الشباب بين التلاوة والحفظ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على لرسوله الأمين، وعلى آله، وصحبه الغر الميامين أما بعد:
فإن المسلم الحريص، والمبادر النشيط؛ لا يترك فرصة، ولا مجالاً نافعاً؛ إلا خاضه بعزم واقتدار، يبذل فيه قوته، ونشاطه، وبعزيمة فائقة قدر استطاعته؛ ليستفيد فينفع نفسه، وينفع مجتمعه بل وأمته ما أمكنه، وكلما كانت نفسيته وظروفه أنسب – خاصة في أيام النفحات والفضل – ازداد نشاطه، وبذل جهداً أكبر، فأنتج ونجح وأبدع أكثر.
وإن شهر رمضان المبارك لمن أغلى الفرص أن يستثمر المرء طاقته وأفكاره في إنتاج المزيد، وتحقيق الكثير من الخير بجد وعزيمة، ونشاط كبير، فنهاره وليله لا يضيعه في الترهات، والقيل والقال، أو النوم طوال النهار بحجة أنه صائم – كما هو حال كثير من المسلمين في هذا العصر -! بل يقوم من كان ذا هدف صائب، وفكر رشيد؛ بوضع برنامجٍ له قبل أن يدخل عليه شهر رمضان حتى يكون ناجحاً في تحقيق أهدافه، ومنجزاً مبدعاً.
أخي المسلم:
هذه دعوة لك لاستغلال وقتك الفاضل، واستثماره في أكثر من مجال؛ لتنفع نفسك وأمتك، ومن تلك المجالات الجمع بين حفظ القرآن وتلاوته خلال شهر رمضان، إذ ينبغي لإدارات التحفيظ في المراكز العلمية والمساجد – بل وهي دعوة على مستوى الأفراد أيضاً ممن لا ينتسبون إلى حلقات التحفيظ من الشباب، والآباء الكرام – أن يجعل له برنامجاً منظماً، وجدولاً مكتوباً مسبقاً لأوقات يقسمها للحفظ والمراجعة، إضافة إلى أعماله وقرباته الأخرى؛ حتى يستغل هذه الفرصة استغلالاً صحيحاً.
كما نحب أن نشير إلى أن بعضاً ممن حفظ ويحفظ القرآن هو بحاجة إلى التلقين، فينبغي الحرص والاهتمام بالقيام بوضع حلقات للتلقين في فترات مناسبة خاصة في هذا الشهر الكريم، فهي دعوة لإدارات التحفيظ بتوسيع برامج حلقات التحفيظ إلى هذه المسائل من التلقين، وإقامة دورات في التجويد حتى يصير طالب التحفيظ متميزاً في حفظه وتجويده، وحسن قراءته للقرآن الكريم، فينتج ذلك شباباً حفاظاً متميزين.
كما أنه ينبغي على الشباب، والرجال، والنساء أن يحرصوا – إلى جانب الحفظ والتلقين – على تلاوة القرآن، والإكثار من ذلك، ولا يقتصر المسلم على ما يأخذه في المسجد لفترة محدودة من تحفيظ وتلقين، فإن شهر رمضان هو شهر القرآن، وشهر التلاوة، وشهر الصلة بالله عن طريق كتابه، وكلما أكثر الإنسان من تلاوته؛ ازداد إيماناً وراحة نفسية كبيرة، وإذا قصر في ذلك تقطع قلبه هماً وضيقاً، وهذا سببه الإعراض عن ذكر الله تعالى.
وفق الله الجميع إلى مرضاته، والله أعلم، وصلى الله على محمد، وآله، وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.