المسجد والمجتمع
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد الصادق الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن المسجد يجمع فئات كثيرة من الناس، الكبير منهم والصغير، والغني والفقير، والعالم والمتعلم، فيجتمع في المسجد الواحد فئات مختلفة في أعمالهم، ووظائفهم، وأحوالهم، ومع هذا الاختلاف فهم يقفون متراصين تتساوى في الصف المناكب، وتتحاذى الأقدام، فلا يتقدم عليهم الغني لغناه، ولا الشريف لشرفه، ولا يتأخر الفقير لفقره، يقفون خلف إمام واحد خاشعين، خاضعين لله رب العالمين، من عبوديتهم لله تنبع حريتهم، ومن تذللهم له تصدر عزتهم وكرامتهم، ومن تواجدهم في المسجد يشعرون بأخوتهم، وأنه لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى، تتعمق بينهم معاني المساواة والأخوة، فالجميع إخوة صورتهم كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد السهر، والحمى(1)، يحب لأخيه ما يحب لنفسه، ويتألم لما يتألم له أخاه.
والمسجد وسيلة للتعارف بين المسلمين، وتفقد أحوالهم، والقيام بحقهم، ومشاركتهم أفراحهم وأتراحهم، فمنه يعاد المريض، ومنه تلبى دعوة الداعي، ومن خلاله يعان المحتاج، ويتصدق على الفقير، فهو الجامعة التي يتردد عليها أصحاب القلوب الطاهرة، يؤدون فيها طاعتهم لربهم، ورسالتهم نحو تلك البيوت الطاهرة، وواجبهم تجاه أنفسهم، وإخوانهم.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخر حسنة، وقنا عذاب النار، اللهم أصلح أحوال المسلمين، اللهم صل وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
1– متفق عليه.