هل العبرة بالأذان أم غروب الشمس؟

هل العبرة بالأذان أم غروب الشمس؟

 

الحمد لله وصلى الله على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وسلم تسليماً كثيراً. أما بعد:

فكثيراً ما يتساءل الصائمون عن وقت إفطارهم هل هو غروب الشمس أم أذان المغرب؟ فإن كان غروب الشمس فلم التوقيت بأذان المغرب، ومثار هذا التساؤل: أن معظم الناس اليوم صاروا يتحرون الأذان، والسبب في تساؤلهم أنهم لا يعرفون ما دليل التوقف على الأذان، وما سر هذا الاجتهاد في ذلك!.

والأمر يسير إن شاء الله تعالى، فالشارع الحكيم قد قدر انتهاء الصيام بدخول الليل، ويكون ذلك بغروب الشمس، فإذا غربت الشمس دخل الليل، وأيد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ورد في حديث  عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ أَبِيهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إِذَا أَقْبَلَ اللَّيْلُ مِنْ هَا هُنَا، وَأَدْبَرَ النَّهَارُ مِنْ هَا هُنَا، وَغَرَبَتْ الشَّمْسُ، فَقَدْ أَفْطَرَ الصَّائِمُ)1.

وإذا تحقق للصائم غروب الشمس وإقبال الليل فقد حل له الفطر، كما قال تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} إذا علم هذا تبين أنه لا عبرة بما خالف ذلك من التقاويم، وأيضاً لا يشترط سماع الأذان بعد تحقيق غروب الشمس.

وأما مسألة الأذان فالأمر فيها أسهل بكثير، وذلك أنه لا خلاف بين أهل العلم أن أول وقت صلاة المغرب غروب الشمس، وأن آخر وقت الصيام غروب الشمس، وعلى هذا يزول الإشكال فالمؤذن إذا أذن لصلاة المغرب فهو إعلام منه بغروب الشمس ودخول الليل، وبالتالي فإن وقت المغرب علامة على دخول الليل وانتهاء وقت الصيام.

والمقصود بهذا أنه لا حرج على الصائمين أن يجعلوا أذان المغرب وقتاً للإفطار، فوقت أذان المغرب وغروب الشمس ودخول الليل واحد، بعضها علامة لبعض، فغروب الشمس علامة على دخول الليل، وأذان المغرب علامة على غروب الشمس.

وينبغي على المؤذنين أن يتحروا أذان المغرب بضبط الوقت بالاستعانة بمراقبة غروب الشمس إن أمكن، وبسؤال من لديه معرفة في هذا الشأن، وكذلك الاستعانة بالتقاويم الموجودة الموثوقة، ومن التيسير اليوم وجود ما يمسى بإمساكية رمضان، وهو عبارة عن تقويم لمدة شهر رمضان يضبط أوقات الصلوات، ويحدد أوقات الأذان والإقامة لكل الفروض، وهو متوفر في كل بلد، وعلى الجهات المسؤولة في هذا الشأن أن تقتني مثل هذا وتوزعه على مساجد المدينة تحت إشراف خبير بأمور التوقيت، والفروق الزمنية بحسب المناطق.

والمهم أن المؤذن يسعى في تحقيق مصلحة الجميع، ويتم ما وكل به على أتم قيام، فالمؤذن مؤتمن.

اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين، وصلِّ اللهم على نبينا وعلى آله وصحبه وسلم.


1 صحيح البخاري: (1818)، وصحيح مسلم: (1841).