من بدع الأذان التمطيط والتغني

من بدع الأذان التمطيط والتغني

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله. أما بعد:

أخي الكريم: إن الزيادة أو النقص في أي عبادة من العبادات لا يزيدها إلا غرابة وتشويهاً وخروجاً عما هي عليه في الأصل، فالأذان عبادة  لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة، فكلماته واضحة، وعددها معلوم، فالتمطيط والتغني الذي ابتلينا به في هذه الأزمنة يخرج الأذان عن مشروعيته. فالتمطيط الزائد هو من البدع التي أحدثت في الأذان، فقد قال: الشيخ على محفوظ في كتابه "الإبداع في مضار الابتداع": "ومن البدع المكروهة تحريماً التلحين وهو التطريب أي التغني به بحيث يؤدي إلى تغيير كلمات الأذان، وكيفياتها، بالحركات، والسكنات، ونقص بعض حروفها، أو زيادة فيها محافظة على توقيع الألحان، فهذا لا يحل إجماعاً في الأذان كما لا يحل في قراءة القرآن ولا يحل أيضاً سماعة؛ لأن فيه تشبهاً بفعل الفسقة في حال فسقهم، فإنهم يترنمون،  وخروجاً من المعروف شرعاً في الأذان والقرآن"(1).

فالتغني والترنم في الأذان بالطريقة المعروفة في زماننا هذا لا يقرها الشرع ،لأنه عبادة يقصد منها الخشوع لله-تعالى-، وهناك اختلاف بين المذاهب فيها:

قال الشافعية :التغني: هو الانتقال من نغم إلى نغم آخر، والسنة أن يستمر المؤذن في أذانه على نغم واحد. 

وقال الحنابلة :التغني هو الإطراب بالأذان، وهو مكروه عندهم.

وقال الحنفية: التغني بالأذان حسن، إلا إذا أدى إلى تغيير الكلمات بزيادة حركة أو حرف، فإنه يحرم فعله ولا يحل سماعه.

وقال المالكية: يكره التطريب في الأذان لمنافاته الخشوع ،إلا إذا تفاحش عرفًا ،فإنه يحرم(2).

إن بعض المؤذنين يبالغون في تمطيط أصواتهم بالأذان مبالغةً ممقوتةً ممجوجةً، فإذا قال مثلاً: "لا إله" مده مداً طويلاً قد يزيد على عشر حركات أو اثنتي عشرة حركه أو أكثر، وكذلك قوله: (الله) (حي على الصلاة) (حي على الفلاح) يمدونه مداً زائداً شديداً يخرج بالأذان عن شرعيته وحكمته، وهذا لا أعتقد أنه يكون أذاناً مشروعاً صحيحاً؛ لأن الإنسان إذا مد مداً مبالغاً فيه خرج اللفظ عن اعتباره اللغوي ووضعه اللغوي.

وبعض الناس يمدون الأذان مداً في غير محله، فمثلاً بعضهم يمدون بعد الهمزة يضعون ألفاً (آلله) فيقول: (آلله أكبر) مثلاً، وهذا لا يجوز؛ لأنه هنا كأنه أوجد عدة همزات، وكأنه صار استفهاماً، كما في قوله تعالى: (آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ)النمل:59 فبدلاً من أن يكون خبراً أصبح استفهاماً، وهذا ولا شك أنه لحن يحيل المعنى، ولا يجوز.

وبعضهم يمدون الباء في قوله"أكبر" فيقول: أكبار! وهذا أيضاً لا يجوز، وقد ذكر أهل العلم أن هذا اللحن يحيل المعنى، وأن (أكبار) هذا له معنى آخر لا يليق ذكره بهذه المناسبة، ولا يليق أن يلحن الإنسان هذا اللحن الملبس، الذي فيه سوء أدب.

ومن أخطائهم: أن بعضهم إذا نطق باسم الرسول-صلى الله عليه وسلم-يضع مداً في غير محله، إما يضع واواً بعد الميم فيقول مثلاً: "موحمداً " أو يمد الحاء بعضهم فيقول "محامدا " فيضع بعد الحاء ألفاً وهذا كله كما سبق، يعتبر لحناً ومداً في غير محله، ومثله المد بعد الحاء في قوله: "حي" فبعضهم يضع بعد الحاء ألفا "حايّ " وكذلك في (اشهد) قد يضع بعد الدال واواً يشبع الضمه حتى يتولد منها واو فيقول " أشهدو أن "، ومثله أن بعضهم يشبع الكسرة في (إله)، فيتولد منها ياء، فيقول "لا إيله إلا الله "، وكل هذه ناتجة عن الجهل، والعجمة، وعدم التعلم، وإن بعضهم قد يبالغ في تمطيط الأذان وتحسينه بصورة غير مشروعة.

وبعضهم يبدل حرفاً بآخر، ومن هذه الأشياء أن بعض الناس يقول: (وكبر)(الله وكبر)، ولا شك أن هذا لحن ومحيل للمعنى أيضاً، فإن المعنى الصحيح (الله أكبر) وأكبر أفعل تفضيل مبدوء بالهمزة فبعضهم يبدلون الهمزة واواً فيقولون: "الله وكبر"، وكذلك بعضهم يبدلون الحاء هاء في قوله " حي " فيقول " هي " وبعضهم يبدلون العين، أو يحذفون العين فبدل من أن يقول: "حي على الصلاة" تسمع بعض المؤذنين وخاصة من العوام يقولون: "حي لها الصلاة " وهو معبر عنها بمعنى عندهم، ولكن اللفظ الوارد عن الرسول-عليه الصلاة والسلام-هو بعلى "حي على الصلاة " وبعضهم قد يبدلون الهاء حاء فيقولون: "حي على الصلاح " وهم لا يشعرون بذلك؛ فهذه كلها وأمثالها كثير من الأخطاء التي يقع فيها بعض المؤذنين إما من العامة، وإما ممن أسلفت ممن يبالغون في تمطيط أصواتهم بالأذان وتحسينه بصورة ليست مشروعة.و من ذلك أن بعض المؤذنين يبالغون في تمطيط أصواتهم بالأذان مبالغةً ممقوتةً ممجوجةً، فإذا قال مثلاً: "لا إله" مده مداً طويلاً قد يزيد على عشر حركات أو اثنتي عشرة حركه أو أكثر، وكذلك قوله: (الله) (حي على الصلاة) (حي على الفلاح) يمدونه مداً زائداً شديداً يخرج بالأذان عن شرعيته وحكمته، وهذا لا أعتقد أنه يكون أذاناً مشروعاً صحيحاً؛ لأن الإنسان إذا مد مداً مبالغاً فيه خرج اللفظ عن اعتباره اللغوي ووضعه اللغوي(3).

فالالتزام بما ورد عن النبي-صلى الله عليه وسلم-من دون زيادة ولا نقصان هو من الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، فعلى المؤذن أن يتقيد بألفاظ الأذان فلا يزيد فيها ولا ينقص، وعليه أن يتعلم نطقها نطقاً صحيحاً، فيبتعد عن التمطيط والتغني المخل بكلمات الأذان، فيفقده شرعيته. وحكمته التي من أجلها شرع.

والله الموفق،

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين،

والحمد لله رب العالمين،،،


1 – راجع: الإبداع في مضار الابتداع.(160).

2 – راجع: كتاب الفقه على المذاهب الأربعة.

3 – نقلاً من محاضرة للشيخ سلمان العودة بعنوان" سلوكيات خاطئة في الأذان".