تنمية المواهب
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على رسوله الكريم، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
أبناؤنا أمانة في أعناقنا، كم من طفل يحمل بين جنبيه ما لو خرج إلى واقعه لأبدع، ولأدهش من حوله ونفع، الكثير من الناس له هواية، أو موهبة معلومة تكاد تلهب صاحبها، وكأنها شعلة نار من فطنة، تتفجر من بين جوانبه، وتظهر ملامحها في جبينه، تكسوه ذكاء وامتيازاً، وسرعان ما تذوب هذه الحمم الفائرة في ثلج الشعور البارد الذي يطفئ الهمم.
أكبادنا لهم مواهب وامتيازات يجب علينا أن ننميها فيهم، وأن نخلق لها حافزاً يؤهلهم للقيام بجميع استعداداتهم، ويشجعهم عليها، ويوجد في أنفسهم الحية حب تلك المواهب، والرغبة في إحيائها قبل أن تذبل.
كم من شيخ كبير يعض أنامله ندماً وحسرة على طموحه المكبوت، وأمله المكسور الجناحين الذي كان منذ نعومة أظافره يتطلع لنفسه كبيراً، وقد حصل على كذا وكذا، أو نال كذا وكذا، ما منعه من تحقيق حلمه إلا عقبات وضعها أهله أمامه شعروا أو لم يشعروا!.
وإنها فرصة وكما قيل في تركها غصة، يجب الحفاظ عليها، والقيام بأحسن حال في تنمية المواهب التي ألقت بذورها في صدور الرجال، ونفوس النساء، ولنسعى جادين جاهدين في ذلك، ولنسلك الوسائل الممكنة في ذلك، والتي من أهمها:
1. التطلع والتفرس في أبنائنا لمعرفة ما يحملون من مواهب، وما يميلون إليه من رغبات؛ كالنظر في ميولهم، وألعابهم، وتصرفاتهم، وكلامهم وغير ذلك.
2. صقل الموهبة، وتصفية توجيهها، وذلك كتوجيه الذي يميل إلى الجندية بصفاء فكرته، وسمو هدفه، ليكون في ذهنه أنه يريد أن يكون جندياً في سبيل الله، والذي يميل إلى الشعر مثلاً يتم توجيهه إلى كتب الأدب العفيفة التي تنمي ذاته وسلوكه دون أن تخدش شيئاً من صقيل براءته.
3. تدعيم الموهبة بما يمكن من وسائل.
4. القليل من المدح في حضورهم.
5. تدعيم الموهبة بالمعرفة اللازمة.
6. تشجيعهم عن طريق تقديم الجوائز والمحفزات.
7. النظر في منتجاتهم، واستحسانها، مع تقديم النقد البناء بأسلوب مقبول.
8. العناية بمنتجاتهم، والحفاظ عليها.
إلى غير ذلك من الأساليب والوسائل التي يمكن بها تحفيز الموهوبين، وتنمية الموهبة، مع العلم بتنوع المواهب، واختلاف القدرات، واختلاف الآراء ووجهات النظر، فمعرفة هذا يؤدي إلى تصحيح طرق التعديل، ووسائل النقد، فمثلاً الذي لديه موهبة في نظم الشعر ليس كمن عنده موهبة في العمل المهني، ومن يميل إلى الجندية ليس كمن يميل مثلاً إلى الخط وهكذا.
لذلك يجب اعتبار الفروق الأساسية في تحديد المواهب، والقدرات المختلفة لدى الموهوبين، وأهل الطموح.
والله الموفق.