وقوف المرأة في صف الرجال

وقوف المرأة في صف الرجال

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان .. أما بعد:

من المسائل التي تكلم فيها العلماء – رحمهم الله – مسألة وقوف المرأة في صف الرجال، ما حكم ذلك؟ وهل تبطل صلاتها؟ أو صلاة من يجاورها من الرجال؟

للعلماء في ذلك قولان

أن صلاة من بجانبها صحيحة .. وقيل تبطل صلاة من بجانبها، ومن خلفها مباشرة.

وسننقل كلام ابن تيمية – رحمه الله – في هذه المسألة يقول: “وقوف المرأة خلف صف الرجال سنة مأمور بها، ولو وقفت في صف الرجال لكان ذلك مكروهاً، وهل تبطل صلاة من يحاذيها؟ فيه قولان للعلماء في مذهب أحمد وغيره:

أحدهما: تبطل كقول أبي حنيفة، وهو اختيار أبي بكر، وأبي حفص من أصحاب أحمد.

والثاني: لا تبطل كقول مالك والشافعي، وهو قول ابن حامد والقاضي وغيرهما، مع تنازعهم في الرجل الواقف معها: هل يكون فذاً أم لا؟ والمنصوص عن أحمد بطلان صلاة من يليها في الموقف”1.

أدلة القولين:

أدلة من قال أن وقوفها في الصف لا يُبطل صلاة أحد لا بجانبها، ولا خلفها: عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: “كنت أنام بين يدي رسول الله  ورجلاي في قبلته، فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي، فإذا قام بسطتهما، قالت: والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح” متفق عليه، قالوا: فصلاة عائشة معترضة بين يديه فيه دليل على أن المرأة لا تبطل صلاة الرجل.

ومن أدلتهم: عن ميمونة – رضي الله عنها – قالت: (كان النبي  يصلي وأنا إلى جنبه نائمة، فإذا سجد أصابني ثوبُه وأنا حائض) متفق عليه، قالوا: فالنبي  صلى وبجنبه ميمونة، فلو كانت المرأة تبطل صلاة الرجل لابتعد عنها.

وأما دليل من قال بأن وقوفها في صف الرجال يبطل صلاة الذي عن يمينها ويسارها وخلفها فما روي عن النبي  أنه قال: أخروهن من حيث أخرهن الله2 ، قالوا: الأمر بتأخيرهن وجوباً، فلما ترك الرجل هذا الواجب فسدت صلاته، وقد علل السرخسي في كتابه (المبسوط) بطلان صلاة من بجانبها: (بأن حال الصلاة حال المناجاة، فلا ينبغي أن يخطر بباله شيء من معاني الشهوة، ومحاذاة المرأة إياه لا تنفك عن ذلك عادة، فصار الأمر بتأخيرها من فرائض صلاته، فإذا ترك تفسد صلاته، وإنما لا تفسد صلاتها؛ لأن الخطاب بالتأخير للرجل، وهو يمكنه أن يؤخرها من غير أن يتأخر؛ بأن يتقدم عليها)3

هذا، والحمد لله رب العالمين.


1– الفتاوى الكبرى (2/325).

2– حديث ضعيف لا يصح عن النبي  رواه عبد الرزاق موقوفاً عن ابن مسعود، ولم يصح مرفوعاً، قال الألباني في السلسلة الضعيفة (918): (لا أصل له مرفوعاً).

3– المبسوط (1/183).