الأذان بغير العربية
الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله – صلى الله عليه وسلم- أما بعد:
فقد اتفق الفقهاء – في الجملة – على أنه يشترط لصحة الأذان والإقامة أدائهما باللغة العربية؛ فلا يصح أدائهما بغير العربية؛ إلا ما روي عن أبي حنيفة – رحمه الله – من جواز ذلك إذا علم أنه أذان وإلا لم يجز1، واشتراط أداء الأذان والإقامة بالعربية هو قول جمهور الحنفية، وظاهر مذهب المالكية2، وهو قول الشافعية، والحنابلة3، إلا أن الشافعية قيدوا هذا الاشتراط في حالة وجود من يحسن العربية؛ فإن لم يوجد من يحسنها صحا، وكذلك إن كان يؤذن أو يقيم لنفسه مع عجزه عن العربية، واستدل على اشتراط اللغة العربية لصحة الأذان والإقامة بما يلي:
1- أن الأذان والإقامة وردا بلسان عربي في الأحاديث الدالة على بدء مشروعيتهما ولم ترد بغير اللغة العربية، ومنها حديث الملك النازل من السماء4.
2- قياساً على أذكار الصلاة5 فكما أنها لا تصح بغير العربية؛ فكذلك الأذان والإقامة؛ لأن كلاً منهما يراد به التعبد6.
وقد سئل فضيلة الدكتور عبد الله العمار: هل يجوز الأذان بغير اللغة العربية أم هو توقيفي باللغة العربية؟
فأجاب:
الذي يظهر أن الأذان توقيفي، ثم إنه من السهولة بمكان أن يعرف ويفهم باللغة العربية، ولهذا ينبغي أن يتقيد بهذه الألفاظ العربية الوارد بها الأذان لما فيها من المعاني العظيمة، ولأنها وردت في الحديث، وأيضاً العمل عليه فيما يظهر لي في جميع أقطار الأرض أنهم يؤدون هذا الأذان باللغة العربية.
وقال: صاحب المطالب "واختير أذان بلال" بن رباح، وهو أول من أذن لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -، "فلا يشرع" أي: لا يصح أذان، "بغير عربية" على الصحيح من المذهب"7.
وقد أفتى بهذا الشيخ عبد السلام العييري فقال: وأما بالنسبة للأذان فلا يجوز أن يكون بغير العربية, وأما خطبة الجمعة ففيها خلاف، ولكن الذي أفتى به بعض أهل العلم ومنهم العلامة ابن عثيمين – رحمه الله تعالى – أنه يجوز أن يخطب الإنسان بغير العربية لأنه لو خطب بالعربية في بلد لا يحسنونها فإنهم لن يستفيدوا من الخطبة.
اللهم وفقنا لكل خير، وادفع عنا كل ضير.
والحمد لله رب العالمين.
1– رد المحتار (ج1ص 383).
2– لم أجد نصاً للمالكية في هذه المسألة، وقياس أصولهم يقتضي ذلك، وذلك لأنهم يشترطون اللغة العربية في تكبيرات الصلاة، وخطبة الجمعة، والدعاء، والحلف، وغيرها فكان اشتراطها في الأذان والإقامة من باب أولى (المدونة ج1 ص184 – مواهب الجليل ج1 ص 515).
3– المجموع (ج3 ص 136)، الإنصاف (ج1 ص385).
4– المقصود به حديث عبد الله بن زيد أنه أري الأذان في المنام … مراقي الفلاح (196- 197).
5– المجموع (ج3 ص 136)، والحاوي الكبير (ج2 ص 58).
6– المنثور في القواعد للزركشي (ج1 ص 165).
7– مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى (2/235).