دعوة المقصرين
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على من بعثه ربه رحمة للعالمين نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وأصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أمابعد:
فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على الأمة المسلمة، ولا بد من وجوده فيها، وهذه الشعيرة من أسباب خيريتها قال تعال: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ[آل عمران: 110]، والنبي ﷺ قال: مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا! فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً1، فشبه النبي ﷺ الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، ومن يقع في حدود الله من تركه للمعروف، ووقوعه في المنكر؛ مثل ركاب السفينة، إذا عبث بها بعض الركاب، ولم ينه عن ذلك؛ هلك العابث، وأهلك معه الآخرين، وإن منع وزجر نجا، ونجا معه الباقون.
وسلامة المجتمع يكون بسلامة أفراده، فينبغي على الدعاة، وطلبة العلم، وعقلاء الأمة؛ أن يهتموا بمجتمعهم، ويحرصوا على ما يصلحه، وذلك ببذل ما يستطيعون في سبيل إصلاحه.
واللبنة الأولى في المجتمع هي الفرد، فإذا صلح صلح المجتمع، وإذا فسد فسد المجتمع، وإذا صلح المجتمع وجد الأمن والاستقرار.
أما من قصر في حق ربه، فإن التقصير من الجميع وارد وحاصل، ولكن هناك تقصير لا ينبغي وجوده، ومن وقع فيه فينبغي عليه أن يتوب منه مثل: ترك ما أوجب الله، أو فعل ما حرم الله، فهذا الأمر يلزم فيه المسارعة إلى التوبة، والندم على فعل المنكر، والعزم على عدم العود.
وواجب إخوانه الأخذ بيده، وإعانته على التخلص مما وقع فيه، ولا يكونوا أعواناً عليه، فقد أتي النبي ﷺ بسكران فأمر بضربه، قال أبو هريرة : فمنا من يضربه بيده، ومنا من يضربه بنعله، ومنا من يضربه بثوبه، فلما انصرف قال رجل: ما له أخزاه الله! فقال رسول الله ﷺ: لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم2، وحث ﷺ على النصيحة فقال: الدين النصيحة3، فلو كمُل جميع أفراد المجتمع لما كانت هناك حاجة إلى النصيحة، ولكن هذا مستحيل.
ويمكن أن نعرض بعض الأمور التي يحتاجها أهل الحي لدعوة المقصرين:
1- النصيحة ينبغي أن تكون وفق الضوابط الشرعية، وبالأسلوب الحسن.
2- كل من عرف عن أخيه هفوة أو زلة فليبادر بنصحه بالأسلوب الحسن، والطريقة الحسنة.
3- تكرار النصيحة إذا دعت الحاجة لذلك.
4- إشعار بعض الخيرين من أهل المسجد بتقديم النصيحة لهؤلاء.
5- إهداء بعض الفلاشات المحتوية على مواد صوتية، والكتيبات، أو المطويات التي تتناول مثل حال هذا المقصر، والاستفسار بعد مدة هل استفاد من خلال سماعه، أو قراءته.
6- ذهاب من له القدرة على التأثير، وله القبول بين الناس؛ إلى منازل هؤلاء، وتقديم النصيحة لهم.
7- الاستفسار عن أخبارهم، وما وصل إليه حالهم بعد النصيحة.
تلك بعض الأمور التي ينتفع بها الدعاة إلى الله، وإلا فالوسائل كثيرة، والأساليب متنوعة، وكل يفعل ما فيه خير للمسلمين، والله يوفق الجميع.
وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.