وجوب نصرة المسلم

وجوب نصرة المسلم

 

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .. أما بعـد:

نصرة المسلمين بعضهم بعضاً من الحقوق التي أوجبها الله –تعالى- عليهم، فعن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة) رواه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وأحمد.

وقد جاء حديث واضح صريح في وجوب نصرة المسلم فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) فقال رجل: يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوماً، أفرأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره؟ فقال: (تحجزه أو تمنعه من الظلم، فإن ذلك نصره) رواه البخاري.

إن النصرة بمعناها الشامل تعني رفع الظلم، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- جاء ليخرج الناس من ظلمـات الظلم والجهـل إلى نور العدل والعلم… لهذا جعل النصرة للمسلم على كل حال سواءً كان ظالماً بالأخذ على يديه وإرجاعه إلى الحق، أو بمعاونته إذا كان مظلوماً وأخذ الحقوق له من غيره.. جعل ذلك من الحقوق الواجبـة..

وقد جاء في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موضع تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته وما من امرئ ينصر مسلما في موضع ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب نصرته) الحديث رواه أبو داود وهو حسن.

 مواقف من نصرة المسلم:

أخرج الطبراني في مسنده الكبير عن يعقوب بن عتبة أن أبا جهل اعترض لرسول الله بالصفا فآذاه، وكان حمزة صاحب قنص وصيد، وكان يومئذ في قنصه، فلما رجع قالت له امرأته- وكانت قد رأت ما صنع أبو جهل برسول الله-: يا أبا عمارة لو رأيت ما صنع –تعني أبا جهل- بابن أخيك، فغضب حمزة ومضى كما هو قبل أن يدخل بيته، وهو معلق قوسه في عنقه حتى دخل المسجد، فوجد أبا جهل في مجلس من مجالس قريش ، فلم يكلمه حتى علا رأسه بقوسه فشجه، فقام رجال من قريش إلى حمزة يمسكونه عنه، فقال حمزة: ديني دين محمد أشهد أن لا إله إلا الله، فو الله لا أنثني عن ذلك فامنعوني من ذلك إن كنتم صادقين، فلما أسلم حمزة -رضي الله عنه- عزَّ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والمسلمون، وثبت لهم بعض أمرهم، وهابت قريش، وعلموا أن حمزة سيمنعـه).

2. عن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- قال : جاء رجل مستصرخ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال جارية له يا رسول الله فقال: ويحك ما لك؟ قال شرا أبصر لسيده جارية له فغار فجب مذاكيره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "علي بالرجل" فطلب فلم يقدر عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فأنت حر، فقال يا رسول الله على من نصرتي قال: "على كل مؤمن" أو قال: "كل مسلم" [رواه أبو داود وحسنه الألباني].

والمواقف في هذا كثيرة، والأحاديث في الحث على التناصر كثيرة أيضاً، والذي يهمنا من خلال هذا الموضوع: كيف نتناصر ونتعاون بيننا نحن المسلمين؟! خاصة في وقت ازدادت فيه غربة المسلم، وكثر الشر والفساد والظلم، وتكالبت الأمم علينا.. والواجب علينا:

1. نصرة المسلمين المجاهدين في كل مكان بالمال والنفس ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً.. وكذلك ندعوا لهـم إذا لم نقدر على ما سبق، فإن الدعاء عبادة عظيمة.

2. الذب عن المسلم والدفاع عنه إذا انتهك عرضه، أو ذكر بسوء في غيبته، فيقال لمن يذكره بالسوء: اتق الله واسكت عن قول الشر.. فإن سكت عنه وإلا قام من عنده وتركه، فهذا من النصرة التي يقدمها المسلم لأخيـه..

3.   إذا ظلم مسلم في مال أو أرض أو غير ذلك وجبت مناصرته، والقيام معه حتى يأخذ حقه وافياً..

4. إذا كان المسلم ظالماً وجبت نصرته برده إلى الحق ومنعه من الظلم، ويتخذ بذلك أساليب منها: دعوته بالتي هي أحسن فإن لم يفق من ظلمه زجره وأنبه، فإن لم يفعل هجره حتى يترك ظلمـه ذلك.. وقد شرع هجر المسلم لغرض ديني حتى يتوب إلى الله..

5. الوقوف مع المسلم أيام الحاجات والمحن والنكبات كمن فاجأه مرض أو موت أو فقر أو مصيبة فإنه لا بد من تسليته وإدخال السرور عليه..

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى..

نسأل الله أن يعيننا على العمل بدينه، وبأخلاق نبيه الكريم، إنه هو السميع العليم…