المسجد الجذاب

المسجد الجذاب

 

لو أن لأحدنا محلاً تجارياً، أو شركة استثمارية، أو منتجاً صناعياً؛ فيا ترى كيف سيسوق له؟

لا أريد جواباً؛ لأن الجواب معروف لدى الجميع – وبخاصة أولي التخصص في هذا الفن -.

إنني أريدك أن تقف معي قليلاً لأصطحبك في سوق تجارية أرباحها خيالية، إنها سوق الدعوة إلى الله، وهل هناك تجارة تفوق التجارة مع الله عز وجل؟ إنك أيها الإمام، وأنت أيها الداعية، وأنت يا طالب العلم…، وكل من دخل في سلك {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا}[الأحزاب: 46] معني بهذا الموضوع، فإلى كل أولئك: كيف تجعل مسجدك جذاباً؟

لكي تجيب على هذا السؤال؛ لابد أن تعرف أهمية هذا الموضوع؛ إننا نريد أن نجعل بيوت الله أماناً للخائفين، وراحة للملهوفين، حتى نحقق بقوة "أرحنا بها يا بلال"1، حتى نرى صاحب الهم يمرغ جبهته لله تعالى يسأله تفريج همه، ونرى صاحب المشكلة قد ارتمى بأحضان المسجد قرير العين، فاراً من نصب الدنيا، مسترخياً في بساط السكينة، وما فِعْل أبي تراب منا بمجهول عندما اختصم مع فاطمة رضي الله عنهما فذهب إلى المسجد، فتبعه النبي صلى الله عليه وسلم، فرآه ممدداً في المسجد وقد ألتصق التراب بجنبه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "قم أبا تراب …"2.

أيها الداعية:

لابد من إعادة النظر في مساجدنا كيف نجذب إليها الناس؟ ونجعل القلوب تهفو إليها؟ والكل يعلم أن جذب الآخرين أصبح هماً يلازم أرباب الإعلام الفاسد، والأفكار الهدامة، والمعتقدات المنحرفة.

إذن فالحرب قائمة، والمنافسة في أوجها، فلم لا تنافس؟

كيف لا تقتحم، والله معك يُردد اسمه على مآذنك، باعثاً العزة في نفسك، ناشراً المهابة في قلوب أعدائك منك.

إذن فلننطلق جميعاً في فضاء الإبداع حتى تكون مساجدنا جذابة، والنفوس إليها تواقة.

وإليك أموراً ووسائل وطرق أنثرها بين يديك تستعين بها، ولا أدعي إيفائها:

1- لتعش هذا الهم، وليستوطن جزءاً كبيراً من تفكيرك.

2- كن حريصاً على نظافة مسجدك، وجمل النظافة بالروائح الطيبة فهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن امرأة أو رجلاً كانت تقم المسجد ولا أراه إلا امرأة"3.

3- اطلب المقترحات من المصلين في هذا الجانب عن طريق الاستبيان وغيره.

4- إلقاء الدروس الجذابة، مع مداخلات من المستمعين، وتوزيع بعض الجوائز.

5- تعليق آخر الأخبار الموثقة في لوحة الإعلانات، مع التعليق المناسب على الخبر.

6- تكريم طلاب التحفيظ في المسجد بحضور أولياء أمورهم.

7- إنشاء مجلس لرواد المسجد تناقش فيه قضايا المسجد.

8- العناية الفائقة بالصوتيات، وحبذا الاهتمام بالصدى.

9- تحضير الخطبة تحضيراً إبداعياً.

10-  إحياء الأنشطة الثقافية والاجتماعية في المسجد.

11- تفقد المصلين، وزيارة المرضى منهم، وإعانة المحتاج، والمشاركة في الأفراح والأتراح.

12- إنشاء حلقات لتحفيظ القرآن الكريم لكل طبقات أفراد الحي (ذكوراً وإناثاً).

13- التخفيف في القراءة على المصلين وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ بل إنه صلى الله عليه وسلم غضب عندما اشتكى أحدهم من معاذ بن جبل رضي الله عنه فقال له: "أفتان أنت يا معاذ"4.

14- التخفيف في الخطبة، وهذه علامة فقه الخطيب.

15- الاهتمام بالإضاءة الخارجية والداخلية التي لا تشغل المصلين.

16- تشكيل جماعة محتسبة من المسجد لتغيير المنكرات في حي المسجد.

17- إقامة حفل شهري – إن تيسر – باسم المسجد.

18- إعداد مسابقة فصلية أسرية علمية ثقافية.

19- اختيار إمام جيد القراءة، حسن الصوت.

20- تهيئة الجو المناسب (التكييف في المناطق الحارة، والتدفئة في الأماكن الباردة).

21- تعليق اللوحات الإرشادية والتوجيهية.

22- أحياء سنة التزاور بين المرتادين للمسجد بتنسيق من القائمين بشؤونه لتقوية التآصر والتلاحم.

وفي الختام لعلي أن أشير إلى أروع جمال جذاب تؤسر به القلوب؛ إنه جمال الروح، حسن الخلق، بشاشة الوجه، تبسم الثغر، تعلم الصبر، اللطف والرحمة فإذا تحصلت عليه فأنت بحق جذاب ويسعد معك الأحباب.

          أسال من الله تعالى أن يوفقنا لما يحبه ويرضاه، وأن يستعملنا جميعاً في العمل لهذا الدين.


1 رواه الطبراني برقم (6215)

2 رواه البخاري برقم (422)0

3 رواه البخاري برقم (440)0

4 رواه الإمام أحمد برقم (13675)0