إغاثة الملهوف 

 

 

إغاثة الملهوف 

الحمد لله تعالى ذو الجلال والإكرام، مانح المواهب العظام، والصلاة والسلام على النبي سيد الأنام، وعلى آله وأصحابه وتابعيهم على التمام.

وبعد:

إن الإنسان بطبيعته السوية، مجبول على تقديم العون وبذل المعروف والإحسان للآخرين،فهي فطرة مغروسة في النفوس، وسجية نسجتها سماحة القلوب، وقد جاءت الشريعة الغراء لتشكل لبنة ترسيخ لهذه الخصلة الرفيعة، وعمود ثبات لتقريرها في النفوس الصادقة البديعة الم يقل صاحب الشريعة   :” أحب الأعمال إلى الله عز وجل ، سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة أو تطردعنه جوعاً، أو تقضي عنه ديناً “1

أيها الكرام:

إن إغاثة الملهوف وإنعاش المكروب وإعانة أهل الحاجات سلوك إسلامي أصيل، وخلق نبوي قويم، تقتضيه الأخوة الصادقة، وتدفع إليه المروءة ومكارم الأخلاق.

وقد كانت حياة نبينا محمد   خير مثال يحتذى به في كل شيء،ولاسيما إغاثة الملهوف، وتقديم العون لكل من يحتاج إليه، حتى لقد عرف بذلك قبل بعثته  ، فعند نزول الوحي عليه أول مرة رجع إلى خديجة فأخبرها الخبر ثم قال: “لقد خشيت على نفسي”.2 عندئذ أجابته أم المؤمنين خديجة -رضي الله عنها-: كلا والله! ما يخزيك الله أبدًا،إنك لتصل الرحم، وتحمل الكلَّ، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق.

فكم حرمنا أنفسنا من أبواب الخير العظيمة يوم انكفأنا على ذواتنا، ولم نلتفت إلى المنكوبين والمحتاجين والمعسرين، أنك لا تكاد تجد حياً من أحيائنا يخلو من معسر بنار الديون يتلفع، أو مكروب بسيط المدلهمات يتوجع، أومن مصاب بلهيب الأسقام يتروع      

ومع هذا قليل هم أولئك الذين أسعدهم الله –تعالى- بقضاء حاجات العباد، وإغاثة ملهوفهم، والإحسان إلى ضعيفهم.

فما أغلاها من فرصة، وما أعلاها من درجة، وما أسعده من اصطفاه الله لمنفعة الناس ببشارة نبيه محمد  :يوم قال ((من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا، نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ماكان العبد في عون أخيه..))3 وما أهنأهم من بين أهل المواقف، وما أربح سعيهم في ذلك اليوم ! قال رسول الله  : ” من سره أن يظله الله في ظل يوم لا ظل إلا ظله، فلييسر على معسر، أو ليضع عنه “4 . وما أروع الحسن البصري رحمه الله، يوم أن قال: ” لأن أقضي حاجة لأخي أحب إلي من عبادة سنة “.

  ولم أر كالمعروف أما مذاقه فحلو وأما وجــهه فـجـميل 

وقال جعفر الصادق -رحمه الله-:” إن الله خلق خلقاً من رحمته برحمته، وهم الذين يقضون حوائج الناس، فمن استطاع منكم أن يكون منهم فليكن”.

 

أخي المسلم : لقد كان الصالحون من هذه الأمة، إذا وجدوا فرصة لنفع الخلق، وإغاثة ملهوفهم، فرحوا لذلك فرحاً شديداً، وعدوا ذلك من أفضل أيامهم فلله درهم! كم شيدوا من المكارم؟ وكم بذلوا من معروف؟.

 كان سفيان الثوري -رحمه الله- ينشرح إذا رأى سائلاً على بابه ! ويقول: “مرحباً بمن جاء يغسل ذنوبي” . وكان الفضيل بن عياض – رحمه الله – يقول:” نعم السائلون، يحملون أزوادنا إلى الآخرة، بغير أجرة حتى يضعوها في الميزان ”  

وكم في مجتمعنا من أولئك المحتاجين الذين لا يسألون الناس، ولا يمدون أيديهم عفةوحياءً؟.

فحري بأمثال هؤلاء أن يتفقدهم الناس ويكفونهم ذاك السؤال، وما أحسن ما قاله معمر -رحمه الله – : ” من أقبح المعروف أن تحوج السائل إلى أن يسأل وهو خجل منك، فلا يجئ معروفك قدر ما قاسى من الحياء، وكان الأولى أن تتفقد حال أخيك وترسل إليه ما يحتاج، ولا تحوجه إلى السؤال”.

فما أجدر سكان الحي الواحد، أن يعملوا بمبدأ التكافل والتعاطف بينهم، فيجعلوا للمعسرين والمحتاجين في حيهم حيزاً من تفكيرهم، ومكانا في اهتماماتهم.

بحيث يكون هناك سعي حثيث، وتفكير جاد مصحوباً بخطوات عملية، من أرباب ذلك الحي وكبار الوجهاء والعقلاء فيه، بالتنسيق مع إمام المسجد؛ للخروج بحلول كفيلة بأن تعيد البسمة إلى شفاه هولاء المحرومين، وترفرف البهجة في نفوس أولئك المكلومين.

على ألا ننسى أن أكثر المساعدات المقدمة عادة لهذا الصنف تمتاز بالأتي:

1- أنها موسمية تأتي غالباً في مناسبات دينية ( أعياد، إفطار صائم … .

2- كونها محددة كماً وكيفاً مما لا يجعلها تفيء بالحاجة وتودي الغرض.

3- حصر المساعدات غالباً في الجانب العيني،والأسر عادة قد يتعدد احتياجاتها، وتكون المادة الشرائية هي الأحوج في ظل ظرف راهن

4- أن القطاعات الخيرية لا تتواجد في كل الأحياء، مما يجعل هذه الأسر في منأى عن المساعدة رغم الحاجة إليها.

أيها الداعية: إن الإحاطة بمثل هذه الأمور يجعل المهمة أكثر وضوحاً، و أخصر طريقاً ليعرف القائمين على هذا المشروع الخيري الواجبات المناطة بهم، تجاه هؤلاء المعوزين والمعدومين من القاطنين في نفس الحي.

وحتى تكون العملية أسهل في الأداء، وأبهر في النتائج، نحتاج أن نسير وفق آلية محددة نضمن بها نجاح هذا المشروع المبارك واليك الطرق:

أولاً: تسمية المشروع

 بـ” إغاثة الملهوف” 

شعار المشروع:

” أغنوهم عن ذل السؤال”

أو “الأقربين أولى بالمعروف”

ثانياً: مميزات المشروع:

1- الدعم بنوعيه المادي والعيني.

2- الكفالة الدائمة طوال العام ما دام المشروع قائماً.

3-  محاولة إيجاد الحلول الجذرية لكفايتهم عن طريق السعي في إتاحة فرص العمل المناسبة التي تدر عليهم  من الأموال ما يكفيهم ويغنيهم

4- خصهم في المناسبات بمزيد عناية  

ثالثاً :الذين يشملهم المشروع:

محدودي الدخل ممن لا يجدون الكفاية مما يتقاضونه.

أصحاب العاهات المكلفة مادياً (لإجراء عملية، للسفر للخارج)

المعسرين والمكروبين جراء حادث أو مشكلة أثقلت كاهلهم وعجزوا عن الوفاء.

المعوزين والمعدمين عن الكسب لعجز قام بهم .

العاجزين عن الزواج وإعفاف أنفسهم

رابعاً:جهات الدعم -الموارد المالية للمشروع -:  

يمكن أن تتم عن طريق:

 –  السعي في شد الموسرين من أهل الحي وإقناعهم بالفكرة وذلك من خلال:

  ·      إشعارهم بالجسد الواحد.

· عرض الحالة المادية الصعبة لهذه الأسر.

· تذكيرهم بحقوقهم تجاه جيرانهم من إخوانهم في الملة.

· إتاحة المشاركة للفرد حسب طاقته وإمكانيته{لا يكلف الله نفساً إلا وسعها}.

–  الاستفادة من الجهات الخيرية التي تمول مثل هذه المشاريع  في البلد سواء كانت حكومية أو أهلية.

– استغلال منبر الجمعة لحث الناس ودفعها للمشاركة بالدعم لهذا المشروع.

– بعث الخطابات للمتيسرين والتجار للمشاركة بأموالهم وما جادت به نفوسهم.

نموذج استبانة:

للذين يشملهم المسح في المشروع:

 مشروع إغاثة الملهوف            الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه

اسم الاسرة

تاريخ التقييد

عدد الافراد

سبب المساعدة

نوعهــا

التكلفة

المدة

عينية

مالية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تذكر دائماً:

*أن الإخلاص في العمل وابتغاء وجه الله هو ركيزة أساسية للتوفيق والقبول

*لابد من إيجاد داعم ثابت لهذا المشروع مهما كلف الأمر ليواصل عطاؤه

*يحبذ تشكيل لجنة لمتابعة المشروع والسعي في إنجاحه

*يفضل تخصيص مكتب للمشروع ليظل التواصل عن قرب وبسلسة وسهولة

يا من انبريت لهذه المهمة:

تذكر كم من نفس أخرجتها من محنة في جوف الليالي تدعو لك

تذكر كم من لسان ممتن يوم القيامة يكون شاهدا لك

تذكر كم من ثكلى وكلمى وضعيفة أجرها في ميزان حسناتك

أيها الساعي:

آلا فسر على بركة الرب واعقد العزم، وأعلم أن ما تبذره اليوم سيبقى جاري لك، ولو ووريت لحدك، وطرحت في رمسك، وسيثقل الله به ميزانك، دون أن تجهد نفسك ومتى صلحت النيات، فلن يضيع الله سعيك ولن يخيب الباري رجاءك.

نسأل الله التوفيق والسداد


1 -رواه الطبرني في المعجم الأوسط برقم (6026) وقال الألباني في ترغيبه صحيح

2  رواه البخاري برقم (3) ومسلم برقم (231)

3 – رواه مسلم برقم ( 4867)

4 –   رواه الطبراني في الكبيربرقم (899) وصححه الألباني في الترغيب .