لباس المرأة المسلمة

لباس المرأة المسلمة

 

اللباس نعمة عظيمة يستر أعضاء مخصوصة من أعضاء جسد الإنسان(1)، ويحفظه دون عاديات الجو وتقلباته،إضافة إلى أنه زينة وجمال،قال-تعالى-:(يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ )(2).فامتن الله-تعالى-على عبادِهِ بما يسرَّ لهم من اللباس البدني الضروري،الذي تُستر به العورة،واللباس البدني الذي هو زينة وجمال يتجملون به في أعيادهم ومناسباتهم.

ثم ذكر –سبحانه- اللباس المعنوي،لباس التقوى،وهو خير من اللباس البدني الذي هو زينة وجمال؛لأن من اتقى الله –تعالى- ولزم طريق الاستقامة؛ فاز بسعادة الدنيا والآخرة.

وما أحسن قول الشاعر:

إذا المرء لم يلبس ثياباً من التقى        تقلب عرياناً وإن كان كاسياً

وخـير لباس المرء طاعة ربـه        ولا خير فيمن كان لله عاصياً

ومن هنا تعين على كل مسلم ومسلمة أن يراعي تقوى الله- تعالى-، فلا يلبس لباساً محرماً عليه – وإن كان جميلاً-،فلباس التقوى خيرٌ وأبقى وأنقى.

والإسلام دين الفطرة لا يسلك في كل شأن الحياة إلا ما يوافق الفطرة ويحقق السعادة في الدنيا والآخرة؛لذا لم يقرر الإسلامُ نوعاً خاصَّاً من اللباس لا يجوز تخطيه،بل اعترف بشرعية كل لباس،لكل أمة لكل بلد ما دام متفقاً مع المبادئ الإسلامية والقواعد الشرعية التي حددها الإسلام في موضوع اللباس؛ لباس الرجل والمرأة.

فلقد حدد الإسلام الشروط والضوابط التي يجب على المرأة المسلمة أن تتقيد بها في موضوع اللباس،وهذه الشروط تنقسم إلى قسمين:

الأول: ما يتعلق بتفصيل اللباس ووضعه على البدن.

 الثاني: ما يتعلق بنوعية اللباس.

فأما القسم الأول: وهو ما يتعلق بتفصيل اللباس،ونعني بذلك الخياطة،فلا بد أن تكون خياطة لباس المرأة موافقة لما حدده الإسلام في هذا المجال،ثم في وضعه على البدن،وذلك بمراعاة الشروط التالية:

 الشرط الأول: أن يستوعب اللباس جميع البدن؛وذلك ليكون ساتراً للعورة وللزينة التي نُهيت المرأة عن إبدائها.

الشرط الثاني: ألا يكون اللباسُ ضيقاً يصف جسمها؛وذلك أن الغرض من اللباس كما سبق ستر العورة ومواضع الزينة،وهذا إنما يكون بالثوب الواسع،أما الثوب الضيق،فإنه -وإن ستر لون البشرة- يصف جسم المرأة أو بعضه،ومن تلبس لباساً ضيقاً يصف مفاتن جسمها،وتخرج إلى مجامع الرجال،فهي من الكاسيات العاريات.

الشرط الثالث:ألا يشبه لباس الرجل،فقد ورد عن ابن عباس-رضي الله عنهما-أنه قال: (لعن رسول الله المتشبهين من الرجال بالنساء،والمتشبهات من النساء بالرجال) (3)

الشرط الرابع: ألا يُشبه لباسَ الكافراتِ: وذلك بأن تفصل المرأة المسلمة لباسها تفصيلاً يتنافى مع حكم الشرع وقواعده في موضوع اللباس مما ظهر في هذا العصر وانتشر باسم الموديلات،التي تتغير كل يوم من سيئ إلى أسوأ.لقد انتشرت في المكتبات "مجلات الأزياء" التي تعنى بصفة لباس المرأة، وتنويع التفصيل، وغالبها من وضع نساء أوروبا اللاتي أصبن بالجذام الخلقي،وارتكسن في الإباحة الجنسية،حيث لا عقل ولا دين،ومن وضع مصممي الأزياء الذين خدعونا باسم الموضة،وضحكوا علينا؛لترويج بضاعتهم مع إفساد أخلاقنا والقضاء على ما عندنا من عفة ونزاهة.ولولم يكن من ذلك إلا الوقوع في معصية التشبه بالكفار لكفى،وقد قال -عليه الصلاة والسلام-:(من تشبه بقوم فهو منهم)(4).

القسم الثاني: ما يتعلق بنوعيةِ اللِّباسِ:

لقد وضع الإسلام شروطاً لنوعية اللباس الذي تختاره المرأة،ومن هذه الشروط:

1- ألا يكون اللباس زينة في نفسه.فالمرأة منهية عن الثياب إذا كانت تلفت أنظار الرجال إليها؛لعموم قوله-تعالى-:" ولا يبدين زينتهن" فإذا نهيت عن إبداء الزينة، فكيف تلبس ما هو زينة؟! ولأن ذلك داخل في التبرج.

2- ألا يكون خفيفاً يصف ما تحته.وهذا كما سبق لأن القصد من اللباس الستر، وذلك لا يحصل إلا بالصفيق؛ لأن الخفيف يزيد المرأة زينة وجمالاً،وليس اللباس الذي يشف عن الجسم،ويفضح العورات بلباسٍ في نظر الإسلام. فلباس المرأة لابد أن يكون صفيقاًَ لئلا تفتن غيرها بمحاسن جسمها،ومنه يُعلم أنه لا يجوزُ للمرأة لباس الشراب الشفاف.

3-ألا يكون لباس شهرة.فلا يجوز لامرأة مسلمة أن تختار من ألوان الثياب ما ترضي به رغبة الدعاية،وإنما لأجل أن يرفع الرجال إليها أبصارهم،وتفتن تلك النظرات الجائعة! وقد ورد عن عبد الله بن عمر- رضي الله عنهما-،قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:(من لبس ثوب شهرة في الدنيا،ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة،ثم ألهب فيه ناراً)(5)   

اللهم وفق نساء المسلمين للحشمة والحياء،والستر والعفاف.

 والحمد لله رب العالمين.


1 -راجع لباس المرأة المسلمة للشيخ عبد الله بن صالح الفوزان.

2– (الأعراف:26).

3 – أخرجه البخاري كتاب اللباس باب المتشبهون بالنساء والمتشبهات بالرجال برقم (5435).

4 – أخرجه أبو داود كتاب اللباس باب في لبس الشهرة برقم (3512).وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير برقم (6150).

5 – أخرجه أبو داود (11/72) وابن ماجه وأحمد وإسناده حسن انظر صحيح ابن ماجة للألباني (2/284).