شكل المسجد

شكل المسجد

 

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم، أما بعد:

"لقد رتب الله -سبحانه وتعالى- فضلاً عظيماً لمن بنى المسجد أو شارك فيه، فقال -تعالى-:      {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ} (18) سورة التوبة. فقوله تعالى: {إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله}، دال على العمارة بالبناء، كما دل على العمارة بالعبادة؛ لأن باني المسجد يتقرب إلى الله تعالى ببنائه، فهو يعمر المسجد طاعة لله -سبحانه وتعالى-1.

ولقد أخذت المساجد في عصرنا الحاضر تنظيماً معمارياً مغايراً لما كانت عليه المساجد في القرون الأولى للمسلمين، فشكل المسجد يختلف هندسياً عن ذي قبل، ولم تكن في مساجد الأولين نافورات، ولا كان حولها حدائق، ولم يكن بها أدوات كهربية، ولم تك تفرش بكاملها، ولا تبلط أرضيتها، ولا جدرانها بالرخام، فذلك غير معهود كما هو الآن.

إن تهيئة المسجد وتنظيمه للمصلين من مكملات بنائه ليكون جاهزاً للانتفاع به،ولقد اختلفت المساجد من حيث الشكل الداخلي والخارجي، فبعض المساجد على هيئة مثلث، وبعضها على هيئة دائرة، وبعضها على هيئة قبة، وبعضها مختلف الأضلاع ومتعدده2 .

 والأفضل أن يكون جدار القبلة مستقيماً، فلا يكون متعرجاً، ولا تكون زاوية المسجد في القبلة، لأن بعض العلماء كره الصلاة في مسجد تختلف فيه الصفوف ولا تتساوى فيه بسبب القبلة -هذا من الداخل- أما من الخارج فلا تأثير لشكله على القبلة، غير أنه ينبغي أن يتضح محرابه لتعلم جهة القبلة، وأن يكون جداره الموازي لجهة القبلة مستقيماً من الخارج، وهكذا الجدار الذي خلفه؛ ليتمكن الناس من الاعتدال في الصفوف إلى جهة القبلة بغير عوج. ولقد كانت مساجد المسلمين السابقين واضحة المعالم، -مربعة أو مستطيلة غالباً- بسيطة الشكل، لا تكلف فيها، فينبغي لمن وفقه الله لبناء بيت لله تعالى بعد أن يخلص لله في تقربه إلى الله بهذا العمل ألا يتكلف؛ ففي عدم التكلف اقتداء بالأخيار من سلف الأمة والصالحين"3.

نسأل الله أن يوفق الجميع إلى مرضاته.

والحمد لله رب العالمين.

 


1 أحكام المساجد في الشريعة الإسلامية – (ج 1 / ص 32).

2 انظر : شرح الدسوقي على الشرح الكبير ( 1 / 255 ) .أحكام المساجد في الشريعة الإسلامية – (ج 1 / ص 99)

3 أحكام المساجد في الشريعة الإسلامية – (ج 1 / ص 98).(بتصرف)