مقومات الخطاب المسجدي 

مقومات الخطاب المسجدي 

ما في الدنيا معلم يلتقي عنده أهل الإسلام، ويجتمعون فيه لسماع الوعظ والإرشاد والتوجيه مثل: بيوت الله في الأرض (المساجد)، التي يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (سورة النور:36)، ولذلك كانت العناية بالخطاب الملقى من آكد الأمور التي ينبغي أن تولى اهتماماً كبيراً، وشأواً عظيماً؛ كي نصل به إلى الغاية التي أوصى الله  بها نبيه محمد في كتابه يوم قال: وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا(سورةالنساء:63).

وهذا الكلام يخص بالمقام الأول القائمين على شؤون المساجد، المتولين أمرها؛ سواء أكانوا (جهات وزارية، أو أئمة مكلفين، أو خطباء معنيين …).

وتحقيقاً لهذا الغرض كان لا بأس من المحاولة أن نضع بين يدي حملة الرسالة، ومعتلي المنابر، وأرباب الكلمة؛ ومضات على هذا الطريق، سعياً في تذكيرهم أن تحقيق التألق، والدور القيادي للأمة؛ لن يرى النور إلا عبر نفس كبيرة، وكلمة قوية، وطريقة بليغة، وعمق فكري، وعاطفة جياشة، وضمير متقد، وفطنة عارمة، ولقد قال بعضهم: “هناك ثلاثة أشياء مهمة في الخطاب: من يلقيه؟ وكيف يلقيه؟ وما الذي يقوله؟”

ومن هنا كانت هذه المحاولة لنقف سوياً مع قواعد مهمة وأساسية في الخطاب الناجح ينتفع بها شخصين أنت أولاً، وثانياً: من منحوك أسماعهم وأزمة عقولهم، ولب قلوبهم؛ لتكون أوعية تلقي فيها ما تشاء، فهم لك السمع والبصر، فإليك هي:

أولاً: ازرع الثقة في نفسك: إن أول خطوة على طريق النجاح – بعد الثقة بالله تعالى – هي زرع الثِّقةُ بالنَّفس بالجُرأة، والشَّجاعة، ورباطة الجأش، ولا تسمع نفسك رسائل سلبية بقولك: لا أستطيع، لن أنجحْ، فهذه إيحاءات الفشل مصايِد العَجْز والخور.

إن ثقتك بقدراتك ومواهبك تمنحك الشجاعة والقوة، ربما شعرنا كلنا في بداية مواجهة الناس ولا زلنا بالارتباك الشديد، وتلعثم اللسان، وتصبب العرق، وارتعاد الفرائص، وكيف لا يحدث لنا هذا؟! وأحدنا كما قال عبد الملك بن مروان وقد قيل له: عجل عليك المشيب يا أمير المؤمنين!، فقال: كيف لا يعجل عليّ وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة مرة أو مرّتين، أو قال: “شيبني صعود المنابر، والخوف من اللّحن”1.

لا شك أن كل إنسان تقريباً يصاب بالخوف لدى إقدامه على أي عمل، ولكن عليه أن يحتفظ برباطة جأشه، وثقة نفسه، ويتصرف وكأنه غير خائف، فبعد مضي بعض الوقت يتحول الأمر من خوف إلى شجاعة، ومن ارتباك إلى ثقة، قال بعض الخطباء: “قبل دقيقتين من البدء بالخطاب أفضل لو أنني جلدت على أن أستهل خطابي، لكن بعد دقيقتين من البدء أفضل أن أقتل على أن أتوقف”2.

“إن أوّل الفشل هو جبن الخطيب وخوره، فما أن يشعر بالضعف والانهزام، وترجف أعضاؤه، ويتلعثم لسانه، ويسيل عرقه، حينها لا تسأل كم هو الإحراج الذي يعيشه سامعوه فضلاً عنه، وهذا هو سقوط الخطيب صراحة.

ولك أن تسأل: كيف يؤثر في الجموع من يرهبها؟ وكيف يستولي على قلوبها من يخجل منها؟

إن لقوة القلب في مواجهة الناس مدد عظيم يمنحه الله أهل القدرات والمواهب، فيجدون في مخاطبة الجماهير سلوة وحياة ومتعة”3 ومن ذاق عرف.

ولذا ثق بالله المعين، ثمّ ثق في نفسك، وكن متفائلاً أنك تستطيع – إذا أردت – أن تكون فارساً من فرسان المنابر الذين لا يشق لهم غبار.

ثانياً: تدّرب .. تدّرب: هذه خطوة مهمة جداً لنجاح خطابك، فالتدرب والتمرن كفيل بصقل مواهبك، وتفعيل أفكارك، ووصول خطابك إلى الغرض المقصود.

وقبل أن تذهب لمخاطبة الناس تدّرب على ما تقوله، وكيف تقوله؟

كان ابن الجوزي ينصب حجارة ثم يخطب فيها، فكان بعد ذلك واعظ العراق، وخطيب الآفاق.

اغتنم كل لحظة في خلال الأسبوع بل في كل حياتك للتدرب والتعلم.

وقد قيل:

إذ درّت نياقك فاحتلبهــا فما تدري الفصيل لمن يكون
وإن هبّت رياحك فاغتنمها فإن لكّل خافقة سكـــون

“فالدقائق الغالية مع المثابرة الدائمة يكون لها شأن، وأي شأن في حياة الإنسان المادية والبدنية …، وإذا عُدنا إلى التاريخ نلتمس مثالاً لأولئك الذين استثمروا أوقات فراغهم، وحققوا غايات مدهشة؛ لهالنا الأمر، وملكنا الإعجاب، فهذا الكاتب الإسلامي مصطفى صادق الرّافعي حفظ نهج البلاغة المنسوب للإمام علي  في الحافلة العمومية غادياً ورائحاً بين منزله، ومحل عمله.

ورائد النهضة الفكرية والإصلاحية بالجزائر عبد الحميد بن باديس كتب أغلب مقالاته في القطار بين قسنطينة والجزائر.

ودغوا أحد المبشرين الفرنسيين ألف كتاباً ضخماً في الفترات على المائدة بين لون من الطعام ولون آخر”4.

إذن اكتسب معارفك بمهارتك، بتجاربك، فالكتب تلقن الحكمة لكنها لا تخرج الحكماء، فلا يمكن أن تمهر وتبرع في خطابك لمجرد قراءتك لبعض المجلدات، بل تمهر حينما تصعد المنابر فتخطئ وتصيب، وتفشل وتنجح؛ حتى تبلغ الغاية.

إذن تدرّب ثمّ تدرّب!

ثالثاً: شخصية المدرّس النّاجح5:

إذا كنت ترغب في الإفادة القصوى من شخصيتك فعليك ما يلي:

أ- اذهب لمقابلة الناس وأنت مرتاح فـ: “إن المنبت لا أرضاً قطع، ولا ظهراً أبقى”.

ب- لا تقترف الخطأ الشائع بترك التحضير والتخطيط لآخر دقيقة، وبعد ذلك العمل بسرعة جنونية محاولاً التعويض عن الوقت المهدور، وإن فعلت ذلك فإنك ستخزن هموماً جسدية، وإرهاقاً ذهنياً؛ يتحول إلى عبء رهيب تنوء بثقله.

ج- لا تلق خطابك وأنت جائع، فإن المعدة الخالية تؤدي إلى نقص في الطاقة التي يحتاجها جسمك، وبالدرجة الأولى مخك.

د- تأثير الملابس: فالمتحدث إذا كانت تعوزه الأناقة والهندام المنظم يكن له الناس احتراماً ضئيلاً، فالذي يتصدى لمخاطبة الناس عليه أن يحسن مظهره بتنظيف بدنه وتطييبه، والتخفيف من شعر رأسه وشاربه، وترجيل لحيته، وتعهد فمه، وأسنانه، وقص أظافره، وتبديل ملابسه، والعناية بها، ويستحسن فيها أن تكون بيضاء قال عمر : “أحب شيء إليّ أن أرى القارئ أبيض الثياب”6.

هـ- دور الابتسامة المشرقة: تقول الحكمة الصينية: “من لا يحسن الابتسامة لا يفتح متجراً”، والمتحدث البارد المتجهم لا تلقى سلعته رواجاًَ، ولقد كان من خلقه البشاشة في وجوه أصحابه، وعن سعيد بن عبدالرحمن الزبيدي قال: “يعجبني من القراء كل سهل طلق مضحاك، فأما من تلقاه ببشر، ويلقاك بعبوس يمن عليك بعمله؛ فلا أكثر الله في الناس أمثال هؤلاء”7.

إن أساس قوة شخصيتك أن تحسن البسمة في وجوه الناس، أن تكون ليناً في أيديهم، أن تأخذ بوصية سالم بن عبد الله بن عمر حين أوصى بها عمر بن عبد العزيز حياك الله – رحمه الله – قائلاً له: “اجعل أكبرهم أباً، وأوسطهم أخاً، وأصغرهم ابناً، فوقر أباك، واحترم أخاك، وارحم أبنك”.

و- اعرف جمهورك8: بمعنى أن تعرف حال من تخاطب، فالناس يختلفون، ففيهم المتعلم وغير المتعلم، وهؤلاء درجات وأصناف، وفيهم الكبير والصغير، والمستقيم والمنحرف، والمغرور والمتكبر، والغني والفقير، فإذا لم تعرف طبيعة من تخاطب كنت سبباً في فشل خطابك هذا من جهة، ومن جهة أخرى خاطبهم بما يعقلون، وبالصحيح من الأخبار.

وبعد أن تعرف أحوالهم خاطبهم بواقعهم، فإن الفكرة التي تجهل أو تتجاهل واقعها مئآلها الفشل، ورحم الله الأستاذ مولود قاسم الذي قال: ” .. أن يكون الإنسان ابن عصره مع البقاء على أديم مصره، ودون أن يصبح نسخة غيره”9.

كما لا تنس أن خطابك في مكان ما يختلف عن غيره، فمثلاً خطابك في المسجد ليس كخطابك في جلسة خارجه إذا جلست مع الناس مثلاً، فاحذر التصدر فقد يفضحك علمك حين تتكلم بكلام ناقص، فربما يكون في المجلس من هو أعلم منك.

وحتى الخطاب المسجدي نفسه يختلف، فدرس الليل ليس كدرس الجمعة، فغالباً ما يكون درس الجمعة وعظياً، والدرس الليلي تعليمياً، وفي هذا الأخير لا تنس نقطة مهمة جداً وهي: الدوّام والاستمرار، فكثير من الأئمة يفقدون شخصيتهم ومصداقيتهم، وينفر الناس منهم؛ لأنهم لا يداومون على الحلقات الليلية، وهذا سهم في مقتل!.

كما لا تنس في إلقائك أن تنوع في أسلوبك بين الخبر والإنشاء، بين التقرير والتمثيل، وتستعين ما استطعت بوسائل الإيضاح التي تقرب المعنى لسامعيك.

رابعاً: فن التحضير:

الاستعداد الكامل، والتحضير الصحيح؛ هو الكفيل بنجاح خطابك يقول الإمام الغزالي: “إن التحضير المتقن دلالة احترام المرء لنفسه ولسامعيه، وقد تفاجئ الإنسان مواقف يرتجل فيها ما يلقى به الناس، ويصور ما بنفسه، والواقع أن القدرة على الارتجال تجئ بعد أوقات طويلة من الدربة على التحضير الجيد، وعلى تكوين حصيلة علمية مواتية لكل موقف، ومع ذلك فإن المهارة في الارتجال لا تغني عن حسن التحضير للعالم الذي يريد أداء واجبه بأمانة وصدق، والذي يقدر إنصات الناس له، واحتفاءهم بما يقول”.10

والتحضير الجيد يكسب صاحبه ثروة هائلة، و”بديهة لمّاحة؛ تجعله لا يرهب المواقف المفاجئة التي لم يحسب لها حساباً، فمن لم تكن له بديهة؛ وقع في الارتباك وأفحم وانقطع، إن اللحظات المفاجئة لا تنتظر من يحضر لها، ويتمهل في طلب الإجابة، لا، بل الآن نريد إجابة سريعة مناسبة”.11

حكوا أن هارون الرشيد صعد المنبر ليخطب فسقطت على وجهه ذبابة فطردها، فرجعت، فحصر وأرتج عليه، فقال: أعوذ بالله السميع العليم يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (سورة الحـج:73)، ثم نزل، فاستحسن منه ذلك.

وهنا سؤالين مهمين في هذا الصدد:

الأول: ماذا يعني التحضير؟

وللجواب ليعلم أن التحضير يعني التفكير، وهذا يتم عن طريق: توليد الأفكار، ثم جمعها، ثم تدوينها، ويمكن الاستعانة في ذلك بالقراءة المفيدة المتأنية، والحفظ المتقن الراسخ؛ لأن الخطاب المطعّم بالآيات، والأحاديث، والآثار، والحكم، والأشعار؛ يحتاج إلى حفظ متقن.

ثانياً: كيف تحضر؟

وهذا ينشأ منه أسئلة عديدة منها:

1- كيف تختار موضوعك؟ قال الشيخ علي محفوظ: “من أراد العظة البليغة، والقولة المؤثرة؛ فليعمد إلى المنكرات الفاشية، ولاسيما ما كان منها قريب العهد، وحديثه على ألسنة الناس، ثم يقدم من هذه الوقائع أكبرها ضرراً، وأسوأها أثراً، فيجعله محور خطابته، وموضع عظته …”12

قال ديل كارنيجي: “من هواياتي أن اصطاد السمك، وبمقدوري أن أجعل الطعم الذي أثبته في السنارة أفخر أنواع الأطعمة، لكني أفضل استعمالي طعوم الديدان على الدوام، وذلك أني لا أخضع في انتقاء الطعوم إلى رغبتي الخاصة، فالسمك هو الذي سيلتهم الطعم، وهو يفضل الديدان، فإذا أردت اصطياده قدمت له ما يرغب فيه، والآن: لماذا لا نجرب الطعوم مع الناس؟”13 فكثير منا خطابهم في واد وواقع الناس في واد آخر، والله المستعان!، وما أفضل أن يستعين الملقي بالدراسات والإحصائيات الاجتماعية؛ ليصير خطاب الإمام دقيقاً، وموضوعياً، وعلمياً لا يلقى كلاماً على عواهنه. 2- كيف تفتتح الخطاب؟14: يجب في المقدمة أن تكون مثيرة تشد السامع إلى الموضوع: قصة مثيرة، أو مثلاً محدداً، أو سؤالاً … إلخ.

فالمقدمة هي مطلع الخطاب، وواجهته الأولى، فلا بد أن تبدأ قوية مشرقة، تستميل المستمع، وتجذب انتباهه، وبدهي أن تسبق بالبسملة والحمدلة، والصلاة على رسول الله .

3- كيف تختتم الخطاب؟: يجب أن تكون الخاتمة نتيجة منطقية لكل ما جرى عرضه ومناقشته كي يحس المستمع من خلالها أنه وصل إلى نهاية الخطاب بطريقة طبيعية متدرجة دون تكلف15.

فالنهاية يجب أن تبقى ترن في آذان المستمعين، وقد تكون تلخيصا للأفكار السابقة، أو خاتمة مرحة؛ كان الحسن البصري إذا جلس يحدث الناس يبكيهم، ولا يفارقهم حتى يضحكهم، أو مقتطفات شعرية، أو آيات كريمة، أو أحاديث شريفة، وبعدها مباشرة الدعاء بالمأثور وغيرالمأثور.

خامساً: فن الإلقاء الجيد: الإلقاء الجيد هو الذي يعنى بكيفية إخراج الكلمة وإرسالها إلى السامعين، والذي بدون التوفيق فيه لن يكون هناك تأثير و لا تغيير ولو كان الكلام المرسل هو كلام الله الذي تقشعر منه جلود الذين آمنوا، وتخشع له الجبال، أو كلام رسول الله الذي أوتي جوامع الكلم.

الإلقاء الجيد هو الذي يقدم الحروف للسامع سليمة من العيوب، صحيحة في مخارجها، صادقة في جرسها، أخاذة في إيقاعها، ينطق الكلمات بلا عجمة ولا لحن ولا تعثر، بعيداً عن الارتباك والالتواء.

والإلقاء الجيد هو الذي يكون طبيعياً من غير تكلف، ولا انتحال لشخصية أخرى، فليس هناك أي إنسان مثلك في العالم، فمئات الملايين من الناس تمتلك العيون والآذان لكن ما من أحد يشبهك تماماً، وبمعنى آخر لديك شخصيتك فلا تكن مستنسخاً.

كوَّن لنفسك طريقة في العرض، والإلقاء، والأسلوب، والأداء، بهذا ترقى ويرقى خطابك “ما حك جلدك مثل ظفرك!”، “ضع قلبك في خطابك”16

وإليك بعض النقاط المهمة في الإلقاء الجيد17:

أ– شدد على الكلمات المهمة، اخفض صوتك عند الكلمات غير المهمة.

ب– غير طبقات صوتك نحو الأعلى والأسفل، والقوة والضعف؛ حتى تكون متموجة كسطح البحر، وهذا يبعث في نفس السامع الارتياح، بعكس الصوت الرتيب على وتيرة واحدة فهو كمناخ جاف ممل.

جـ- غيّر معدل سرعة صوتك كالسائق الماهر يسرع في الطريق السريع، ويتمهل في غيره.

د- توقف قبل وبعد الأفكار المهمة، فحين تريد توكيد فكرة ما أبرزها بالتوقف قبلها أو بعدها؛ لتظهر متميزة، فتوقفك يضيف إلى قوة الفكرة قوة الصمت الذي يترك المجال للمعنى يؤدي غرضه.

ولقد ذكرت الدراسات العلمية الحديثة أن 65% من فن التأثير يرجع إلى لغة الجسد (العينين، اليدين، الحركات، الصوت)، ومن هنا نقل الرواة هيئة المصطفى في خطبته من أنه تحمر عيناه، وتنتفخ أوداجه، ويعلو صوته كأنه منذر جيش.

سادساً: لا تخش النقد:

النقد البناء لخطابك يجعله أكثر بهاءً وصفاءً، ويكسبه سداداً في الرأي، وجودة في العرض.

النقد البناء يجعلك تصحح ما وقعت فيه من أخطاء حتى لا تقع فيها مرة أخرى.

وقد يكون النقد ذاتياً، وقد يكون خارجياً:

النقد الذاتي: حينما تكمل خطابك أعد النظر فيه حتى يتبين لك الغث من السمين، وحبذا لو أمسكت دفتراً وقلماً مباشرة بعد انتهائك من الخطاب فستجد فوائد وخواطر كنت قد قلتها في عرضك على غير تحضير سابق، فقيدها فإنك ستحتاجها في وقت أحوج ما تكون إليها.

النقد الخارجي: إذا وجه إليك أحد المصلين ملاحظة ما، أو اقتراحاً ما؛ فاقبله وادرسه ستجد فيه خيراً كثيراً، وقديماً قالوا: “المتكلم أعمى، والسامع بصير”، وحاول أن تشجع مستمعيك على نقدك، وإبداء المشورة لك، وعرض ما لهم من اقتراحات لتستفيد منها في خطابك.

وقد قال عمر : “رحم الله رجلاً أهدى إلي عيوبي”.

وفي الختام أسأل الله أن يكون هذا الجهد خير مرشد ومعين لكل إمام ينشد الطموح والتألق في خطابه.

والله من وراء القصد.


1 الفخري في الآداب السلطانية لابن الطقطقي (1 /45).

2 فن الخطابة لدايل كارنيجي (18).

3 مملكة البيان (13) عائض القرني.

4 من مناهل النبوة لمحمد صالح الصديق (229).

5 فن الخطابة (89) وما بعدها لدايل كارنيجي.

6 الاستذكار لابن عبد البر (2 /48)، تحقيق سالم محمد عطا، محمد على معوض.

7 روضة العقلاء لابن حبان (76)، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد.

8 فن الخطابة لدايل كارنجي (94) وما بعدها.

9 أصالية أم انفصالية لمولود قاسم (326) .

10 خطب الشيخ محمد الغزالي (1 /22).

11 مملكة البيان لعائض القرني (14).

12 هداية المرشدين إلى طرق الوعظ والخطابة لعلي محفوظ (145).

13 كيف تكسب الأصدقاء لدايل كارنيجي (21).

14 فن الخطابة لدايل كارنيجي (105) وما بعدها.

15 كتابة البحث العلمي لعبد الوهاب إبراهيم أبو سليمان (198).

16 فن الخطابة (82) وما بعدها.

17 فن الخطابة (86).

* للاستفادة أكثر انظر مقال بعنوان: “قواعد الخطاب المسجدي الناجح”.