الغنائم أيها النائم

الغنائم أيها النائم

الحمد لله رب العالمين، نحمده تعالى، ونستعينه، ونستغفره، ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، والصلاة والسلام على سيد الأولين، والآخرين وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

أما بعد:

لماذا لا نعقد صفقة؛ لنربح من خلالها الشيء الكثير، وليعود ريع وعوائد هذه الصفقة علينا أولاً؟

إن أي إنسان يحب أن يربح، وأن يزيد ربحه، وخاصة إذا كان الجهد قليل، ورأس المال قليل أيضاً، والأرباح كبيرة جداً إنه ما من شك أنه سيكون حريصاً أشد الحرص على خوض مثل هذه  الصفقات الرابحة، ولن يألو جهدا في  الاهتمام بهذه الصفقة الرابحة، وفي سبيل الحصول على ذلك الكسب من تلك الموارد، وخاصة إذا كانت بهذه المواصفات (جهد قليل، رأس مال قليل، عوائد وأرباح كبيرة).

إنه مما لا شك فيه إن الجميع دون استثناء يريد الخوض في هذه الصفقة، ولعلنا في هذه العجالة نعرض على ماهية هذه الصفقة.

قد يعتقد البعض أن هذه الصفقة صفقة تجارية بحتة، أجل إنها كذلك، لكن يختلف العملاء فيها، فهي تجارة مع الله -تبارك وتعالى-.

إن الله -عز وجل- جعل للمسلمين الفرص، التي يترتب عليها الأجور الكبيرة، والتي وللأسف الشديد غفل الكثير من أبناء المسلمين اليوم عنها، أو تغافل عنها، وابتعد عن القيام بها، ومن هذه الغنائم:

1.  قيام الليل: وهذه الشعيرة هي الشرف الحقيقي للمؤمن، فعن سهل بن سعد -رضي الله عنه- قال: (( جاء جبريل -عليه السلام- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من أحببت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، ثم قال: يا محمد شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس))(1)، وقيام الليل أفضل الصلوات بعد الفريضة، فعن حميد بن عبد الرحمن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((أفضل الصلاة بعد الفريضة قيام الليل … الحديث)) (2)، وهو الدأب الذي دأب عليه الصالحون، فعن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه-: عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم و هو قربة لكم إلى ربكم و مكفر للسيئات و منهاة عن الإثم)) (3)، وبه يكتب العبد من الذاكرين الله كثيرا، فعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة -رضي الله عنهما- قالا: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (( من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته، فصلَّيا ركعتين جميعاً؛ كُتِبا من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات)) (4)، بقيام الليل يشكر ينهج العبد منهج المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في شكره لربه -عز وجل- فعن المغيرة -رضي الله عنه- قال: (( إن كان النبي -صلى الله عليه وسلم- ليقوم ليصلي حتى ترم قدماه أو ساقاه، فيقال له، فيقول: أفلا أكون عبدا شكورا )) (5).

2.  صلاة الفجر: حيث نرى اليوم الكثير من المسلمين ( إلا من رحم الله -عز وجل-) يقعد عن هذه الصلاة، ولا يصليها، وأحسنهم حالاً من يصلها بعد فوات وقتها أي بعد طلوع الشمس، وقد ورد ي فضل صلاة الفجر في جماعة نصوص منها:

أن الله -عز وجل- وقت الصبح في كتابه، فأقسم به سبحانه في كتابه، وإذا أقسم العظيم بأمر فاعلم أن هذا الأمر مُعظم، قال تعالى: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}(6)، ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  يقول: (( تفضل صلاة الجميع صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا وتجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار في صلاة الفجر، ثم يقول أبو هريرة فاقرؤوا إن شئتم {إن قرآن الفجر كان مشهودا}))(7)، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا)) (8)،المسند المستخرج على صحيح الإمام مسلم (1467)، وصحيح الترغيب والترهيب (1/101)، وقال: صحيح لغيره عن أنس بن سيرين قال: سمعت جندب بن عبد الله -رضي الله عنه- يقول: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (( من صلى الصبح في جماعة فهو في ذمة الله، فلا يطلبنك الله بذمته من شيء فإنه من أخفر الله في ذمته كبه الله على وجهه في النار )) (9)، فمن خلال ظاهر الحديث أن هناك ذمتان: ذمة الله لمن -صلى الله عليه وسلم- الفجر في جماعة، وذمة غير الله لمن لم يصل في جماعة، فاختر أي الذمتين تريد، أما الذي لا يصلي فهذا قد أساء الأدب مع الله -عز وجل-.  


1 المستدرك (7921)، وصحيح الترغيب والترهيب (1/152)، وقال حسن لغيره.

2 سنن النسائي (1614)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن النسائي (4/258).

3 المستدرك (1156)، وصحيح الترغيب والترهيب (1/151)، وقال: حسن لغيره.

4 صحيح أبي داود (1305)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود (1/2).

5 صحيح البخاري (1078).

6 سورة الفجر(1-2).

7 صحيح البخاري (621).

8 صحيح البخاري (615)صحيح مسلم (1009).

9 صحيح مسلم (1525).