موالاة الكـافـرين
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً رسول الله إمام المتقين، صلى الله عليه وسلم تسليماً إلى يوم الدين، أما بعد:
إخواني: إن من أوثق عرى الإيمان، وأعظم درجات الخير هو الحب في الله والبغض في الله، وانطلاقاً من هذا المبدأ العظيم فقد أوجب الله علينا-معشر المسلمين- أن نتميز عن غيرنا من أمم الأرض؛ بما أتم علينا من نعمة، وأكمل لنا من الدين، فله الحمد والمنة.. إن الله –تعالى- أراد من الناس إرادة شرعية يحبها ويرضاها أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ} (23) سورة الإسراء. وقال-صلى الله عليه وسلم-: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً) رواه مسلم من حديث معاذ بن جبل. ولما اقتضت إرادة الله الكونية – أن ينقسم الناس إلى فريقين مؤمن وكافر.. أمر الله عباده المؤمنين أن تكون لهم مع من خالفهم من الكفار مواقف قوية، تدل على معارضة المؤمنين للكافرين، الذين عصوا أمر ربهم وكفروا بآيات الله ورسله، وهذا الموقف يتمثل في العداوة لهؤلاء الكافرين المخالفين لأمر الله –تعالى-..
إن تلك العداوة تشمل العداوة القلبية، والبغض النفسي، والجهاد باللسان والسنان..
ولو نظرنا في تاريخ المسلمين الكبير والممتد مئات السنين، لوجدنا أن ذلك المبدأ قد تحقق في كثير وكثير من مواقفهم، ونفوسهم المتميزة اتباعاً لأمر ربهم… وفي زمان الغربة، زمان التناقضات الفكرية والعقدية والسياسية -هذا الزمن الذي نعيش فيه – حيث تراكمت على كثير من مبادئ الإسلام الصافية كثير من الضلالات والأفكار والبدع، وأكبر هذه الضلالات وأخطر هذه التنازلات والهزائم هي: موالاة الكافرين.. لقد تغير مفهوم العداء للكافر عند المنهزمين ممن يدعون الإسلام، واختلطت عليهم الأمور فما يدرون ما يفعلون!! لقد أصبح همُّ كثير من أبناء جلدتنا أن يفكروا في إرضاء الأعداء بأي وسيلة كانت، فأولاً: أخذوا أفكارهم واقتنعوا بحياتهم التي يرونها، ويرون أن لا مخرج لهذه الأمة إلا بالسير وراء ركب الزيف الغربي، ثم ثانياً: استنكروا واستنكبوا مبادئ دينهم وأخلاقه، وذهبوا ينقدون أقوال العلماء ومذاهبهم ويفسرون الدين على ما تمليه لهم عقولهم الناقصة، ثم ثالثاً: نفذوا تلك الأفكار الملوثة بداء الاستغراب، وطبقوها في واقع حياتهم، ومن ذلك التنفيذ الخطير والشر المستطير، ما تحسه أيها المسلم وما تسمعه أيها المؤمن وما تراه أيها الغيور على دينك وأمتك من عمالة ظاهرة وموالاة فاضحة، لم تتوقف على مجرد الحب القلبي والولاء النفسي الداخلي فحسب، بل الأمر تعدى ذلك إلى تبرير العدوان ومحاربة المؤمنين العاملين للإسلام، وقتل المسلمين في كل مكان، ومحاربة منابع الخير في بلاد المسلمين ابتغاء مرضات الشيطان.
إن الولاء -اليوم-لم يقتصر على مجرد الحب والتقدير والثناء على ثلة هم أبعد الناس عن خلق ومروءة، يتسافدون في والشوارع تسافد الحمر!! في بهيمية لا حدود لها{أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (44) سورة الفرقان. هكذا يصف الله كل كافر محارب لدينه..
فيا للهول! مما دهى كثير من أبناء أمتي.. ينكرون آيات الله تلميحاً أو تصريحاً أو تلويحاً أو واقعاً!
فالله يقول: ((إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ)) وهؤلاء المنهزمون يقولون: هم الذين يمثلون الحضارة الإنسانية التي لم يسبقها مثيل في التاريخ!!
والله يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (51) سورة المائدة، وهم يصرون على موالاتهم ويقولون: تربطنا بهم علاقات السياسية والاقتصاد بل ويقولون: تربطنا بهم علاقات المودة والوثاق!! أيُّ علاقة بينك وبينهم – يا مسلم- وقد قال الله: {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } المجادلة:22 ويقول سبحانه: { لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ( ) إِن يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاء وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ } الممتحنة: 1-2، وأي إسلام سيبقى لك وقد قال الله (ومن يتولهم منكم فإنه منهم)!.
وبعض الناس يبرر ذلك التصرف بالضرورات! لأننا في عصر التعايش السلمي المكذوب، الذي دائماً ما يكون فيه السلام على ظهور المسلمين، أما الكافرين فإنه لا يرضيهم إلا التعايش الحربي والقمعي التدميري!! لماذا دائماً نصدق تلك الشعارات الزائفة، مع أننا نرى بأم أعيننا مخالفتها الواضحة وممارساتها من حرب وقتل وهيمنة ودمار في أرواحنا وأرضنا!!!
أخي:
إنه يجب عليّ وعليك وكل مسلم أن ننظر في أوضاعنا، ونغير ما شوهته تلك العقول من مفاهيم ديننا.. ونسابق ونسارع إلى مرضات الله، بالولاء له وللمؤمنين والعداوة للشيطان وحزبه الكافرين..
أسأل الله أن يصلح أحوالنا وأمورنا.. ولا قوة إلا بالله..