انتشار آلات اللهو والمجون

انتشار آلات اللهو والمجون

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المرسلين، وسيد جميع العالمين نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

أيها الأحبة: إن قضية الغناء والموسيقى -شأنها شأن الفنون الأخرى- أصبحت راسخة في المجتمع حتى أصبحت وسيلة للحصول على الثراء العريض، وعلى الألقاب التي لا ندري لها تفسيراً معقولاً حتى لقد خصصت وسائل الإعلام الصحفية مساحات هائلة لعرض أخبار أهل الغناء والتلحين لم يظفر بها العلماء والمصلحون وكأن هذه الفئة من الناس ترجح في الوزن والمقدار على العلماء والمصلحين وبناة الحضارة مجتمعين.

أيها الأحبة: وإننا لنجد اليوم صحفاً بأكملها كثيرة العدد في العالم الإسلامي قد خصصت لأهل الفن الموسيقي والغنائي والتمثيلي، تعرض علينا صورهم المترفة، ومباذلهم الرخيصة، وتعرض علينا ما حصلوا عليه من أموال خيالية في مقابل أعمالهم وما حصلوا عليه من تكريم الحكومات لهم، وإنفاق الآلاف المؤلفة للحفاظ ثم تعرض أخبار تنقلاتهم وزواجهم وطلاقهم ومباذلهم من الأمور التي لا يسع العاقل جهلها!، ولا يجمل بأمة ترى النهضة والإزدهار أن تغفل عنها!!.

وما هذا كله إلا من ثمار مخططات الغرب في تدمير الإسلام وشباب الإسلام. وإلا فحكم الإسلام في الغناء والمعازف واضح كوضوح الشمس.

 ففي الحديث الصحيح 🙁ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحر والخمر والمعازف)(1)

قال ابن رجب – رحمه الله – : « وقد حكى زكريا بن يحيى الساجي اتفاق العلماء على النهي من الغناء إلا إبراهيم بن سعد المدني وعبيد الله بن الحسن العنبري قاضي البصرة، وهذا في الغناء دون سماع آلات الملاهي ، فإنه لا يعرف عن أحد ممن سلف الرخصة فيه»اهـ(2) .

وقال : وهذا الخلاف في سماع الغناء المجرد، فأما سماع آلات اللهو فلم يُحْكَ في تحريمه خلاف(3).

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الاستقامة: والآلات الملهية قد صح فيها ما رواه البخاري في صحيحه تعليقاً مجزوماً به، داخلاً في شرطه(4).

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة)(5).

وعن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون في أمتي قذف ومسخ وخسف قيل: يا رسول الله! ومتى ذاك؟ قال: إذا ظهرت المعازف، وكثرت القيان، وشربت الخمور)(6). 

قال الإمام ابن حجر الهيتمي في كتابه كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع: الأوتار والمعازف: كالطنبور والعود والصنج أي ذي الأوتار والرباب والجنك والكمنجة والسنطير والدربج وغير ذلك من الآلات المشهورة عند أهل اللهو والسفاهة والفسوق، وهذه كلها محرمة بلا خلاف، ومن حكى فيها خلافاً فقد غلط أو غلب عليه هواه حتى أصمه وأعماه ومنعه هداه وزل به عن سنن تقواه. وممن حكى الإجماع على تحريم ذلك كله الإمام أبو العباس القرطبي وهو الثقة العدل، فإنه قال كما نقله عن أئمتنا وأقروه.

وأما المزامير والأوتار والكوبة فلا يختلف في تحريم سماعها، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق، ومهيج للشهوات والفساد والمجون وما كان كذلك لم يشك في تحريمه ولا في تفسيق فاعله وتأثيمه(7). فعلينا أيها الأخوة أن نحذر المسلمين من هذا البلاء الذي انتشر في كل مكان، ومعذرة إلى ربكم ولعلهم ينتهون وصلى الله وسلم على نبينا وآله وصحبه وسلم.


1 – البخاري مع الفتح  كتاب الأشربة (10/51) برقم (5590).

2 –  نزهة الأسماع في مسألة السماع ، ص 69.

3 المصدر السابق ، ص 74 .

4 – الأستقامة (1/294).

5 – أخرجه البزار في مسنده (1/377/795) والضياء القدسي في الأحاديث المختارة(6/188) وقال الألباني ورجاله ثقات كما قال المنذري ويبعه الهيتمي فالإسناد حسن، بل هو صحيح بالتالي.

6 – أخرجه الترمذي في كتاب الفتن رقم (2213).

7 راجع كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع لابن حجر الهيتمي ص 124.