من روائع الكلم..
قال ابن مسعود :إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة، وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة، فمن زرع خيراً فيوشك أن يحصد رغبة، ومن زرع شراً فيوشك أن يحصد ندامة، ولكل زارع مثلما زرع، لا يسبق بطيء بحفظه، ولا يدرك حريص لم يقدر له.
وقال : إن أصدق الحديث كتاب الله، وأوثق العرى كلمة التقى، وخير الملة ملة إبراهيم، وأحسن السنن سنة محمد ﷺ ، وخير الهدي هدي الأنبياء، وأشرف الحديث ذكر الله، وخير القصص قصص القرآن، وخير الأمور عواقبها، وشر الأمور محدثاتها، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، ونفس تنجيها خير من إمارة لا تحصيها، وشر المعذرة حين يحضر الموت، وشر الندامة ندامة يوم القيامة، وشر الضلالة الضلالة بعد الهدى، وخير الغنى غنى النفس، وخير الزاد التقوى، وخير ما ألقي فيالقلب اليقين، والريب من الكفر، وشر العمى عمى القلب، والخمر جماع الإثم، والنساء حبائل الشيطان، والشباب شعبة من الجنون، والنَّوْح من عمل الجاهلية.
وقال أيضاً: من الناس من لا يأتي الجمعة إلا دبراً (1) ولا يذكر الله إلا هجراً. وأعظم الخطايا الكذب، ومن يعُفّ يعفه الله، ومن يكظم الغيظ يأجره الله، ومن يغفر يغفر الله له، ومن يصبر على الرزية (2) يعقبه الله،(3)وشر المكاسب كسب الربا، وشر المآكل مال اليتيم، وإنما يكفي أحدكم ما قنعت به نفسه، وإنما يصير إلى أربعة أذرع والأمر إلى آخره، وملاك العمل خواتمه، وأشرف الموت قتل الشهداء، ومن يستكبر يضعه الله، ومن يعص الله يطع الشيطان.
وقال : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون،وبنهاره إذا الناس مفطرون، وبحزنه إذا الناس يفرحون، وببكائه إذا الناس يضحكون، وبصمته إذا الناس يخوضون، وبخشوعه إذا الناس يختالون.
وينبغي لحامل القرآن أن يكون باكياً، محزوناً، حكيماً، حليماً، سكيناً، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافياً، ولا غافلاً ، ولا سخاباً، ولا صياحاً، ولا حديداً.
النفـس الخيِّرة والنفش الشِّرِّيرة:
قال ابن القيم- رحمه الله-:
سبحان الله! في النفس: كبر إبليس، وحسد قابيل، وعتو عاد، وطغيان ثمود، وجرأة النمرود، واستطالة فرعون، وبغي قارون، وقحة- أي لؤم- هامان، وهوى بلعام، وحيل أصحاب السبت، وتمرُّد الوليد، وجهل أبي جهل.
وفيها من أخلاق البهائم: حرص الغراب، وشره الكلب، ورعونة الطاووس، ودناءة الجُعل، وعقوق الضب، وحقد الجمل،ووثوب الفهد، وصولة الأسد، وفسق الفأرة، وخبث الحية، وعبث القرد، وجمع النملة، ومكر الثعلب، وخفة الفراش، ونوم الضبع.
غير أن الرياضة – أي ترويضها على الطاعة- والمجاهدة تذهب ذلك. فمن استرسل مع طبعه فهو من هذا الجند، ولا تصلح سلعته لعقد:{إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ}؛ فما اشترى إلا سلعة هذبها الإيمان، فخرجت من طبعها إلى بلد سكانه التائبون العابدون)4
تأمــل في آيــة:
وقال ابن القيم- رحمه الله- في قول الله- تعالى-:{يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ}: يغفر ذنباً، ويفرج هماً، ويكشف كرباً، ويجير كسيراً، ويغني فقيراً، ويُعلِّم جاهلاً، ويهدي ضالاً، ويرشد حيراناً، ويغيث لَهْفاناً، ويفك عانياً، ويشبع جائعاً، ويكسو عارياً، ويشفي مريضاً، ويعافي مبتلىً، ويقبل تائباً، ويجزي محسناً، وينصر مظلوماً، ويقصم جباراً، ويقيل عثرة، ويستر عورة، ويؤمن روعة، ويرفع أقواماً، ويضع آخرين، لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل النهار،وعمل النهار قبل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سُبُحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)5.