، ويغرس فيه الآمال، ويحيي فيه الهمة، ويبعث فيه الطموح.
وعليه فإن من الممكن إقامة مشاريع تهتم بالشباب في الحي، وبالأخص من سن المراهقة، وما قبلها إلى فترات النضوج، عبر برامج، وأنشطة؛ تساعد في تشكيل عقليته، وتشغله عن تخلفات المجتمع، وضياع وقته فيما لا يجدي، وكمقترح يطرح يمكن القيام بالتالي:
– مركز التحفيظ في فترة بين المغرب والعشاء.
– دروس عامة في المواد الشرعية، ومواد الدراسة الأخرى.
– القيام ببعض الأنشطة الثقافية، والرياضية، والاجتماعية.
– المشاركة في أنشطة المسجد، والتنسيق لها.
– إقامة الجلسات الأسبوعية، والحفلات الموسمية، ومشاركة الشباب فيها عامل في كسبهم، وإبقاء رابطتهم بالمسجد.
– تكليف الشباب ببعض الأعمال والأنشطة.
– زيارتهم إلى بيوتهم، وتنسيق الزيارة بينهم.
– إقامة بعض الرحلات، والطلعات الموسمية.
– إحياء دور المسابقات العامة.
وعلى كل فالأنشطة والبرامج تشغل معظم وقت الشباب، وتكسبهم علاقة سليمة، وصحبة طيبة، ومهارة نافعة، وتربطهم بالمسجد بعيداً عن الذهاب إلى الأسواق، وإضاعة الوقت في النوادي، والمنتزهات، والشوارع العامة لاسيما في وقت المراهقة، فهو أحوج إلى مثل هذه البرامج، وكل خير يشغل وقته في ما ينفع، لأنه كما قيل:
إن الشباب والفراغ والجِدَة | مفسدة للقلب أي مفسدة |
اللهم أصلح شباب المسلمين، واهدهم إلى طاعتك، ويسر لهم طريق الخير والهدى يا رب العالمين.