لا تكن شاتماً

لا تكن شاتماً

الحمد لله أنعم على عباده نعمًا عظيمةً وآلاءً جسيمة، أحمده سبحانه وأشكره ثبّتَّ نفوسَ المؤمنينَ بالسكينةِ والطمأنينة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الحمد في الأولى والآخرةِ وإليه معادُ الخليقة، وأشهد أن سيدَنا ونبيَنا محمدًا عبده ورسوله، دعا إلى كل خيرٍ وفضيلة، وحذر من كل شرٍ ورذيلة، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته وسلم تسليما كثيراً. أما بعد:

أيها المسلمون: إن هذا الدين الشامل الكامل، لم يترك جانباً من جوانب الحياة إلا وبينه، ونبه عليه، وإن من أهم الأمور التي ركز عليه الإسلام هي الأخلاق الحسنة، والطيبة، فالنبي-عليه الصلاة والسلام-إنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق، فقال-صلى الله عليه وسلم-:(إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، وقال-عليه الصلاة والسلام-في معرض ذكر منزلة أصحاب الأخلاق الحميدة والفاضلة: (إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً) فالمسلم يجب أن يكون ذوا أخلاق حميدة وفاضلة، وإن من أقبح الأشياء أن يكون المسلم متصفاً بالأخلاق السيئة، كأن يكون سباباً، أو شتاماً، أولعاناً، وعن حقارة أصحاب هذه الأخلاق البشعة، والشنيعة، ومنزلتهم بيَّن ذلك الرسول-صلى الله عليه وسلم-أيما تبيين حيث قال:(وإن أبعدكم مني مجلساً يوم القيامة الثرثارون والمتشدقون والمتفيهقون) فمن هذا الذي يريد أن يكون بعيداً يوم القيامة من رسول الله-صلى الله عليه وسلم-ومن هو الذي يحب أن يكون متصفاً بالأخلاق السيئة، و البذيئة، التي جاء الإسلام محذراً منها أيما تحذير، كما جاء من حديث عبد الله بن مسعود-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وآله وسلم-: (ليسَ المؤمِنُ بِطَعّان، ولا لعّان، ولا فاحِش ولا بَذيء)(1) ولقوله-صلى الله عليه وسلم-: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر)(2)  فقوله-صلى الله عليه وسلم-ليس المؤمن، أي لا ينبغي للمسلم الحق أن يكون طعَّان في أعراض الناس، ولا يكون لعَّان لهم، ولا يكون فاحش يتكلم بالكلام البذيء السيء الذي يجرح أعراض المسلمين والمسلمات، ثم حذر من هذا بأشد من اللفظ وأقسى اللهجة، حيث قال: (سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر). فعلى المسلم أن يتجنب الشتم والسب، والكلام البذيء، وعليه أن يكون مسلماً ملتزماً بتعاليم الإسلام الحنيف، لكي يفوز برضا لله-عز وجل-، وينجو من عذاب النار.

عباد الله: إن سورة الحجرات قد اشتملت على آيات كثيرة محذرة من هذا: منها قوله تعالى: {وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}(11) سورة الحجرات. ولا يجوز للمسلم أن يستحل سب أخيه المسلم، أو شتمه، أو عيبه، أو غيبته، إلا في حق كأن يكون مظلوماً، يرد عن نفسه كما قال تعالى:{لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا}(148) سورة النساء. أي من اعتدى عليه أولاً فله الحق أن ينتصر من ظالمه بأن يسبه كما سبه، أو يذكر ظلمه للناس، ولكنه لا يجوز له أن يعتدي بأكثر مما سب، وعيب به، لقوله تعالى: {وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ}(190) سورة البقرة. ولا شك أن الصفح والمغفرة لأعظم وآجر عند الله لقوله تعالى:{وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}(43) سورة الشورى.

إن اللعن والسب والشتم، والفحش في الكلام، والطعن في الأنساب، كل ذلك ليس من أخلاق المسلمين والمؤمنين، والمؤمن بعيداً عن السب والشتم، ولا يستخدم الألفاظ البذيئة، في جد ولا هزل، ولا في رضا أو غضب. ومن الضروري تنشئة الأطفال بعيداً عن استخدام تلك الألفاظ؛ لأن محوها بعد ما يكبر الشخص أن تعوّد عليها وهو طفل صغير صعب، وحتى إن تركها فربما تفوه بها دون شعور في حالات الغضب.

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق والأقوال والأفعال لا يهدي لأحسنها إلا أنت

اللهم طهر ألسنتنا من السب والشتم، واللعن والكلام البذيء.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين،

والحمد لله رب العالمين،،،


1 رواه البخاري في الأدب وأحمد وإبن حبان والحاكم.

2  متفق عليه.