المسبوق إماماً فيما فات

المسبوق إماماً فيما فات

 

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:

معلوم أن المأموم دخل في الصلاة مع الإمام بنية أنه مأموم فإذا ما قام المأموم ليتم صلاته. فهل يصح أن يقتدي به آخر؟

المالكية1 فلا يجيزون إمامة المسبوق ودليلهم هو إن المسبوق مأموم فلا يكون إماما وهذا وجه ضعيف لتعليل المنع .

فنقول وبالله التوفيق:

أولاً: لا نسلم بان المسبوق مأموم بل هو منفرد فيما يقضي إلا ترى انه يسجد للسهو إذا سهى بعد صلاة الإمام ولا يتحمل الإمام سهوه في هذه الحالة ولا يترك الفاتحة لانه مأموم بل لابد له من قراءة الفاتحة فيما بقى من صلاته.

ثانياً: القول بان المأموم لايكون إماما غير مسلم به فاستخلاف الإمام للمأموم إذا طرأ عليه عارض أمر مشهور غير منكر فعله النبي صلى الله عليه وسلم فالمستخلف تحول من حالة الائتمام إلى الإمام ولاباس في ذلك

ثالثا المالكية أصحاب المنع بإمامة المسبوق يجيزون الاقتداء بالمسبوق إذا أدرك اقل من ركعة مما يضعف مذهبهم بالتفريق بين من أدرك الركعة وما دون الركعة  لو دخل اثنان مسبوقان ، فقال أحدُهما للآخر : إذا سلَّم الإمامُ فأنا إمامُك ؛ فقال : لا بأس ، فلما سلَّمَ الإمامُ صار أحد الاثنين إماماً للآخر ، فقد انتقل هذا الشَّخص من ائتمام إلى إمامة ، وانتقل الثَّاني من إمامة شخص إلى إمامة شخص آخر.

وسئل فضيلة الشيخ العلامة: محمد بن صالح العثيمين رحمه الله عن هذه المسألة فأجاب: هذا الفعل ليس مطلوباً، وليس مشروعاً أنك تأتي وتجد إنساناً يقضي ما فاته من الصلاة فتدخل معه على أنك مأموم وهو إمام، هذا غير مشروع، وقد اختلف العلماء في جوازه فمنهم من قال: إنه جائز، ومنهم من قال: إنه غير جائز، ولكن الصحيح أنه جائز، ولكن لا ينبغي؛ لأنه إذا دخل مع هذا المأموم فإنه إن نوى المأموم أنه إمام له صحت صلاته، صلاة المسبوق وصلاة الذي دخل أخيراً، وإن لم ينو أنه الإمام فالمشهور من مذهب الإمام أحمد أن صلاة الداخل غير صحيحة؛ لأنه نوى الائتمام بمن لم ينو الإمامة فتبطل صلاته، وعلى هذا تلزمه الإعادة.2

وسئل فضيلة العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله3 : دخل رجل المسجد بعد تسليم الإمام والمصلين ، ولكنه وجد مسبوقا يتم صلاته ، فوقف بجانبه ليجعل المسبوق إماما له لينال ثواب الجماعة ، فهل يجوز له ذلك أم لا ، وهل الصلاة التي أداها هذا الرجل مع المسبوق صحيحة ؟ . فأجاب:

الحمد لله

" إذا دخل المسبوق المسجد وقد صلى الناس ووجد مسبوقاً يصلي ، شُرِعَ له أن يصلي معه ويكون عن يمين المسبوق حرصاً على فضل الجماعة ، وينوي المسبوق الإمامة ولا حرج في ذلك في أصح قولي العلماء ، وهكذا لو وجد إنساناً يصلي وحده بعد ما سلم الإمام شُرِعَ له أن يصلي معه ، ويكون عن يمينه تحصيلاً لفضل الجماعة ، وإذا سلم المسبوق أو الذي يصلي وحده قام هذا الداخل فكمل ما عليه ؛ لعموم الأدلة الدالة على فضل الجماعة ، ولما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما رأى رجلاً دخل المسجد بعد انتهاء الصلاة قال : " ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه " 4 .


1 حاشية الدسوقي على الشرح الكبير – (ج 3 / ص 232).

2 لقاء الباب المفتوح – (ج 18 / ص 17).

3 – مجموع الفتاوى (12/148) ط دار القاسم.

4 – سنن أبى داود – (ج 1 / ص 224) رقم: 574