الخـــط
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على رسول الله،وعلى آله وصحبه..
أمَّا بعدُ:
يُعتبر الخطُّ أحدَ المهارات التي عُرفت منذ القدم،ولكنها تطورت بتطور الزمن، وقد وجد في اللغة العربية عدة خطوط تجعل الكتابة ذات جمال وبهاء فمنها:
الثّلثُ
يعتبر خط الثلث هو أستاذ الخطوط وعملاقها وسيدها، ونظرًا لأن أشكال حروفه كثيرة ومتنوعة وتمتاز بالمرونة والطواعية، فيمكن كتابة الجملة الواحدة بعدة أشكال وعدة تكوينات، يختلف بعضها عن بعض كما يلي:
1 – كتابة البسملة بالطريقة البسيطة التي تأتي كلماتها متتابعة على سطر واحد، مع الالتزام بقواعد ونسب الحروف،وارتباط نهاية كل كلمة مع بداية التي تليها قدر الإمكان؛ فنحصل على الشكل الأول للبسملة.
2 – لو تأملنا حروف البسملة،وبنظرة متأنية للشكل الأول نبدأ في التفكير في عمل تركيب بسيط لها،وباستخدام صفة الامتداد لحرف السين واستخدامها كقاعدة تحمل باقي كلمات البسملة مع تداخلها بعض الشيء لتكوين كتلة جميلة فوق “بسم”، فنحصل على الشكل الثاني.
مع ملاحظة أنه يمكن كتابة أشكال عديدة للبسملة بخط الثلث.
البسملةُ بخطِّ المحققِ
خط المحقق يتميز بإرسال حروفه،وعدم طمس عيونه،وقلة تقوساته،وسهولة قراءته، وترجع تسميته بهذا الاسم لتحقق أجزائه وحروفه، وإعطاء كل حرف ما له من إشباع وإرسال،وهو خط جميل السطور،حبيب إلى النظر، يبهج النفس، وهو من الخطوط التي لا يتداخل بعضها في بعض؛ نظراً لإرسالاتها الكثيرة،ويشبه خط الثلث،لكنْ بينهما فروقٌ كثيرة.
الإجازة
خط الإجازة هو خط مزيج بين خطي الثلث والنسخ،فغالبًا ما يبدأ بالنسخ وينتهي بالثلث، وهو يجمع بين صفات ومميزات الخطين، فحروفه تمتاز بالمرونة التامة والحليات الشعرية، وكتابته تلزم التداخل المتعانق بين نهاية الكلمة وبداية التي تليها، وكذلك ترابط ألف لفظ الجلالة واللام الأولى، فاللوحة كلها أصبحت جميلة بدون تصريف كبير من الخطاط؛ لأن نوع الخط وطريقته يؤدي إلى هذا الشكل الجميل.
النُّسخ
نظراً لأن هناك تلازمًا شديدًا بين خطي الثلث والنسخ؛ لوجود تشابه بين حروفهما من حيث المرونة والجمال ودوران الكاسات والقابلية للامتداد، كما أنهما يشتركان في تشكيل الحروف بالحركات؛ لذلك سنكتب البسملة مرة بخط الثلث ومرة بخط النسخ، وبنفس الخطوات وبنفس التفكير، ثم نرى النتيجة.
مع مراعاة الآتي:
– المحافظة على لفظ الجلالة في قمة اللوحة،دلالة على الشموخ والتفرد،ومحمولة ومتناغمة على القاعدة الممتدة من السين في “بسم”، والتي تقسم اللوحة إلى جزأين، الأسفل منها يحتوي على تكوين متماسك يعبِّر فنيًّا عن الرحمة والرحمانية.
– ثم تحديد الشكل بالإطار الزخرفي الذي يتناسب مع دوران الحروف واستقامتها.
– المحافظة على المعنى وسهولة القراءة، مع عدم الخروج عن النسب الفاضلة للحروف وتجويدها.
الديواني
الخط الديواني هو خط التمايل والتراقص والتناغم؛ لأنه أكثر الأنواع طواعية للتركيب بسبب المرونة الشديدة في حروفه، وشدة استدارتها، وسهولة تطويرها، كما أنَّ حرف الألف له مميزات كثيرة من حيث اتصاله باللام وتكوين شكل حلزوني جميل، كما أن الألف واللام يمكن اتصالهما بكثير من الحروف لتكوين أشكال عديدة.
وبالجملة، فإنه يمكن للخطاط البارع تكوين أي شكل بالخط الديواني، والبسملات المكتوبة هنا تدل على هذا المفهوم.
الفارسي
يمتاز الخط الفارسي بضآلة خطوط القائمة، وامتلاء مدَّاته الأفقية وشدة مرونته واستدارته،كما أن أجمل ما يُميِّزه هو انتقال حروفه من الضآلة إلى الثخانة، وهو ما يكسبه شكلاً رقيقاً جميلاً، كما أن الخطاط الماهر يستطيع أن يكوِّن به أشكالاً جميلة عديدة.
البسملة بخط الرقعة
يمتاز خط الرقعة بالمميزات الآتية:
– يكتب بسرعة، وسمكه كبير بالنسبة لطوله؛ إذ إن طول الألف ثلاث نقاط، وهو من الخطوط السهلة المعتادة التي يكتب بها في معظم الدول العربية.
– سنونه قصيرة جدًّا، ونقاطه متصلة، وتنوع أشكال حروفه قليل.
– أغلب رؤوس حروفه مطموسة، ما عدا الفاء والقاف الوسطية.
– حروفه ليست ليِّنة مرنة، كما في باقي أنواع الخطوط؛ لذلك يكون التركيب في عمل اللوحات به قليلاً إذا ما قورن بالخطوط الأخرى.
– لا يهتم بتشكيله إلا في الحدود الضيقة باستثناء الآيات القرآنية.
الكوفي
نشأ الخط الكوفي مع بداية الإسلام، وكتبت به المصاحف، وهو ما أدى إلى استقراره لقرون عديدة، وكذلك اهتمام المسلمين به من حيث تطويره وإدخال التحسينات عليه، وسُمِّي بهذا الاسم لانتشاره في بلاد الكوفة.
ومميزات الخط الكوفي عديدة جدًّا؛ بسبب ما أدخل عليه من إضافات وتعديلات على مرِّ العصور، فنجد الخط الكوفي المملوكي، والأيوبي، والفاطمي… إلخ.
وبصفة عامة يمكن تقسيم الخط الكوفي إلى نوعين رئيسين: الخط الكوفي القديم، والخط الكوفي الهندسي.
وتكتب البسملة بنوعين من الخط الحديث، ونوع من الخط الكوفي وهو الهندسي.
البسملة بالخط الكوفي المعماري: وهو يتميز بتشابك رؤوس الألِفات واللامات العلوية، وتكوّن أشكالاً معمارية، كما هو واضح.
البسملة بالخط الكوفي المزهر: وفيه ترسم أرضية نباتية في الفراغات البينية للحروف أو للأرضية كلها، ثم تسقط عليها الكتابة.
الكوفي الهندسي
تكتب به البسملة على أرضية مقسمة إلى مربعات، بحيث يتساوى سمك الكتابة، وكذلك تتساوى الفراغات البينية بين الحروف، ثم بعد ذلك تأخذ الكتابة شكلاً هندسياً آخر، وهو هنا على شكل دائرة.
وبهذا نكون قد استعرضنا أنواع الخطوط المختلفة من خلال البسملة، وطرق كتابتها المختلفة.1
1– نقلاً -بتصرف- عن موقع إسلام أون لاين، لمنى شمس، من مصر.