أعمال تدخلك الجنة

أعمال تدخلك الجنة

 

الحمد لله رب العالمين، مهد لعباده الطريق إليه، وبين لهم كيف يسيرون عليه، فأنزل الكتب تبياناً لكل شيء، وأرسل الرسل مبشرين ومنذرين، صبغ الخلق بفطرته، وبث لهم في هذا الكون آياته، حتى يتبين لهم أنه الحق وحده المستحق لعبادته، المتصرف في خلقه بإرادته، المتفضل عليهم بآلائه.

والصلاة والسلام على خير خلقه، وأحب عباده، محمد وعلى آله وصحابه، ومن تبع هديه وعمل بآثاره…

أما بعد:

أيها المسلم الكريم، وأيتها المسلمة الكريمة: إن الله سبحانه وتعالى من رحمته بهذه الأمة، وفضله الواسع عليها مهّد لها الطريق إلى جنته ورضوانه، ويسّر عليها الوصول إلى دار كرامته، يتمثل هذا التيسير والفضل في أمور كثيرة، بل إن الله سبحانه قد بنى هذا الدين الإسلامي الشامخ العظيم على رفع الآصار والأغلال التي كانت على الأمم السابقة، وكذلك على رفع الحرج والمشقة في الدين، واعتماد التيسير والسهولة، يتضح هذا جليا في هذه الآيات:

{مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ}[المائدة: 6]، وقوله سبحانه: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: 78]، وقوله: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنفِقُوا خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[التغابن: 16].

إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث التي تبين يُسر هذا الدين، ومراعاته وتقديره لما ينفع هذا الإنسان وما يضره، ونحن في هذا الموضوع سنذكر جانبا من جوانب فضل الله تعالى وتيسيره وإكرامه لهذه الأمة، من خلال بعض الطاعات والقُرَب التي غالبها يسير سهل على المسلم لكن جزاءها وثوابها جنة عرضها السماوات والأرض، فمن تلك الأعمال ما يلي:   

توحيد الله سبحانه وتعالى:

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أتاني آت من ربي، فأخبرني أو قال بشرني أنه من مات من أمتي، لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة)). قلت: ((وإن زنى وإن سرق))؟ قال: وإن زنى وإن سرق1.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من لقي الله لا يشرك به شيئاً، دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به دخل النار))2.

 المحافظة على الصلوات الخمس:

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((خمس صلوات كتبهن الله على العباد فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئاً استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه، وإن شاء أدخله الجنة))3.

 الحرص والمداومة على صلاة البردين:

عن أبي بكر بن أبي موسى عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من صلى البردين دخل الجنة))4.

 الجهاد في سبيل الله مخلصا لله:

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((انتدب الله عز وجل لمن خرج في سبيله لا يخرج إلا جهادا في سبيلي وإيمانا بي وتصديقا برسولي، فهو عليَّ ضامن أن أدخله الجنة، أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده ما من كَلْم يُكْلَم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كُلِم! لونه لون دم وريحه ريح مسك!! والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا؛ ولكني لا أجد سعة فيتبعوني ولا تطيب أنفسهم فيتخلفون بعدي، والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل))5.

التعفف عن مسألة الناس:

وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من يتقبل لي بواحدة وأتقبل له بالجنة))! قلت: أنا! قال: ((لا تسأل الناس شيئاً)) قال: فكان ثوبان يقع سوطه وهو راكب فلا يقول لأحد ناولنيه حتى ينزل فيأخذه!!6.

إماطة الأذى عن الطريق:

عن معاوية بن قرة قال: كنت مع معقل المزني، فأماط أذى عن طريق، فرأيت شيئاً فبادرته، فقال: ما حملك على ما صنعت يا ابن أخي؟ قال: رأيتك تصنع شيئاً فصنعته، فقال: أحسنت يا ابن أخي! سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((من أماط أذى عن طريق مسلمين، كتب له حسنة، ومن تقبلت له حسنة، دخل الجنة))7.

من عمل هذه الطاعات في يوم واحد:

عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أصبح منكم اليوم صائماً؟))، قال أبو بكر رضي الله عنه أنا! قال: ((فمن تبع منكم اليوم جنازة؟)) قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا! قال: ((فمن أطعم منكم اليوم مسكيناً؟)) قال أبو بكر رضي الله عنه: أنا! قال: ((فمن عاد منكم اليوم مريضاً؟)) قال أبو بكر رضي الله عنه أنا! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة))8.

الإحسان إلى البنات:

 عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من كان له ثلاثة بنات، فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن، وكساهن من جِدَته؛ كُنَّ له حجاباً من النار يوم القيامة))9.

من مات ثلاثة من ولده، أو اثنان فاحتسبهما عند الله تعالى:

عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة)) فقامت امرأة فقالت: أو اثنان؟ قال: ((أو اثنان)) قالت المرأة: يا ليتني قلت واحداً10.

من مات وهو برئ من هذه الثلاث:

عن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فارق الروحُ الجسد وهو بريء من ثلاث دخل الجنة: الكبر والدين والغلول))11.

من ضَمِن عمل هذه الخصال الست:

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا ائتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضوا أبصاركم، وكفوا أيديكم))12.

أيها الأخ المسلم والأخت المسلمة: وهناك أقوال وأعمال أخرى كثيرة، وسهلة ويسيرة تكون الجنة ثوابها، فاحرص على معرفتها، والعمل بها، نسأل الله تعالى أن يسهل طريقنا إلى رضوانه، ويكرمنا بواسع فضله وإحسانه، ويعيننا على مجاهدة أنفسنا وأعدائنا تحسبا لموعوده وحسن عاقبته…

والحمد لله رب العالمين


1 رواه البخاري برقم (1180).

2 رواه البخاري برقم (1238)، ومسلم برقم (280).

3 رواه أبو داود برقم (1422)وصححه الألباني في صحيح أبي داود.

4 رواه البخاري برقم (574).

5 رواه أحمد برقم (7157)، وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط الشيخين.

6 سنن ابن ماجة برقم (1837)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.

7 البخاري في الأدب المفرد برقم (593)، وحسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد في باب البغي برقم (462/593).

8 مسلم برقم (2421).

9 ابن ماجة في سننه برقم (3669)، وصححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة.

10 النسائي في سننه برقم(1872)، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي.

11 الترمذي برقم (1572)، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي.

12 رواه ابن حبان برقم (271)، وغيره، وصححه الألباني في الصحيحة برقم (1470) وقال الأرناؤوط في تحقيقه صحيح ابن حبان: حديث صحيح ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعا.