تسمية المسجد

تسمية المسجد

تسمية المسجد

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:

فلا بأس بأن يسمى المسجد، فيقال مسجد فلان، ومسجد بني فلان، وهذه التسمية تكون على سبيل التعريف والتمييز، لا الشهرة والمباهاة، والافتخار، وهذه الإضافة ليست للملك، وإنما هي للتمييز والتعريف.

وقد بوب البخاري في صحيحه: باب هل يُقال: مسجد بني فلان؟ وساق حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "سابق بين الخيل التي أضمرت من الحيفاء، وأمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق"1.

قال الحافظ ابن حجر: "قوله: باب هل يقال مسجد بني فلان؟ أورد فيه حديث بن عمر في المسابقة، وفيه قول بن عمر: إلى مسجد بني زريق، وزريق بتقديم الزاي مصغراً، ويستفاد منه جواز إضافة المساجد إلى بانيها أو المصلي فيها، ويلتحق به جواز إضافة أعمال البر إلى أربابها، وإنما أورد المصنف الترجمة بلفظ الاستفهام لينبه على أن فيه احتمالاً، إذ يحتمل أن يكون ذلك قد علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن تكون هذه الإضافة وقعت في زمنه، ويحتمل أن يكون ذلك مما حدث بعده، والأول أظهر، والجمهور على الجواز، والمخالف في ذلك إبراهيم النخعي فيما رواه بن أبي شيبة عنه، أنه كان يكره أن يقول: مسجد بني فلان، ويقول: مصلى بني فلان، لقوله -تعالى-:{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}الجن: 18، وجوابه: إن الإضافة في مثل هذا إضافة تمييز لا ملك"2.

وقال فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد وهو يتكلم عن أحكام وآداب المسجد بعد أن ذكر حديث ابن عمر الذي في البخاري: "ففي هذا جواز إضافة المساجد إلى بانيها أو المصلين فيها إذا كانوا من قوم معينين، أو من قبيلة معينه، فيقال: مسجد بني فلان، ولا حرج في ذلك.

وكذلك تضاف إلى من بناها إذا أُمن من ذلك الرياء؛ لأن بعض الناس عندما يسمون المساجد بأسمائهم يكون في ذلك رياء؛ لأن المسألة تعتمد على النية، والمساجد لله فلا يجوز أن يشرك مع الله -سبحانه وتعالى- أحد في بناء المساجد، أو في أي عمل بر وإحسان، ولعل الأولى أن لا يقال: مسجد فلان، ابتعاداً عن الرياء، ولكن إذا أمن الرياء؛ كما إذا مات الشخص فلم يعد يخشى عليه من الرياء فلا بأس بذلك""3".

نسأل الله أن يفقه المسلمين في أمر دينهم، ونسأله أن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.


1 أخرجه البخاري الفتح رقم (420).

2 – فتح الباري (1/515-516).

3 – من شريط لفضيلة الشيخ بعنوان قصة يوم الوشاح.