احذر الشر على ولدك

احذر الشر على ولدك

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

لا شك أن الأبناء هم فلذة الأكباد، وقرة العيون، وأنس البيوت، وبهم يرزق الإنسان، فلا بد من القيام بتربيتهم التربية الإسلامية المبنية على الأخلاق العالية التي لم تأتِ بها شريعة غيرها ولا قانون..

هناك مخاطر لا بد للأب أن يحذر أبناءه منها:-

1.   تحذيره من رفقاء السوء والأخذ بيده ليلتحق مع رفقاء ناصحين يأخذون بيده إلى الخير، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم – 🙁مثل الصديق الصالح والصديق السوء كحامل المسك ونافخ الكير..) رواه البخاري ومسلم، وقوله: ((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل)) ومعظم الشرور والانحرافات التي توجد في الشباب إنما هي من رفقائهم.

2. تحذيره من التدخين: لا يختلف اثنان في أن الولد منذ نعومة أظفاره إذا اعتاد التدخين، فإنه سيدرج شيئاً فشيئاً إلى ما هو أعظم منه قباحة، وأشنع فساداً وانحرافاً.. لكون الدخان بريد الرذيلة، والطريق إلى الفحشاء والمنكر.1

وقد علم أن التدخين سبب لكثير من الأمراض الخطيرة والفتاكة بالجسم، فلهذا حرم الإسلام كل ما يضر الإنسان، ونفر منه أشد تنفير، وقد ثبت أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (لا ضرر ولا ضرار) رواه ابن ماجه والدارقطني وصححه الألباني، وقد قال الله – تعالى-:{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} (157) سورة الأعراف. والدخان من الخبائث التي قد علم ضررها على الجسم والمال والعقل، ولا حاجة بنا إلى ذكر التقارير من بلاد الغرب عن أضرار التدخين فهي كثيرة،2 ومقصودنا هنا الإيجاز والتحذير من ذلك، ومراقبة الأولاد في تحركاتهم وتصرفاتهم وعدم إهمالهم وتركهم لكل خبيث وشرير.

3. الشاب الذي قارب سن البلوغ أو الذي دخل سن البلوغ عادة ما تأتيه الوساوس والأفكار في كيف يقضي شهوته، أو يظل يفكر في أمور خطيرة حتى يستخرج شهوته بطرق محرمة، خاصة إذا ما اجتمع معه قرناء سوء… وفي ظل المفسدات والمغريات في كل مكان في هذا الزمن ازداد داعي الشهوة ومنادي الشيطان، وفتحت أسواق النخاسة أبوابها! فأبواب الشر كثيرة وكثيرة، ومؤثرات الهوى والشهوة أصبحت في متناول الجميع.. فالصحف والمجلات تعرض صوراً لنساء عاريات فاتنات! والقنوات الفضائية تبث الشر والفساد! ومواقع الانترنت تعرض أنواعاً من الانحلال والقذارة، وهناك مواقع كثيرة جداً متخصصة بنشر الإباحية والانحلال، وأكثر من يتأثر بذلك هم الأولاد والشباب، وعندما تعرض هذه الفتن على الأولاد والشباب لا يجد الكثير منهم حلاً إلا باتخاذ طرق محرمة لتفريغ الشهوة التي تتأجج في بدنه، جراء ما راءه أو سمع عنه من تلك المغريات! فيلجأ بعض هؤلاء إلى اتخاذ ما يسمى العادة السرية وتفريغ الشهوة بذلك، وهي من المحرمات التي استقبحها الإسلام.

فعلى الآباء إبعاد أسباب الشر والفتنة عن أبنائهم حتى لا يقعوا في مثل هذه الطوام، وعلى أهل السلطة والنفوذ أن يقوموا بدورهم في  إزالة الشر وأسبابه وألا يتركوا الحبل على الغارب…

وقد يتطور الأمر إلى ما هو أقبح من ذلك، فيبدأ الشباب بالتعلق بالبنات، وربط علاقات محرمة مع الساقطات، ويزين له ذلك القرناء والأصدقاء، ثم تقع المصيبة وتحل أسباب اللعنة! – والعياذ بالله-.

أيها الآباء وأيها المربون: إن الدور المنوط بكم تجاه أبنائكم ومن تربونهم دور خطير وكبير.. وإنه لا بد من التنبه لخطورة إهمال التربية وترك الأولاد يسرحون ويمرحون دونما رقيب أو حسيب، إن الشاب لو ترك من غير توجيه ولا تربية فإنه سيصبح مجرماً ساقطاً لا يقدم لمجتمعه خيراً ولا يدفع عنه ضراً، وبهذا تتلاشى المجتمعات، وتتآكل المعنويات، ويصبح المجتمع مجموعة من السقط واللقط لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً…

والحقيقة أن مهمة تربية الأولاد مهمة كبيرة وخطيرة3.. ولهذا بين الله خطورة الإهمال والتقصير وأوجب على الآباء وقاية أبنائهم من الخطر والشر والنار: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} (6) سورة التحريم. وقد جعل الله الأولاد والأموال فتنة ومحنة فقال: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (15) سورة التغابن.

والفتنة هي الاختبار والامتحان: فينظر الله ممن يربي ويصلح ويصبر على ذلك، ممن يترك ويتهاون ويضيع ويفتخر بأبنائه ولو كانوا فاسدين مفسدين.. هذا والله ولي التوفيق والهداية..


1– تربية الأولاد في الإسلام (للعلوان).

2-انظر المصدر السابق ص223- الجزء الأول (تقارير الغرب عن أضرار الدخان).

3– مما كتب في تربية الأولاد كتاب: (تربية الأولاد في الإسلام) للعلوان. فهو نافع ومفيد جداً وهو يقع في جزئين.