الأذان (3-3)

الأذان (3-3)

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين.. وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.. أما بعد:

ذكرنا في الحلقة السابقة أهميـة الأذان وكيف أنه شعار الإسلام المتميز؛ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا غزا قوماً لم يكن يغزو حتى يصبح وينظر، فإن سمع أذاناً كف عنهم، وإن لم يسمع أذاناً أغار عليهم . رواه البخاري ومسلم. قال الخطابي : فيه أن الأذان شعار الإسلام ، وأنه لا يجوز تركه ولو أن أهل بلد اجتمعوا على تركه كان للسلطان قتالهم عليه.1

وقال القرطبي : وحسبك أنه شعار الإسلام وعلم على الإيمان.2

ولقد سخر اليهود من الأذان- شعار التوحيد- فضاقوا به ذرعاً وفي هذا يقول تعالى ((وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً ذلك بأنهم قوم لا يعقلون))(المائدة: 58).

قال ابن كثير: وقوله: ((وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً)) أي: وكذلك إذا أذنتم داعين إلى الصلاة التي هي أفضل الأعمال لمن يعقل ويعلم من ذوي الألباب (اتخذوها) أيضاً (هزواً ولعباً ذلك بأنهم قوم لا يعقلون) معاني عبادة الله وشرائعه، وهذه صفات أتباع الشيطان الذي (إذا سمع الأذان أدبر وله حصاص أي ضراط حتى لا يسمع التأذين . فإذا قضي التأذين أقبل فإذا ثوب للصلاة أدبر فإذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر بين المرء وقلبه فيقول: اذكر كذا .. الحديث متفق عليه.

وقال أسباط عن السدي في قوله ((وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً)) قال : كان رجل من النصارى بالمدينة إذا سمع المنادي ينادي أشهد  أن محمد رسول الله قال: حرق الكذاب ، فدخلت خادمة ليلة من الليالي بنار وهو نائم وأهله نيام فسقطت شارة فأحرقت البيت فأحترق هو وأهله. رواه ابن جرير3.

وقال القرطبي: كان إذا أذن المؤذن وقام المسلمون إلى الصلاة قالت اليهود : قد قاموا لا قاموا؛ وكانوا يضحكون إذا ركع المسلمون وسجدوا وقالوا في حق الأذان : لقد ابتدعت شيئاً لم نسمع به فيما مضى من الأمم، فمن أين لك صياح مثل صياح العير؟ فما أقبحه من صوت، وما أسمجه من أمر. وقيل: إنهم كانوا إذا أذن المؤذن للصلاة تضاحكوا فيما بينهم، وتغامزوا على طريق السخف والمجون؛ تجهيلاً لأهلها ، وتنفيراً للناس عنها وعن الداعي إليها.

وقيل إنهم كانوا يرون المنادي إليها بمنزلة اللاعب الهازئ بفعلها، جهلاً منهم بمنزلتها فنزلت هذه الآيـة، ونزل قوله سبحانه وتعالى ((ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً))(فصلت:33) والنداء: الدعاء برفع الصوت.

لقد أدرك اليهود والنصارى أن الأذان شعار الإسلام وأهله فغاضهم ذلك، واليوم في عصرنا نسمع عن رغاء بعض الفسقة ممن ينشرون الفسق والمجون والانحلال يتحدث عن الأذان بمثل ما تحدث عنه أسلافه اليهود.

إنه من يدعى وينادى على أنه نجـم ووالله ما هو إلا شيطان من شياطين الإنس، إنه المخرج السينمائي المشهور يوسف شاهين، لقد شابه أسلافه اليهود من وجه، وشابه وليه الشيطان من وجه آخر حيث قال هذا الخبيث الزنديق في حديث له مع رويترز : إن رفع الأذان يزعجه، لأنه يقطع عليه حديثه مع الآخرين!! وأعرب في حديث مع رويترز عن الامتعاض من كثير من مظاهر التدين في المجتمع المصري. وقال : إنه يشعر بالغضب الشديد عندما يعلو صوت أذان الصلاة عبر مكبرات الصوت في مساجد القاهرة ليقطع عليه حديثه مع الآخرين!! ويقول: سأشتري مكبراً للصوت أكثر قوة لبث موسيقى أمريكية بصوتٍ عالٍ جداً، أعلى من صوت المؤذن!!.

إنه نفس عمل أسلافه اليهود عندما سخروا من شعار الإسلام الأذان ونفس تصرف الشيطان حيث يدبر وله ضراط إذا سمع الأذان.

إن أمثال هؤلاء ما هم إلا إحدى وسائل أعداء الله تعالى اليهود والنصارى في محاربة الدين ومحاربة الإسلام، ومحاربة الفضيلة،وما هذا الفاسق إلا نموذجاً واحداً لكثير من الفسقة أمثاله. وقد أعلنها هذا الخبيث بكل صراحة ووقاحـة فقال: إنه يتميز غيظاً في الوقت نفسه من تصاعد النزعة المحافظة المتدينة بين الممثلات اللاتي يجعلن تصوير الأفلام أمراً صعباً!!.

ولهذا وأمثاله الذين يكيدون للإسلام نقول لهـم سيظل الأذان شعار حزب الرحمن وسيعلو مجلجلاً في السماء بكلمة التوحيد رغم ما تقولون ((ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون)).

والحمد لله رب العالمين،،،


1 – فتح الباري 2/107.

2 – انظر الجامع لأحكام القرآن : 6/231.

3 – تفسير ابن كثير 2/75.