شروط أهلية الإمام

شروط أهلية الإمام

الحمد لله ما أمَّ إمام بالصلاة، وما طار طائر في سماه, أحمده على نعمائه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله خالق كل شيء بحكمة وإرادة, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صاحب المعجزة العظيمة, وعلى آله وأصحابه الذين امتن الله عليهم برضوانه. أما بعد:

فإن الصلاة عمود الدين، وركنه القويم، حث الشارع على إقامتها، وحذَّر من تركها، والتهاون بها، ودلت النصوص على أرجحية وجوبها جماعة على الأعيان، كما هو قول لطائفة من العلماء.

وقوام صلاة الجماعة إمام ومأموم، وصلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام فحقيقة الائتمام: ربط صلاة المأموم بصلاة الإمام.

والمصلي في الجماعة إماماً كان أو مأموماً يحتاج إلى معرفة الأحكام المتعلقة بالإمامة والائتمام، خاصة الشروط التي يكون الإخلال بها مؤدياً إلى حل الارتباط بين صلاة المأموم والإمام، فلا تحقق أفضيلة الجماعة، وهنا يأتي دور الإمام في المجتمع، فلا شك أنه دور هام، كيف لا وهو يقوم بإمامتهم في الصلاة التي هي أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين، فالإمام هو القائد، والمأمومون تابعون له، والإمام يقوم بالتوجيه والإرشاد لجماعته، بما يلقي من دروس ومواعظ، فلقد كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وخلفاؤه الراشدون يجعلون من المسجد مؤتمراً يجمعون فيه المسلمين ليحصل التشاور بينهم في أمور دينهم وشؤون دنياهم, فيعلمون الناس التوحيد والفقه، ومكارم الأخلاق، مع أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.

فالمسجد في الحقيقة ينبغي أن يكون مقراً دائماً لأهل الحي يجتمعون فيه لعبادة ربهم، ويتشاورون ويتباحثون فيما يعود عليهم بالخير والنفع، فالمسجد عام لكل مسلم لا فرق بين غني وفقير, ولا بين صغير وكبير, ولا بين عبد وحر, فالناس فيه سواسية ويكون الموجه فيه هو الإمام.

وإليك أخي القارئ بعض الشروط التي يقدم بها الإمام في الصلاة بالناس:

1. الشرط الأول: العقل: فلا تصح إمامة المجنون إذ لا يعتد بصلاته، نعم لو كان له حالة جنون وحالة إفاقة أو حالة إسلام وحالة رده واقتدى به غيره ولم يدر في أي حالية صلى فلا إعادة عليه، لكن يستحب (أي الإعادة) قاله في الروضة(1)

2. الشرط الثاني: الإسلام: فلا تصح إمامة الكافر المعلن لكفره، كاليهودي والنصراني لنقصه بالكفر فإذا صلى خلفه جاهلاً بكفره، فإن كان متظاهراً بكفره كيهودي ونصراني ومجوسي ووثني وغيرهم لزمه إعادة الصلاة بلا خلاف عند الشافعية.(2)

3. الشرط الثالث: التمييز: وقد اختلف في حد المميز، فقيل: هو ابن سبع سنين، وقيل البلوغ. وقيل: حيث يأكل وحده ويشرب وحده، ويستنجي وحده، وهذا مذهب الشافعية.(3)

4. الشرط الرابع: الذكورية فيمن أمَّ برجل أو خنثى. أي أنه يشترط في الإمامة أن يكون ذكراً إذا أم بذكر ولو صبياً، أو بخنثى، فلا يصح اقتداء رجل ولا خنثى بامرأة ؛ لأن المرأة ناقصة عن الرجل.(4)

5. الشرط الخامس: أن يعرف الإمام أركان الصلاة وشروطها بحيث لا يقصد بفروض الصلاة أنها نفلاً أو العكس.

6. الشرط السادس: ألا يكون الإمام أخرس؛ لأنه لا يمكن الجهر بالقراءة في الصلاة الجهرية، وكذا لعدم الاستطاعة على التكبير في أركان الصلاة.

7. الشرط السابع: ألا يرتكب الإمام بدعة يكفر بها، كبدعة الروافض الجعفرية من الشيعة الإمامية الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر، بل يصرحون به في كثير من الأحيان، كاتهام القرآن بالنقص أو الحط من أصحاب محمد والطعن في تدينهم، وتكفير أكثرهم، وكبدعة الصوفية الباطنية الذين يؤولون ظواهر القرآن كلها، ويفسرونها بتفسيرات غريبة مخالفة لإجماع المسلمين كفعل ابن عربي – قبحه الله – في كتابه الفتوحات المكية وغيرها من البدع المكفرة.(5)

وهناك أمور يستحب للإمام القيام بها أثناء تأديته للصلاة:

1.   أن يكون صوته حسناً .

2.   الظهور بالمظهر اللائق أمام الناس نظافة وسمتاً .

3.   التخلق بأخلاق الإسلام  والتأدب بآدابه مع كل  الناس.

4.   ذكر عن بعض السلف أنه يكره للإمام الصلاة ورأسه مكشوف، لذا يستحب تغطية الرأس أثناء الصلاة.

5. يستحسن ربط علاقات مع المأمومين انطلاقاً من حديث: (( المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم)) فهذا يدل على حسن الخلطة، وأن العزلة لا تكون إلا أيام الفتن والمحن.

6.   يستحسن تذكير الناس بما يجهلون من أمور الصلاة, وقد يكون هذا البيان واجباً، لا يجوز تأخيره..

7. اختيار الآيات التي تناسب الأحداث والوقائع، مع أن القرآن كله كلام الله أفصح ما نطق به لسان، وما وعاه جنان، وما قرأه إنسان، وما خطته بنان. لكن يحسن أن يعطي كل مقام مقالاً يناسبه، كما كان النبي – صلى الله عليه وسلم- يقرأ في أحايين كثيرة بآيات أو سور تناسب المقام كقراءة سورة (سبح اسم ربك الأعلى) ( والغاشية) لما فيها من الأمر بالتذكير (فذكر) مناسبة ليوم الجمعة لما فيها من تذكير الناس..


1– انظر روضة الطالبين 1/353.

2– انظر المجموع 4/251.

3– انظر المجموع (1/248).

4– انظر المجموع (1/248).

5 – غاية المرام في شرح شروط المأموم والإمام – تأليف شمس الدين محمد بن أحمد الرملي الشافعي – تحقيق مساعد بن قاسم الفالح –وكذلك تمت الاستفادة من كتاب أحكام الإمامة والائتمام في الصلاة – تأليف عبد المحسين بن محمد المنيف- الطبعة الثانية