تزويج شاب
الحمد لله رب العالمين،والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله صحبه أجمعين وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أمَّا بعدُ:
إن ديننا الإسلام دين ليس فيه رهبانية، ولكن دين يقوم على إصلاح الفرد والمجتمع، دين لا يقف أما شهوات الإنسان فيكبته ويمنعه منها ويجعله مكتوف الأيدي لا يستطيع أن يعمل شيئاً،لا بل يمنعه من الحرام،ويفتح له طريقاً هي الحلال،يصرف شهوته من خلالها، فهو ينظم المجتمع ويربيه،ويجعله مجتمعاً نزيهاً وبعيداً عن طبقة الحيوان، ويسمو به إلى مكارم الأخلاق إلى الدرجات العالية، حتى يكون في منزلة لائقة، كيف لا وهو دين رب العالمين، الذي اختاره الله لنا، فسعادتنا فيه, وخزينا وذلنا في عدم الأخذ به.
وقد حثنا ديننا الإسلامي على الزواج، ورغب فيه،يقول النبي-صلى الله عليه وسلم-:(يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)متفق عليه.
وقد أنكر النبيُّ-صلى الله عليه وسلم-على أولئك النفر الذين جاؤوا إلى بيته,فقال أحدهم أنه لا يتزوج النساء,وجعل هذا قربة يتقرب بها إلى الله,فقال لهم النبيُّ-صلى الله عليه وسلم-:(أنتم الذين قلتم كذا وكذا،أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له،ولكني أصوم أفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء,فمن رغب عن سنتي فليس مني).[البخاري كتاب النكاح باب الترغيب في النكاح (9/5) رقم (5063)].
وما أكثر الشباب في هذه الأيام الذين قد امتلأت بهم البيوت،والذين يريدون الزواج, ولكن لا يجدون نفقاته،فيجلسون السنوات الطويلة وهم يجمعون تكاليف هذا الزواج، الذي قد أصبح يثقل كواهل الشباب.
ولكن إذا وجد أهل الخير الذين يقدرون وضع هؤلاء الشباب، ويحسون بالآلام التي يعانونها، فيبادرون بإعانتهم على تلك التكاليف؛ حتى يتمكن الشاب من الزواج، فذلك والله خير عظيم، وقد قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (كل معروف صدقة) رواه مسلم.
وما أجمل أن يقف أهل الحي مع شبابهم ويعينوهم على أمور زواجهم,حتى يخلصوهم من تلك المعاناة التي يُعانوها.
فكم في الحي من شباب وشابات كلهم يُريد الزواج،فلو وقف أهلُ كلِّ حيٍّ مع بعضهم البعض,وتكافلوا لما وُجد الشاب الأيم،والشابة العانس، ولما انتشرت المنكرات والفواحش.
فالشباب إذا وقع في المخلفات فالسبب الداعي لهذه الأمور هي الشهوات التي تتأجج ولا تجد سبيلاً لخروجها إلا تلك الأعمال المنكرة.
فحري أن يتعاون الجميع لحل مثل هذه المشاكل ويبذلوا ما بوسعهم لتسهيل أمور الزواج، ويساعدوا الذي لا يقدر عليه حتى يعيش الكل في عيشة هنيئة، وينعم بالراحة والاستقرار، ويكون المجتمع نظيفاً عفيفاً خالياً عما يشوبه.
وبهذا التكافل يحس الشباب بأنهم كيان واحد مع أهل حيهم وأنهم لحمة واحدة، يعطف كل واحد على الآخر، فيعم الخير، ويسود الاستقرار، ويشعر الشاب بأنه ليس وحيداً في هذا المجتمع، بل كل من حوله أخ له.
وفق الله الجميع لكل خير، وجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، والحمد لله رب العالين.