دور المسجد في عهد الخلفاء الراشدين

دور المسجد في عهد الخلفاء الراشدين

 

الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، خلق الخلق فأحصاهم عددا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وأزواجه وذريا ته إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن خلفاء النبي- صلى الله عليه وسلم – هم الذين اقتدوا به في كل صغيرة وكبيرة، وهم الذين عاصروا التنزيل، وعلموا التأويل، وساروا على النهج القويم، والصراط المستقيم، ففازوا وأفلحوا، كما اهتموا كثيراً بمصالح المسلمين وما يصلحهم، ولذلك كان للمسجد النصيب الأوفى من اهتمامهم ورعايتهم وعنايتهم، تمثل ذلك في كثير من الأعمال والتوجيهات للأمراء والقواد، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

– الاهتمام بتوسعتها والزيادة فيها، كلما توسعت الأمة المسلمة، وزاد عددها، بسبب الفتوحات والداخلين في الإسلام وكثرة المترددين عليها، وخاصة الحرمين الشريفين، ففي عهد عمر – رضي الله عنه – اشترى دوراً كانت حوله وهدمها وزاد فيه1، وفي عهد عثمان – رضي الله عنه – ابتاع منازل ووسعه بها أيضاً وكان أول من بنى الأروقة في المسجد2، وفي المسجد النبوي جدد أبو بكر بناءه على ماكان في عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – ثم زاد فيه عمر مع المحافظة على كيفيته، ثم زاد فيه عثمان – رضي الله عنه – وغير أعمدته وجدرانه وسقفه3.

كما شملت اهتمامات عمر – رضي الله عنه – بالمسجد النبوي خصوصاً وبغيره عموماً، إضافات ومرافق وتحسينات منها:

1-      بناء رحبة للمسجد – وهي الصحن- يقال له البطحاء والقصد منها الحفاظ على حرمة المسجد ونظافته، ينشد فيها الشعر وتكون لراحة الحجاج ينيخون فيه4.

2-      إضاءة المساجد بالقناديل: لأنها كانت تضاء أيام الرسول – صلى الله عليه وسلم – بإحراق شيء من الحطب أو سعف النخل .

3-      بطح المسجد بالحصى من العقيق: لأنه كان في عهد رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تراباً يصلي فيه الناس ويجلسون فيه وهو على تلك الحال حتى انه كان إذا أمطر نزل المطر من سقفه على الأرض فيسجد الناس فيه بين الماء والطين، فلما كان عهد عمر – رضي الله عنه – أمر بفرش جميعه بالبطحاء من وادي العقيق لما روى البيهقي في سننه عن هشام بن عروة عن أبيه قال: " أول من بطح المسجد- مسجد رسول الله – عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وقال: " أبطحوه من الوادي المبارك"5.

4-      تطييب المسجد وتجميره كل جمعة بالبخور: لان الرسول – صلى الله عليه وسلم – قد أمرببنا ء المساجد في الدور وأمر بتطييبها إلا أن عمر خصص له أوقاتا محدودة وهو يوم الجمعة.

كما شمل اهتمام عمر- رضي الله عنه – بلاد البصرة، فقد أمر أبا موسى الأشعري – رضي الله عنه – أن يبني لهم مسجداً جامع6، وأن تبني كل قبيلة مسجداً ومقبرة7.

ومزيدا من الاهتمام والتأكيد على أهمية المساجد فقد ذهبت الكتب من الخليفة عمر – رضي الله عنه – إلى جميع الأمراء في البلاد المفتوحة يأمر فيها الأمراء أن يتخذوا مسجداً للجماعة، ويتخذ للقبائل مساجد، فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلى مسجد الجماعة8.

كما كان أمراء الخلفاء الراشدين يلزموا أهل الذمة والمعاهدين بحفظ المساجد والرعاية لحرماتها والمترددين إليه9.

اللهم وفقنا لكل خير ياكريم.

والحمد لله أولاً وأخرا.


1 – أخبار عمر ص 126عن فتوح البلدان ص 58.

2 – الكامل لابن الأثير ( ج3-ص 43).

3 – جامع الأصول ( ج 11- ص 186).

4 – أولويات الفاروق في الإدارة والقضاء ص 737.

5 – السنن الكبرى ( ج 2- ص 441).

6 – فتوح البلدان ص 341.

7 – تاريخ الإسلام لحسن إبراهيم( ج 1- ص 517).

8 – المسجد وأثره في المجتمع ص 37.

9 – المساجد لحسين مؤنس ص 42.